استقالة "حمدوك" تربك قادة الانقلاب وتعوقهم من تكوين حكومة مدنية بقيادة الجيش

استقالة
الساعة : 13:15
14 يناير 2022

في الثاني من كانون الثاني/ يناير وفي خطاب متلفز، أعلن رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، استقالته بعد ستة أسابيع من إعادته لمنصبه إثر شهر من الإقامة الجبرية في أعقاب الانقلاب العسكري، الذي جرى في الـ25 من تشرين الأول/ أكتوبر 2021. وقال "حمدوك" إنه يستقيل بسبب عدم قدرته على تأمين اتفاق مع قادة الانقلاب العسكري، لتشكيل حكومة قبل الانتخابات (المؤجلة من 2023 إلى 2025).

ومنذ استقالة "حمدوك"، شكّل زعيم الانقلاب، الجنرال عبد الفتاح البرهان، لجنة لقيادة المناقشات مع الشخصيات السياسية لتعيين رئيس وزراء جديد، وتشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية. لكن استقالة "حمدوك" تقلل من احتمال عثور الجيش على أي مدنيين على استعداد للمشاركة في حكومة يقودها الجيش. ويدلّل على ذلك فعليًا فشل الجيش في تعيين رئيس وزراء جديد بعد عزل "حمدوك" في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وتَأكَّد ذلك أيضًا من خلال فشل "حمدوك" نفسه منذ تشرين الثاني/ نوفمبر في العثور على مدنيين مستعدين للانضمام إلى حكومة يقودها الجيش. وبغض النظر عن أي مرشحين مدنيين محتملين جدد، من المرجّح أن يرفض المحتجون أي نوع من الانخراط العسكري في السياسة، كما يشير شعار التظاهرات "لا شراكة، لا تفاوض".

بالمقابل، وفي ظل الضعف الشديد في إيجاد فرصة للاتفاق على مكون مدني في حكومة يقودها الجيش، يُتوقّع أن تطول الاحتجاجات الجماهيرية في الأشهر المقبلة، ما يزيد من احتمال تصعيد قوات الأمن لاستخدام للقوة، وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة تعطيل الأعمال. ورغم أن شعبية "حمدوك" بدأت في الانخفاض منذ توقيعه على اتفاق نوفمبر، إلا أنه يُرجّح أن يكون آخر شخصية مدنية متبقية قادرة على الضغط على الجيش للدخول في مفاوضات، لأسباب ليس أقلها الدعم الدولي الذي يتمتع به. لكن ورغم أنه من المرجح أن تُقابَل الاحتجاجات الجماهيرية بقوة غاشمة، إلا أنه لا يُتوقع أن تزداد مخاطر الحرب الأهلية طالما احتفظ الجيش بولائه لقادة الانقلاب، وطالما ظلت الجماعات المسلحة غير الحكومية لا تحمل السلاح ضد قيادة الانقلاب.

من جهة أخرى، فإن استقالة "حمدوك" والفشل المحتمل للجيش في إيجاد بديل مدني مناسب سيقللان بشكل كبير من احتمالات الدعم الدولي، لا سيما من حيث التمويل من دول رئيسية مثل الولايات المتحدة. إن خبرة "حمدوك" الطويلة كخبير اقتصادي في المنظمات الدولية جعلته المحاور الدولي المفضل؛ فقد لعب دورًا مركزيًا في التفاوض بشأن إبعاد الولايات المتحدة عن السودان كدولة راعية للإرهاب "SST"، ما مكّن السودان من الحصول على تمويل بشروط ميسرة وتخفيف الديون من المانحين الدوليين، مثل صندوق النقد الدولي "IMF"، لإعادة هيكلة ديونه المعوِّقة، والتواصل مع الدول الأخرى للحصول على المساعدة المالية. في الخلاصة، يحتفظ "آي إتش إس ماركيت" بتقييمه بأنه لا يُرجّح أن يتأثر الجيش بشكل كبير بالعقوبات الدولية، نظرًا لوصوله إلى القطاعات الرئيسية والشركات المنتجة في السودان.

آي إتش إس ماركيت