مرصد التنبؤات الغربية 07 مارس 2022

الساعة : 04:56
7 مارس 2022
مرصد التنبؤات الغربية 07 مارس 2022
الاتحاد الأوروبي سينتظر نتائج الانتخابات التركية ولن يتخذ أي إجراءات تجاه أنقرة قبل ذلك الاستحقاق

اتخذت العلاقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي خطوات إلى الوراء لأسباب مختلفة، منذ محاولة الانقلاب التي وقعت في البلاد في تموز/ يوليو عام 2016، حيث ظل هذا الاتجاه دون تغيير رغم الجهود التي بُذلت لعكس مساره. ويبدو أن الاتحاد الأوروبي ينتظر رؤية نتائج الانتخابات الرئاسية في تركيا، التي ستجري في حزيران/ يونيو 2023 على أبعد تقدير، ولا ينوي اتخاذ أي إجراء حتى ذلك الحين، وهذا ما تؤكده الفقرات التسع المخصصة للبلاد في استنتاجات المجلس الأوروبي في كانون الأول/ ديسمبر 2021. وخلاصة القول إن تركيا تتعرض لانتقادات شديدة ويُلقى عليها عبء تصحيح الوضع.

وقد تم أخيرًا ذكر تركيا كمرشح (للانضمام إلى الاتحاد) بعد أن تجنب الاتحاد الأوروبي فعل ذلك في استنتاجات المجلس الأوروبي على مدى السنوات العديدة الماضية. ورغم ذلك، وبخلاف النقد المعتاد لأمور مثل الحقوق الأساسية، وحرية التعبير، وقضية قبرص ومسائل أخرى، فقد تم تجميد عملية الانضمام. ولم تذكر استنتاجات كانون الأول/ ديسمبر حتى إعفاء التأشيرات للمواطنين الأتراك، ولا يزال تحديث الاتحاد الجمركي يواجه عقبات، ولا زالت العلاقة تنزلق إلى ما يمكن وصفه بأنه مجرد معاملات.

في هذا الإطار، يبدو أن الاتحاد الأوروبي يعتقد، لأول مرة منذ سنوات عديدة، أن الانتخابات الرئاسية المقبلة قد تحدث تغييرًا في تركيا، حيث يُتوقع أن يقل التوتر ويزداد التقدم في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي مع تغير السلطة في أنقرة. ومع ذلك، ستستمر القضية القبرصية على حالها، ما يجعل من الصعب أن تصل العلاقات إلى مستوى.

أما إذا لم تؤد الانتخابات الرئاسية المقبلة إلى تغيير في السلطة، وهو احتمال يجب أن يؤخذ في الاعتبار بالتأكيد، فسيتعين على الاتحاد الأوروبي إعادة التفكير في سياسة "الانتظار والترقب"، إذا ظل على موقفه الحالي، حيث سيتضرر كلا الجانبين في النهاية، إذ إن هناك نقصًا كبيرًا في الثقة. وفي هذه الحالة، فإن القضية الوحيدة التي يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على العلاقة هي الاتحاد الجمركي. وأيًّا كانت الحكومة التي سيتم تشكيلها بعد الانتخابات، فإن قضية قبرص ستكون النقطة الشائكة الرئيسية، وبالتالي ولتحسين العلاقات في ظل استمرار الحكومة الحالية، على الأقل إلى حد ما كما أسلفنا، سيكون من الحكمة أن يزيل الاتحاد الأوروبي شروطه السياسية المسبقة لتحديث الاتحاد الجمركي.

