مرصد التنبؤات الغربية 14 يناير 2022

الساعة : 02:06
14 يناير 2022
مرصد التنبؤات الغربية 14 يناير 2022
الغموض يحيط بالعلاقات السعودية العمانية رغم تحسنها مؤخرًا

في الفترة التي شهدت فيها العلاقات السعودية الإماراتية فتورًا واضحًا، كان التحسن في علاقات عُمان مع السعودية من جانب آخر ملاحَظًا بشدة، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى الخلافات السياسية حول الحرب طويلة الأمد في اليمن. فقد اتسعت رقعة الخلافات السياسية بين الرياض وأبوظبي، بعد أن سحبت السعودية الإعفاءات الجمركية من دول مجلس التعاون الخليجي في تموز/ يوليو، ما أدى إلى اضطرابات في السفر بين البلدين.

ورغم أن عُمان في الوقت الحالي مستفيدة جدًا من فتور تلك العلاقات، إلا أنها بالمقابل لابد لها من موازنة العلاقات بين شركائها الرئيسيين، خاصةً وأن الإمارات لا تزال مصدر رئيسي لواردات السلطنة؛ حيث مثّلت 43% من إجمالي قيمة واردات عام 2020. يشار إلى أن عُمان عملت على تحسين علاقاتها مع السعودية بعد إنشاء مجلس التعاون الخليجي عام 1981، إلا أن رفضها الانضمام للتحالف الذي قادته السعودية في اليمن وعدم مقاطعة قطر عام 2017، أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين. وتلا ذلك ضغوط نتيجة رفض السعودية خفض إنتاج النفط لدعم الأسعار، كما إن الدور الذي لعبته السلطنة في تسهيل الاتفاق النووي الإيراني، الذي تعارضه السعودية بشدة، أدى أيضًا إلى تعميق الانزعاج السعودي بشأن علاقات عُمان وإيران.

من جهتها، بقيت عُمان مستعدة للحفاظ على استقلالها السياسي، إلا أن خطوة المواجهة المباشرة كانت تتعارض مع هدف السلطنة المتمثل في الحفاظ على علاقات جيدة مع جميع الأطراف، لا سيما جيرانها المقربين. وتشير التوقعات إلى أن التقارب الأخير مع السعودية سيكون موضع ترحيب حذر في مسقط، خاصةً إذا كان يجلب مزايا اقتصادية للبلاد، ولا يرجح أن يكون تقاربًا عميقًا.

على جانب آخر، من المتوقع أيضًا فشل وصول دول الغرب وإيران إلى نتيجة حقيقية في المفاوضات على الاتفاق النووي، ما سيُبقِي التوترات في المنطقة عالية، وقد تؤثر علاقة مسقط وطهران سلبًا بشكل أكبر على العلاقات السعودية العمانية خلال السنوات المقبلة. لذلك، من المتوقع تأخر تنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة بين السعودية والسلطنة، وقد يفشل تنفيذ بعض المشاريع المخطط لها، رغم ذلك، يُتوقع أن تنمو التجارة الإجمالية بين عُمان والسعودية بسبب افتتاح الطريق السريع الجديد.

إيكونوميست إنتيليجنس يونيت

سعي أمريكي و"إسرائيلي" لحل أزمة المياه في الأردن للحفاظ على استقرار البلاد

أشار تقارير إلى أن مكتب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "USAID" في العاصمة الأردنية عمّان، أكد على مشاركته في تمويل إنشاء خط أنابيب مياه جديد يمتد من "إسرائيل" وصولًا إلى الأردن. ومن المقرر أن يساهم المشروع في حل أزمة المياه في الأردن عند الانتهاء منه بحلول منتصف عام 2023، وتبلغ الطاقة السنوية لخط الأنابيب الجديد، الذي تموله الحكومة الأردنية بشكل جزئي، حوالي 80 مليون متر مكعب. وذكر تقرير صادر عن منظمة "يونيسف" أن الأردن هو ثاني دولة تعاني من ندرة المياه في العالم؛ حيث تقل موارد المياه المتجددة السنوية عن 100 متر مكعب للفرد، في حين يبلغ عدد السكان في البلاد أكثر من عشرة ملايين بحسب إحصائيات عام 2020. وهذا المستوى من الماء يعتبر أقل بكثير من المؤشر السنوي العالمي البالغ 500 متر مكعب للفرد، والذي يستخدم لتحديد ندرة المياه.

