إن العلاقة السياسية الوثيقة التي نسجها القادة المصريون على كل المستويات (من الرئاسة إلى قيادة الجيش) مع نظرائهم السودانيين، تعني أن مصر والسودان سيظلان في تحالف واسع بشأن "سد النهضة"، أو على الأقل يتجنبان مفهوم المصالح المتباينة. وفي الوقت نفسه، تم نقل دور التوسط في النزاع حول "سد النهضة" بحكم الواقع من الاتحاد الأفريقي إلى الإمارات، حيث إن الإمارات مصدر رئيسي للاستثمارات والمساعدات الإنمائية الرسمية لكل من مصر والسودان وإثيوبيا، ما يعني أنها تتمتع بعلاقات قوية مع الدول الثلاث، ويمنحها النفوذ الدبلوماسي لتعمل كوسيط في قضية "السد". ومع ذلك، سيركّز الطرفان، السوداني والمصري، في نهاية المطاف على التأثير على مجلس الأمن الدولي وأعضائه، لتمرير قرار يدعم مطلبهما باتفاق ملزم قانونًا.
ومن المرجح أن يجتمع مجلس الأمن لمناقشة القضية، لكن من غير المتوقع أن يدعم اتفاقية ملزمة قانونًا؛ حيث ستكون الأمم المتحدة حذرة بشأن إنشاء سابقة من خلال الانحياز إلى جانب في قضايا المياه. وفي حالة إقراره، سيكون مثل هذا القرار انتصارًا واضحًا لمصر، ومن المحتمل أن يؤدي إلى زيادة التوترات الإقليمية المتعلقة بـ"سد النهضة". ومن المتوقع أن يقوم المجلس بإحالة القضية مرة أخرى إلى الاتحاد الأفريقي، الذي اجتمع لمناقشة القضية في الـ24 حزيران/يونيو، لكن لا يُرجّح أيضًا أن يجد حلًا.
في هذا الإطار، يبدو أن مصر ستحاول الضغط بهدوء على الإمارات للضغط على إثيوبيا للتنازل؛ ويمكن أن تنتج مثل هذه الجهود بعض التحركات التصالحية من إثيوبيا، لكنها لن تكون كافية لدفع إثيوبيا لقبول صياغة قانونية. ولن ترغب حكومة "آبي أحمد" أن يُنظر إليها على أنها تقدم تنازلات كبيرة بشأن "السد"، وستسعى إلى الحفاظ على موقف علني لمقاومة الضغط من السودان ومصر. وقد تحقق مصر مزيدًا من النجاح في تشجيع الإمارات للضغط على السودان، للتراجع عن موقفه بقبول اتفاق مؤقت جزئي لمشكلة "السد".
بالمحصلة، فإننا نتوقع استمرار جهود الوساطة الدولية المختلفة، ورغم أنه من غير المرجّح أن تسفر عن اتفاقية ملزمة قانونًا، إلا أنها ستظل الآلية الرئيسية للنزاع، بينما تعتبر فرصة اندلاع نزاع مسلح بعيدة، نظرًا لارتفاع تكلفة المواجهة العسكرية لجميع الأطراف المعنية.
The Economist Intelligence Unit