ذا جيرمان مارشال فاند أوف ذا يوناتيد ستيتس

الغزو الروسي لأوكرانيا والاستجابة الغربية غير الكافية للأزمة قد يشجع الصين على غزو تايوان

دعت رئيسة جزيرة تايوان، تساي إنغ ون، في الـ23 من شباط/ فبراير إلى تجديد اليقظة الأمنية في بلادها استجابةً للأزمة الأمنية بين روسيا وأوكرانيا، وذلك وسط مخاوف من هجوم محتمل للصين في ظل الأحداث والتوترات القائمة. من جهتهم، بحث المسؤولون في تايوان إمكانية فرض عقوبات على روسيا، والتي قد تشمل حظر تصدير "أشباه الموصلات "إلى السوق الروسية. وبالنظر إلى النقاط الأساسية المتعلقة بالسيادة والتي تشكل إطار الأزمة الأوكرانية الروسية، فإن تايوان قد تواجه سيناريو مشابه.

رغم ذلك، يحمل الصراع الروسي الأوكراني بعض الافتراضات الخطيرة لتايوان، وفي حال استغلت الصين انشغال العالم بالغزو الروسي وقررت مهاجمة الجزيرة، فإن التفسير المحتمل سيكون أن الاستجابة الغربية غير الكافية لأزمة أوكرانيا إشارة إلى عدم التزام الولايات المتحدة أو غيرها، بالتوسط في حالة غزو تايوان. كما إن نشر القوات الدفاعية الأمريكية بشكل ضئيل في أوكرانيا يعطي انطباعًا بأن القوى الأجنبية ممتدة بشكل متواضع في العالم، ما يوفر للصين نافذة مثالية لهجوم بري وبحري.

على صعيد آخر، يبقى احتمال الغزو من جهة المضيق منخفضاً إجمالًا؛ حيث ستحافظ الولايات المتحدة على موقفها الغامض رسميًا تجاه تايوان. وقد حافظت تايوان على دفء العلاقات السياسية الأمريكية خلال السنوات العديدة الماضية، وهو ما سيرجح احتمال التدخل الأمريكي المستقبلي.

وتشير التوقعات إلى أن أكبر المحفزات لحرب عبر المضيق بين الصين وتايوان، ستكون مرتبطة بشكل أساسي بصدام بين الطائرات المقاتلة الصينية والتايوانية، أو تحركات الصين ضد ممتلكات تايوان في بحر الصين الجنوبي، والتي يمكن أن يتحول أي منهما إلى صراع أكبر. مع ذلك، يزداد خطر نشوب صراع خلال العقد المقبل تزامنًا مع تحوّل هياكل القوة العالمية وتعميق المشاعر المؤيدة لاستقلال تايوان.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيتي

تصاعد عمليات الاستيطان سيفاقم أزمة شرعية السلطة ويؤدي إلى زيادة الاحتجاجات في الضفة

تشير التحليلات إلى أن تصاعد أعمال العنف بين المستوطنين اليهود اليمينيين والفلسطينيين يزيد من قلق الحكومة "الإسرائيلية"، التي شكلت فرقًا عسكرية خاصة لتسيير دوريات في المناطق التي يمكن أن تندلع فيها أعمال عنف، بينما تستمر هجمات المستوطنين على مزارع الفلسطينيين، ما يجعل المنطقة بؤرة ساخنة تزداد خطورة.

ورغم أن قرار المحكمة الأخير في الـ22 من شباط/ فبراير الماضي، والذي قضى بتجميد إخلاء عائلة فلسطينية في حي الشيخ جراح، قد يهدئ التوترات في الوقت الحالي، إلا أن خطر تجدد الصراع بين "الإسرائيليين" والفلسطينيين، على غرار حرب غزة في أيار/ مايو 2021، من المرجح أن يرتفع إذا استمرت عمليات الإخلاء والتوسع الاستيطاني في المنطقة وأحياء القدس. كما إن زيادة البناء الاستيطاني في فلسطين، والذي لن تتمكن السلطة الفلسطينية من إيقافه، سيؤدي إلى تفاقم أزمة شرعية السلطة نفسها. وستؤدي هذه العوامل جميعها في نهاية المطاف إلى زيادة الاحتجاجات في الضفة الغربية ضد قيادة السلطة الفلسطينية خلال عام 2022.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيتي

تأثير مقتل زعيم "داعش" في إدلب سيكون محدودًا بالنسبة للتنظيم

رغم أن مقتل زعيم تنظيم داعش "عبد الله قرداش" إنجاز كبير ولا ينبغي التقليل من شأنه، إلا أنه وعلى عكس العديد من الجماعات الجهادية الأخرى، لا يستند تنظيم "داعش" في جاذبيته إلى الشخصيات الفردية؛ إذ إنه لا يروج لزعيم واحد يتمتع بشخصية كاريزمية يُقال إن له صفات فريدة، بل يروج لمفهوم الدولة أو ما يسمى "الخلافة". فيبدو أن "داعش" كان قادرًا على الحفاظ على رسالة متماسكة وعلى التجنيد، وإن كان بدرجة أقل بكثير مما كان عليه قبل هزيمته الإقليمية في العراق وسوريا. فمنذ تلك الهزيمة، كانت القيادة العليا للتنظيم تصدر في الأساس توجيهات استراتيجية واسعة للجماعات التابعة له، والمتعاطفين معه في جميع أنحاء العالم، من خلال رسائلهم عبر الإنترنت، بدلًا من القيادة والسيطرة اليومية. ومن المرجح أن تستمر شبكات التنظيم في العراق وسوريا في سعيها لبناء القدرات وتقويض السلطات المحلية، حتى تسمح الظروف لها بالنمو مرة أخرى.

جدير بالذكر أن "داعش" يقود بشكل رسمي شبكة مما يسميه "الأقاليم" التي تنشط في عدة قارات، أهمها "تنظيم الدولة الإسلامية" - ولاية غرب أفريقيا "ISWAP" شمال شرق نيجيريا، وولاية خراسان الإسلامية في أفغانستان وباكستان، و"تنظيم الدولة الإسلامية" - ولاية الصحراء الكبرى في منطقة الساحل، و"ولاية سيناء الإسلامية" في مصر، إضافةً إلى مجموعة متنوعة من الجماعات توحدت تحت راية "الدولة الإسلامية" بولاية وسط أفريقيا، كما تتضمن شبكته أيضًا كيانات أصغر في أماكن أخرى.

عمليًا، تتمتع فروع التنظيم بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي، حيث يتخذ معظم قادة الفروع قراراتهم بناءً على تقييمهم للظروف المحلية؛ وفي حين كانت تتماشى مع التوجهات الاستراتيجية المركزية للتنظيم بشأن إنشاء دول إسلامية محلية وأولوية مهاجمة الأجانب وغير المسلمين، فإنها لا تحتاج إلى تلقي أوامر محددة من القائد الأعلى، على سبيل المثال، شن هجمات محددة، هذا بينما تواجه قيادة التنظيم العالمية بالمقابل مقاومة من قادة محليين في بعض الأحيان.

بناءً على ما سبق ولهذه الاعتبارات، سيكون تأثير مقتل "قرداش" محدودًا، كما جرى في أعقاب مقتل "أبو بكر البغدادي"؛ إذ يُرجّح أن تؤكد جميع الفروع علنًا ولاءها لأي زعيم جديد للتنظيم بسرعة، لكن من غير الواضح حاليًا ماذا سيعني القسَم في الواقع.

ذا إنترناشيونال كرايسيز جروب

تركيا ستقاوم الانضمام إلى حملة المقاطعة الغربية ضد روسيا وإجراءاتها ضد الأخيرة ستبقى رمزية

بدافع حاجتها للحفاظ على علاقات مستقرة مع روسيا، ستقاوم تركيا الضغط للانضمام إلى حملة العزلة التي يشنها حلف "الناتو" ضد موسكو ردًا على غزوها لأوكرانيا. بالمقابل، تواجه علاقات تركيا المتوترة تاريخيًا مع روسيا اختبارًا جديدًا؛ حيث تغزو القوات العسكرية الروسية أوكرانيا ويصطف حلفاء أنقرة الغربيون لعزل ومعاقبة موسكو، في حين تعتمد تركيا على السياح الروس والطاقة والعلاقات الدبلوماسية الجيدة، كما إنها لا تزال مهتمة بتنويع العلاقات الدفاعية بعيدًا عن "الناتو". وقد ترك كل ذلك تركيا مترددةً في تبني استراتيجية العقوبات الغربية، مع تجنب أنقرة حتى الآن اتخاذ إجراءات مباشرة لتقليص العلاقات الاقتصادية الروسية.

