رغم أن مقتل زعيم تنظيم داعش "عبد الله قرداش" إنجاز كبير ولا ينبغي التقليل من شأنه، إلا أنه وعلى عكس العديد من الجماعات الجهادية الأخرى، لا يستند تنظيم "داعش" في جاذبيته إلى الشخصيات الفردية؛ إذ إنه لا يروج لزعيم واحد يتمتع بشخصية كاريزمية يُقال إن له صفات فريدة، بل يروج لمفهوم الدولة أو ما يسمى "الخلافة". فيبدو أن "داعش" كان قادرًا على الحفاظ على رسالة متماسكة وعلى التجنيد، وإن كان بدرجة أقل بكثير مما كان عليه قبل هزيمته الإقليمية في العراق وسوريا. فمنذ تلك الهزيمة، كانت القيادة العليا للتنظيم تصدر في الأساس توجيهات استراتيجية واسعة للجماعات التابعة له، والمتعاطفين معه في جميع أنحاء العالم، من خلال رسائلهم عبر الإنترنت، بدلًا من القيادة والسيطرة اليومية. ومن المرجح أن تستمر شبكات التنظيم في العراق وسوريا في سعيها لبناء القدرات وتقويض السلطات المحلية، حتى تسمح الظروف لها بالنمو مرة أخرى.
جدير بالذكر أن "داعش" يقود بشكل رسمي شبكة مما يسميه "الأقاليم" التي تنشط في عدة قارات، أهمها "تنظيم الدولة الإسلامية" - ولاية غرب أفريقيا "ISWAP" شمال شرق نيجيريا، وولاية خراسان الإسلامية في أفغانستان وباكستان، و"تنظيم الدولة الإسلامية" - ولاية الصحراء الكبرى في منطقة الساحل، و"ولاية سيناء الإسلامية" في مصر، إضافةً إلى مجموعة متنوعة من الجماعات توحدت تحت راية "الدولة الإسلامية" بولاية وسط أفريقيا، كما تتضمن شبكته أيضًا كيانات أصغر في أماكن أخرى.
عمليًا، تتمتع فروع التنظيم بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي، حيث يتخذ معظم قادة الفروع قراراتهم بناءً على تقييمهم للظروف المحلية؛ وفي حين كانت تتماشى مع التوجهات الاستراتيجية المركزية للتنظيم بشأن إنشاء دول إسلامية محلية وأولوية مهاجمة الأجانب وغير المسلمين، فإنها لا تحتاج إلى تلقي أوامر محددة من القائد الأعلى، على سبيل المثال، شن هجمات محددة، هذا بينما تواجه قيادة التنظيم العالمية بالمقابل مقاومة من قادة محليين في بعض الأحيان.
بناءً على ما سبق ولهذه الاعتبارات، سيكون تأثير مقتل "قرداش" محدودًا، كما جرى في أعقاب مقتل "أبو بكر البغدادي"؛ إذ يُرجّح أن تؤكد جميع الفروع علنًا ولاءها لأي زعيم جديد للتنظيم بسرعة، لكن من غير الواضح حاليًا ماذا سيعني القسَم في الواقع.
ذا إنترناشيونال كرايسيز جروب