يأتي الانقلاب في السودان وسط مخاوف أوسع نطاقًا من أن أفريقيا تشهد عودة إلى التدخل العسكري المنتظم في السياسة المدنية؛ فبعد "الانتقال بمساعدة الجيش" في زيمبابوي عام 2017، تمت إزالة الحكومات في العامين الماضيين عن طريق الانقلابات في تشاد ومالي (مرتين) وغينيا والآن السودان، كما أفادت الحكومات هذا العام بوقوع محاولات انقلاب فاشلة أو مؤامرات في مدغشقر والنيجر وغينيا-بيساو.
في هذا الإطار، يزيد التأثير المشترك من خطر التدخل العسكري لأربعة عوامل: التراجع الديمقراطي من قبل الحكومات المدنية، والأزمات اقتصادية، والأزمات الأمنية، وتضاؤل الرغبة الدولية لإدانة الانقلابات بشدة ومعاقبة مدبريها، ما يقلل من تكاليف الانقلاب العسكري.
وبناءً على ما سبق، لا يُتوقع أن تمهد الطغمة العسكرية في القارة، التي زادت واحدة، الطريق لحكومة أكثر ديمقراطية؛ فبدلًا من ذلك، سيسعون إما إلى التمسك بالسلطة أو الاحتفاظ بنفوذ كبير في حكومات ما بعد الانتقال، ولن تؤدي الظروف السياسية في البلدان المعرضة للانقلاب إلى ترسيخ الديمقراطية.
في السودان، ستقود الاحتجاجات واسعة النطاق، إضافةً إلى المفاوضات المتوقفة مع القادة المدنيين المخلوعين والضغط الدولي المستمر، إلى الحدّ من خيارات الجيش في الحكم بعد الانقلاب، ما يفتح الباب أمام تسوية سياسية. فمن المرجح أن يتوصل "البرهان" في نهاية المطاف، و"ظهره إلى الحائط"، إلى تسوية مع القادة المدنيين، لكن أمورًا مثل الجدول الزمني والتنازلات المرتبطة به وتشكيل الحكومة المقبلة لا تزال غير واضحة. على الجانب الآخر، وبالنسبة للعديد من المواطنين السودانيين، فقد أظهر الانقلاب الأخير أن التحالف العسكري-المدني، الذي أقيم في أعقاب الإطاحة بنظام "البشير"، فشل في حماية حقهم في أن يكون لهم صوت في الحكومة. ونظرًا لهذا الفشل، قد تطالب الحركة المؤيدة للديمقراطية الجيش بتسليم كل سلطاته الحاكمة إلى حكومة انتقالية مدنية حتى إجراء الانتخابات المقبلة.
إن اتفاق تقاسم السلطة في تشرين الأول/ أكتوبر 2020 ينص أيضًا على أن تشمل الحكومة الانتقالية قادة المتمردين السابقين، الذين دعموا الانقلاب العسكري، وهو من شبه المؤكد أن "حمدوك" وحلفاءه يرفضونه، لكن من ناحية أخرى، لا يستطيع "البرهان" تشكيل حكومة انتقالية دون دعم الجماعات المتمردة، مثل "حركة العدل والمساواة" (JEM) أو "حركة تحرير السودان – ميناوي" (SLM-M)، ما يحد من موقفه التفاوضي.
ذا أكسفورد أنالاتيكا + ستراتفور