في الـ27 من شباط/ فبراير، قالت تركيا إنها ستسن أحكامًا لمعاهدة مونترو لعام 1936، تسمح لها بإغلاق مضايقها الرئيسية أمام الدول المنخرطة في المعركة. ومع ذلك، التزمت أنقرة بشروط المعاهدة التي تسمح للسفن الحربية الروسية بالمرور للعودة إلى قواعدها، وهو ما يجعل هذه الخطوة غير فعالة في تغيير الديناميات تجاه استمرار حملة موسكو العسكرية، هذا إضافةً إلى حقيقة أن السفن الروسية اللازمة للغزو كانت في مواقعها بالفعل. وطالما لم تستفز موسكو أنقرة مباشرةً بطريقة ما، فمن المرجح أن تظل الإجراءات التي تتخذها تركيا ضد روسيا رمزية إلى حد كبير.

وفي محاولة منها لتجنب الانتقام الروسي وإظهار استقلالها عن "الناتو"، لن تمنع تركيا النشاط العسكري الروسي بالكامل في البحر الأسود، أو تقطع العلاقات الاقتصادية مع موسكو، أو تنضم إلى العقوبات الغربية التي تهدف لعرقلة الأعمال الروسية دوليًا. ومع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، يُرجّح أن يزيد الحلفاء الغربيون من ضغط عقوباتهم والعزلة الاقتصادية لروسيا، ومحاولة دفع تركيا للانضمام إلى الحملة.

كما يُتوقع أن تقاوم أنقرة الدعوات إلى قطع جميع العلاقات الدفاعية مع روسيا، مثل تفكيك منظومة الدفاع الصاروخية الروسية "S-400" التي تسلمتها تركيا، خشية أن تقوّض مثل هذه الخطوة مساعي تركيا للاستقلال عن النفوذ الغربي.

ورغم ذلك، فإن حسابات تركيا بشأن الانضمام إلى حملة العزلة التي يقودها الغرب ستتغير، ردًا على الاستفزازات الروسية المحتملة، سواءً كانت تلك ضربات عرَضية على الشحن التركي في البحر الأسود، أو إلحاق الضرر بالمدنيين الأتراك في الخارج، أو اندلاع جديد للقتال في سوريا بين المعارضة السورية المدعومة من تركيا والقوات الروسية.

وبينما تقوم القوات السورية وحلفاؤها بتحركات استفزازية بالقرب من الأراضي التي تسيطر عليها تركيا، لتذكير أنقرة بقدرتهم على التصعيد السريع، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية سيزيد من عدم الاستقرار في الأراضي السورية التي تسيطر عليها تركيا وتلك التي تسيطر عليها الحكومة كذلك. ورغم ذلك، يمكن أن تتصاعد هذه الهجمات وتجذب تركيا وروسيا إلى اتجاهين متعارضين، ما يدفع تركيا إلى الاقتراب أكثر من حملة العزلة الغربية لروسيا.