وتعتمد عمّان في حصولها على المياه من "إسرائيل"، فيما تتلقى العديد من الأسر الحضرية المياه البلدية مرة واحدة فقط في الأسبوع، مع قلة توفرها في المناطق الريفية. وذكر تقارير أن مشروع خط الأنابيب الجديد، يسلط الضوء على الأهمية التي توليها إدارة "بايدن" للأمن المائي للأردن. وقد أظهرت زيارة العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، كأول زعيم من الشرق الأوسط يزور البيت الأبيض، أهمية دعم الولايات المتحدة للبلاد.

كما أعلن الأردن رسميًا أنه سيمضي قدمًا في مشروع خط أنابيب "البحر الأحمر – البحر الميت"، لتحلية المياه من البحر الأحمر وتوجيهها إلى المناطق الحضرية في الأردن مثل عمّان لحل مشكلة المياه. ورغم العجز المائي المرتفع، لا يملك الأردن التكلفة لتمويل المشروع، لذلك يرجّح أن يتدخل المانحون الدوليون الرئيسيون للمساعدة بالتمويل الذي سيساعد بدوره على استقرار الحكومة الحالية. مع ذلك، من غير المتوقع اكتمال المشروع بحلول 2025، ما سيؤدي إلى تفاقم أزمة نقص المياه طوال الفترة القادمة.

من ناحية أخرى، ستؤثر الأزمة المائية سلبًا على صحة سكان البلاد، وهو ما سيرفع نسبة انتشار الأمراض بسبب نقص المياه الصالحة للشرب وسوء الصرف الصحي، إضافةً إلى زيادة التوترات الاجتماعية والاقتصادية بين السكان الأصليين من جهة، والأعداد الهائلة من اللاجئين القادمين من البلدان المجاورة من جهة أخرى.

أخيرًا، إن كل هذه التنبؤات والتوقعات من شأنها أيضًا أن تقيد النمو الاقتصادي، وتؤجج الاضطرابات الاجتماعية في الأردن خلال الأعوام من 2022 إلى 2026.

إيكونوميست إنتيليجنس يونيت

استمرار الحوثيين في استهداف مصالح السعودية يزيد من تكلفة تورطها في اليمن

ذكرت تقارير إعلامية دولية وإقليمية أن سفينة الشحن التي استولت عليها جماعة الحوثي، والتي كانت ترفع العلم الإماراتي في الثالث من كانون الأول/ ديسمبر 2021، كانت تحمل معدات وإمدادات عسكرية. وتشير التحليلات إلى أن هذه العملية إشارة جديدة على قدرة الحوثيين المتزايدة على تعطيل العمليات الإقليمية، ويُرجّح أن تزداد المخاطر البحرية في المنطقة. وفي هذا الصدد، أصدرت السعودية بيانًا رسميًا زعمت فيه أن السفينة كانت تحمل إمدادات طبية من جزيرة سقطرى، إلى ميناء جازان على الساحل الجنوبي الغربي للمملكة. ومع ذلك، كشفت مقاطع الفيديو للقوارب التي نشرتها القنوات الإعلامية الرسمية للحوثيين صورًا لإمدادات عسكرية وأسلحة، ما يشير إلى أن الشحنة كانت تهدف إلى دعم العمليات العسكرية الجارية في اليمن.