ستراتفور

السعودية والإمارات قد تشنان حملة تضليل لزعزعة سمعة قطر إلا أن تأثيرها سيكون ضعيفاً

إن تصنيف قطر الجديد كحليف للولايات المتحدة من خارج حلف "الناتو" سيساعد في حمايتها من الضغوط السعودية أو الإماراتية، فضلًا عن تحفيز الرياض وأبو ظبي على تعديل سياساتهما للحصول على التصنيف نفسه. ورغم ذلك، قد يتخذ أي رئيس أمريكي جديد قرارًا عكسيًا ويجعل الدوحة عرضة للخطر مرة أخرى. يذكر أنه خلال زيارة رسمية مع أمير قطر في الـ31 من كانون الثاني/ يناير، أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أنه سيبلغ الكونجرس قريبًا بأن الولايات المتحدة ستصنّف تلك الدولة الخليجة (قطر) كحليف رئيسي من خارج الناتو "MNNA"، وهو تصنيف دبلوماسي وقانوني يوفر التدريب والتعاون الدفاعي والبحوث العسكرية.

بالمقابل، ورغم أن استئناف الحصار يبدو غير مرجح على المدى القريب، إلا أن الرياض وأبو ظبي قد تتجهان لشن حملات تضليل أو مقاطعة أو تباطؤ في معالجة التأشيرات كما جرى قبل الحصار، لمحاولة زعزعة سمعة قطر واقتصادها، لا سيما أثناء مباريات كأس العالم التي ستستضيفها الدوحة نهاية هذا العام. لكن في حالة ظهورها، من المرجح أن تكون حملات الضغط هذه ضعيفة بعد تحرك الولايات المتحدة لتحديث نظرتها الاستراتيجية لقطر؛ إذ لا تريد السعودية ولا الإمارات استفزاز الولايات المتحدة، لأنهما ما زالتا تسعيان إلى حمايتهما ضد إيران، وإلى التعاون ضد التهديدات الأخرى مثل هجمات الحوثيين في اليمن.

ورغبةً في الحصول على التصنيف نفسه، ستتجه كل من الإمارات والمملكة إلى مزيد من تعديل سياساتهما لتلبية توقعات الولايات المتحدة، مثل إبقاء التوترات مع قطر في مستوى منخفض، ودعم الجهود الأمريكية لإعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي الإيراني، وتجنب تعميق العلاقات مع الصين (منافِسة واشنطن)، وتجنب انتهاكات حقوق الإنسان في الداخل والخارج، ودعم أهداف الولايات المتحدة لتهدئة الحرب الأهلية في اليمن.

ستراتفور

العلاقات السعودية الإماراتية ستزداد توترًا مع توجّه الرياض لاعتماد القطاع البحري في تنويع اقتصادها

بدأت العلاقات السعودية الإماراتية تأخذ "طابعًا جديدًا" يتسم بتراجع التنسيق في السياسات الإقليمية وزيادة المنافسة الاقتصادية؛ حيث يتنافس البلدان على النفوذ ويواصلان استراتيجيات التنويع، ويتخذ كل منهما لنفسه موضعًا يمكّنه من الاستفادة من بروز الصين كقوة عالمية. ففي رسم مساراتهما للمستقبل، أصبح البلدان على حد سواء ينظران إلى القطاع البحري كمساهم رئيسي في عملية التنويع الاقتصادي؛ حيث يقع كلاهما عند نقطة الارتباط بين الشرق والغرب، ويهدف كل منهما إلى أن يصبح مركزًا تجاريًا عالميًا مزدهرًا. وهذه أهداف تتوافق بشكل كبير مع طموح الصين في إنشاء طريق الحرير البحري في القرن الـ21، وقد أدى هذا التوافق في المصالح بين الصين وشريكيها الخليجيين العرب بالفعل إلى ظهور أوجه للتضافر في مجال الشحن والخدمات اللوجستية.

في الوقت الحالي، يبلغ حجم حركة الحاويات في المنطقة التي تتعامل معها الموانئ في الإمارات ما يقرب من ضعف حجم ما تتعامل معه السعودية، وهي هيمنة من غير المرجح أن تتخلى عنها الإمارات في الوقت القريب. ورغم ذلك، ومع استمرار المملكة في المضي قدمًا في أجندتها البحرية، يُتوقع أن تتضاءل ميزة الإمارات من حيث القدرات وحصص السوق والاستثمارات الدولية والعلاقات التجارية، ويُرجّح أن تلعب المشاركة التجارية الصينية دورًا رئيسيًا في تطور هذا السباق.

من جهة أخرى، يسعى كلا البلدين إلى خفض التكاليف التشغيلية وتسهيل عمليات التسليم بشكل أسرع، الأمر الذي سيقودهما بلا شك إلى اعتماد تقنيات الموانئ الذكية، وتكامل سلسلة الموانئ من خلال منصات رقمية، ما يخلق المزيد من فرص التعاون مع الصين. وخلال السعي لمثل هذا التعاون، سيجد البلدان نفسيهما دون شك يتنافسان لكسب تأييد الصين.

ميدل إيست إنستيتوشن

نجاح المبادرات الدبلوماسية القطرية مع إيران سيجعل من الدوحة مركزًا للدبلوماسية الإقليمية

استقبل أمير قطر، تميم بن حمد، في الـ20 من شباط/ فبراير نظيره الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في الدوحة في زيارة استمرت يومين، حيث عقد الأخير والوفد المرافق له خلال الزيارة اجتماعات مع نظرائهم القطريين. ورغم أن علاقات قطر القوية مع إيران كانت أحد أسباب مقاطعة الخليج لها التي استمرت ثلاث سنوات ونصف، إلا أن الدولة الخليجية الصغيرة استطاعت تعميق العلاقات مع إيران، والتي من المتوقع أن تظل قوية بعد رفع الحصار في كانون الثاني/ يناير 2021.

من الناحية الدبلوماسية، فإن التحسن في العلاقات السعودية الإيرانية، بوساطة قطرية، من شأنه أن يعزز جهود التهدئة والمفاوضات الأخيرة التي تُبذل في جميع أنحاء المنطقة، رغم أن التقارب الفوري بين السعودية وإيران غير محتمل لا سيما مع استمرار الأزمة اليمنية. ورغم ذلك، فإن المبادرات الدبلوماسية القطرية الجديدة ستعزز طموحات الدولة الخليجية الصغيرة، أن تصبح مركزًا للدبلوماسية الإقليمية، وقد مكّنت الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة قطر من الاستفادة من نهجها التقليدي في السياسة الخارجية، المتمثل في الحفاظ على شبكة من التحالفات المتضاربة أحيانًا.

أما على الصعيد السياسي، فقد وافقت كل من الدوحة وطهران على إجراء مشاورات بشأن القضايا الإقليمية، والتي من المرجح أن تعزز التعاون في مسائل السياسة الخارجية بين الجارتين. كما وقعت الدولتان على مذكرة تفاهم بشأن التدريب الدبلوماسي، ووافقتا على إلغاء متطلبات التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية.

أخيرًا، يؤكد التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم الترجيحات بأن علاقات قطر مع إيران ستزدهر أكثر حتى بعد رفع المقاطعة؛ حيث يتماشى دور قطر الواضح كوسيط بين إيران والخليج وبين إيران والولايات المتحدة، مع التوقعات بأن الدوحة ستسعى للاستفادة من تحالفاتها العديدة من أجل تخفيف التوترات بين إيران وخصومها.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيتي

نسبة توقيع الاتفاق النووي الايراني ترتفع ومن المرجح أن يكون هناك حل وسط بشأن العقوبات

ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، في خطابه في الـ19 من شباط/ فبراير الماضي،  في مؤتمر ميونيخ الأمني ​​بألمانيا، مصطلح "الضمانات الأساسية" اللازمة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015. يمثل هذا الحديث تراجعًا محتملًا عن طلب إيران السابق ضمانًا أمريكيًا قانونيًا بأنها لن تترك الصفقة مرة أخرى، وبالتالي ورغم أن احتمال التوصل إلى صفقة لا يزال غير معروف، إلا أنه من المرجح حدوث هذه الصفقة بنسبة أعلى مما سبق.