وبغض النظر عن محتوى الشحنة بالضبط، يُرجّح أنها كانت تدعم الجهود الأخيرة لصد تقدم الحوثيين في محافظة شبوة الغنية بالنفط وسط البلاد. وتشير التقارير ذاتها إلى أن الإمارات عزّزت دعمها للقوات المسلحة التابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" خلال الفترة القريبة الماضية، ما اضطّر الحوثيين إلى التراجع عن بعض المواقع في المحافظة، وهو ما اعتُبر تطورًا مفاجئًا بالنظر إلى النجاحات العسكرية للجماعة خلال الـ24 شهرًا الماضية. ومن المرجح أن يكون الجهد الدفاعي للحوثيين منسقًا ومتفقًا عليه بسبب الأصول النفطية في شبوة، لا سيما حقل أوسيلان. وقد يؤدي فقدان هذه المنطقة إلى خسائر فادحة في الإيرادات للحكومة المعترف بها دوليًا، ما يؤدي إلى تكثيف الضغط على الوضع المالي الذي يعاني عجزًا كبيرًا أصلًا.

إن قدرة الحوثيين على الاستيلاء على السفينة ستشكل مصدر قلق إضافي للسعودية، وتزيد من مخاطر الاستقرار السياسي في البحر الأحمر، وهو ما قد يُترجَم إلى ارتفاع تكاليف التأمين البحري، كما يشار إلى أن السعودية ردّت بضربات جوية مكثفة على مواقع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء.

في الخلاصة، يُرجَّح أن يواصل الحوثيون شن هجمات متكررة، بهدف تعطيل العمليات المحلية والإقليمية للسعودية، بينما لا تزال المملكة حريصة على تخليص نفسها من الصراع المكلف ماليًا المستنزف لها بشكل كبير.

إيكونوميست إنتيليجنس يونيت

مع دخول حرب اليمن عامًا جديدًا لا بوادر لحل الأزمة خلال هذا العام

تشير التحليلات أن استمرار الصراع في اليمن سيجلب المزيد من الويلات على البلد الذي يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وسيصبح الوصول إلى تسوية سياسية أكثر صعوبة مع المضي قدمًا في 2022. كما إن أزمة عدم الاستقرار ستُبقِي البلد مسرحًا جيوسياسيًا بالوكالة للقوى الإقليمية المختلفة؛ حيث لا تزال الأزمة الحالية في اليمن بلا نهاية واضحة، لأن الجهات الفاعلة في الحرب تدفع الصراع باستمرار بعيدًا عن أي تسوية سياسية أو وقف إطلاق للنار.

كما إن الجبهات الرئيسية لم تصل إلى حل حقيقي رغم القتال العنيف، مع إصرار جميع الأطراف على عدم الانسحاب، خصوصًا في محافظات شبوة ومأرب وسط البلاد ومنطقة الحديدة الساحلية. ومن المهم الإشارة إلى أن الأطراف المتحاربة على الأرض متكافئة نسبيًا، كما إن الموارد الموجودة خصوصًا احتياطيات النفط في مأرب، وميناء الحديدة والمنطقة الساحلية، وأراضي شبوة ذات القيمة السياسية، تمنع الجانبين من المبادرة للتراجع عن الخطوط الأمامية. من جهتها، قد تعمل السعودية على تغيير قواعد اللعبة في حال رأت أن الخسائر المادية والبشرية مكلفة للغاية، أو إذا بدأت جهود التجنيد في صفوف الحوثيين بالتراجع.

مع بداية عام 2022، لا يتوقع المحللون والسياسيون الوصول إلى تسوية في ملف الأزمة اليمنية خلال هذا العام، وإنما سيؤدي الصراع المستمر إلى إبقاء اليمن مسرحًا جيوسياسيًا بالوكالة للسعودية وإيران، والجهات الخارجية الأخرى التي لها مصالح في المنطقة. من جهة أخرى، فإن تعميق عدم الاستقرار في اليمن يعتبر من أبرز العوامل التي تدفع الرياض وأبوظبي إلى التفكير في التقارب مع إيران في الوقت الحالي، على أمل أن يؤدي التواصل مع طهران إلى التخفيف من خطر امتداد الصراع اليمني إلى أرض سعودية أو إماراتية، خصوصًا وأن طهران هي من توفر الدعم الاقتصادي والفني للحوثيين.