إن حاجة إيران إلى ضمانات قانونية أمريكية كانت بمثابة خط أحمر، لكن من الناحية القانونية كان الأمر بالنسبة للولايات المتحدة أشبه بالمستحيل؛ حيث يتطلب الضمان القانوني المصادقة على أي صفقة كمعاهدة رسمية من قبل الكونجرس الأمريكي، ولا يوجد دعم كاف للقيام بذلك. كما تجدر الإشارة إلى أن استخدام "خطيب زاده" مصطلح "الضمانات الأساسية" كان مهمًا، ويختلف اختلافًا كبيرًا عن مطالبة بلاده بالضمان القانوني الأمريكي، ما يشير إلى أن المفاوضين الإيرانيين في طريقهم للتوصل إلى حل وسط يتعلق بالخطوط الحمراء.

لكن إدارة "بايدن" تعتبر الصفقة الطريقة الوحيدة القابلة للتطبيق لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، كما إن الأزمة الروسية الأوكرانية تتطلب اهتمامًا وموارد أمريكية، ما يجعل إدارة "بايدن" تتوجه لتقديم تنازلات لإنجاز صفقة.

رغم توقعات سابقة تشير إلى أن انعقاد الصفقة يعتبر مستحيلًا في ظل إصرار إيران على الضمان القانوني، إلا أن مفهوم "الضمانات المتأصلة" أو "الضمانات الأساسية" هو محاولة لإيجاد طريقة للتغلب على تلك الخطوط الحمراء. مع ذلك، لا تزال هناك نقاط شائكة رئيسية أخرى، لا سيما فيما يتعلق بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على طهران منذ عام 2018. في هذا  الإطار، تشير التحليلات إلى أن كلا الجانبين يرغب في الصفقة، وبالتالي يُرجح أن يكون هناك حل وسط بشأن العقوبات. أخيرًا، من المرجّح مضاعفة صادرات النفط السنوية في حالة التوصل إلى صفقة، إلى أكثر من مليوني برميل في اليوم، ما يعزز بدوره نمو الناتج المحلي الإجمالي ويزيد التضخم.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيتي

التحديات الاقتصادية ستدفع تركيا إلى التقارب مع منافسَيها الإقليميَين

إن توجّه تركيا لإعادة بناء علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع منافسيها الإقليميين لن يكون كافيًا لحل مشاكل الاقتصاد الكلي، التي تنتج عن سياستها المحلية؛ ففي الـ14 من شباط/ فبراير زار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الإمارات في حدث تاريخي يشير إلى تحسن العلاقات بين البلدين بعد سنوات من القطيعة غير الرسمية، والتهديدات الخطابية والتنافس بالوكالة في كل من ليبيا والصومال ومصر. وخلال الزيارة، تعهدت أنقرة وأبو ظبي بالعمل معًا في البحوث والاقتصاد.

وستكون الخطوة التالية المحتملة لتركيا هي التودد إلى خصم سابق آخر هو السعودية، وذلك لتأمين الاستثمار وعقد اتفاقيات. يذكر أنه كما فعلت الإمارات، فقد دخلت السعودية أيضًا في مقاطعة مع تركيا بسبب دعمها لقطر وللأحزاب السياسية الإسلامية. أما الآن وبعد أن تضاءلت الدوافع الأساسية للصراع، فقد أصبحت الرياض مهتمة بشكل أكبر بالاستثمارات المنتجة في الخارج كجزء من استراتيجيتها للتنويع الاقتصادي. وبالمقارنة مع الإمارات، قد يكون تواصل تركيا مع المملكة أبطأ بسبب التعقيدات الدبلوماسية العالقة، الناجمة عن دور تركيا في الإعلان عن اغتيال الصحفي "جمال خاشقجي" بأمر من السعودية عام 2018. لكن من غير المرجح أن يمنع ذلك الرياض تمامًا من السعي وراء المزيد من العلاقات الاقتصادية مع أنقرة.

ستراتفور