على جانب آخر، تحرص الرياض على العمل على تحقيق ضروراتها الاستراتيجية، المتمثلة في الحفاظ على وحدة أراضي المملكة، ومنع أي حكومة شيعية أو ذات توجهات إيرانية أو متطرفة من تولي زمام القيادة في صنعاء، وبالتالي فإن بعض التوقعات تشير إلى أن الرياض ستحاول الوصول إلى حل خلال 2022.

في ظل المعطيات الحالية، المتمثلة في وجود التحالف اليمني الذي تقوده السعودية على جانب واحد من الحرب، ووجود الحوثيين على الجانب الآخر، يرجَّح انهيار جميع جهود وقف إطلاق النار خلال عام 2022 في جميع المناطق المتنازع عليها، والتي أعاقت التسويات السياسية السابقة. هذا، إضافةً إلى أن استمرار الحرب سيجبر الولايات المتحدة على استمرار مشاركتها في اليمن، من أجل حماية شريكتها السياسية "السعودية" من التهديد المتزايد لصواريخ الحوثيين وضربات الطائرات بدون طيار.

ستراتفور

توقعات بعدم اكتمال صفقة "F-35" مع الإمارات لكن الشراكة ستظل استراتيجية

زعمت الإمارات أنها علّقت المحادثات بشأن شراء الطائرات المقاتلة الأمريكية "F-35"، التي تعتبر الأكثر تقدماً في الأسطول الأمريكي، كما يرتبط شراءها بالعديد من القيود الصعبة حول كيفية الاستخدام. وبشكل عام، يستاء المشترون الإماراتيون من الشروط المرتبطة بصفقات الولايات المتحدة، إذ يستخدمون مجموعة واسعة من أساليب التفاوض أبرزها التهديد بالانسحاب، في محاولة لجذب التنازلات عن شروط النقل أو الحصول على قدرات تسليحية أكبر.

في هذا الإطار، قال محللون إن رفض الإمارات يشير إلى نيتها الانفصال عن واشنطن كشريك استراتيجي، بينما رجّح البعض أن الإمارتيين قد فوجئوا بالشروط الصعبة جدًا للاتفاق حول تلك الطائرات وكيفية استخدامها، مع عدم رغبة الحكومة الأمريكية في التساهل في أي من هذه الشروط. وبالتالي هددت أبوظبي بالانسحاب قبل عدة أيام من عقد الحوار الاستراتيجي الأمريكي الإماراتي في "البنتاغون"، وقد كان الهدف من الإعلان المفاجئ تضييق أجندة الحوار والضغط على الجانب الأمريكي لتقديم عرض أفضل.

بشكل عام، تتم مراجعة كل عمليات بيع الأسلحة الأمريكية إلى مشترٍ أجنبي من قبل وكالات حكومية متعددة؛ وبالنسبة للطائرة "F-35"، فيجب التأكد من أن المشتري لا يسمح لأي خصم محتمل للولايات المتحدة بالقدرة على جمع أي معلومات إلكترونية، أو غيرها من المعلومات المحتملة أثناء رحلة الطائرة خلال قيامها بمهمة ما؛ بمعنى آخر، لا تستطيع دول مثل روسيا والصين بناء منشآت كبيرة لها في بلد يأمل تشغيل "F-35".

أخيرًا، ورغم أن الإمارات سعت طويلًا وحثيثًا للحصول على الأسلحة الأكثر تقدمًا، كما إنها ترى أن الإدارة الأمريكية خيارها الوحيد كضامن للأمن، إلا أنه يُتوقع ان تنتهي المفاوضات برفض شراء "F-35"، لكن هذا لن يمثل نهاية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

أزوري ستراتيجي

أزمة كازاخستان وتداعياتها تضع المصالح الروسية والصينية على المحك

تثير الاضطرابات في كازاخستان إمكانية حدوث أكبر تغييرات في نظامها السياسي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، إذا استمرت الاحتجاجات وازداد حجمها ونطاقها. ورغم أن كازاخستان شهدت سابقًا احتجاجات على نطاق صغير، إلا أنها ظلت مستقرة حتى بعد تنحي الرئيس السابق، نور سلطان نزارباييف، عام 2019، والذي قاد البلاد منذ الحقبة السوفيتية. وقد صور خليفته، قاسم جومارت توكاييف، المحتجين على أنهم "إرهابيون مدعومون من قبل قوى أجنبية". وفي هذه المرحلة، من غير الواضح إذا كان لدى المتظاهرين القدرة على الإطاحة بنظام "توكاييف"، لكن حتى لو نجا فسيكون قد اهتزت صورته بشدة. وعلى عكس الاحتجاجات أو الانتفاضات الجماهيرية السابقة في كل من أرمينيا وبيلاروسيا وجورجيا وقيرغيزستان وأوكرانيا، تفتقر كازاخستان إلى زعيم معارضة محدد بوضوح أو كتلة معارضة، ما يعني أنه لا توجد حكومة محتملة على استعداد لتولي المسؤولية.

خارجيًا، ستظل روسيا صاحبة المصلحة الأكثر نشاطًا في كازاخستان، لكن التدخل يشكل مخاطر على الكرملين إذا كان يُنظر إليه على أنه يدعم نظامًا غير شعبي. واعتبارًا من السادس من كانون الثاني/ يناير، وبناءً على دعوة من الرئيس "توكاييف"، تقوم روسيا بنشر قوات حفظ سلام تحت رعاية "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" التي تهيمن عليها موسكو "CSTO"، والتي تضم أيضًا كلًا من أرمينيا وبيلاروسيا وقيرغيزستان وطاجيكستان، وهو ما يبدو اعترافًا من "توكاييف" بأن قوات الأمن الكازاخستانية لا تستطيع استعادة النظام بنفسها.

كما يؤكد نشر تلك القوات من قبل روسيا و"منظمة معاهدة الأمن الجماعي" على مدى خطورة نظر الكرملين إلى الأزمة؛ حيث امتنعت المنظمة سابقًا عن التدخل في الأزمات السياسية الداخلية في قيرغيزستان وأرمينيا. من جهة أخرى، يشير طلب "توكاييف" إلى "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" بدلًا من "منظمة شنغهاي للتعاون"، التي تهيمن عليها روسيا والصين "SCO"، إلى أن الحكومة الكازاخستانية تنظر إلى روسيا بدلًا من الصين باعتبارها الشريك الخارجي الأكثر أهمية، رغم حقيقة أن بكين لديها مصالح تجارية ضخمة وأن استثماراتها في كازاخستان على المحك.

وبغض النظر عن كل ذلك، فهناك مخاطر على روسيا جراء التدخل في كازاخستان؛ حيث إن تدهور الأمن هناك قد يصرف انتباه روسيا عن حشد القوات بالقرب من الحدود الشرقية لأوكرانيا، والذي يهدف إلى إجبار كييف وداعميها الغربيين على تقديم تنازلات أمنية كبيرة لموسكو، وهذا بدوره يمكن أن يضعف يد روسيا في المفاوضات مع الولايات المتحدة. وهنا على وجه الخصوص، ستضع روسيا في اعتبارها أي تهديدات تواجه عددًا كبيرًا من السكان من أصل روسي شمال كازاخستان. وقد تشعر بعض الشخصيات السياسية الكازاخستانية والغربية بالقلق من أن تسعى روسيا إلى دعم النزعة الانفصالية شمال كازاخستان، على غرار دعمها للروس شرق أوكرانيا منذ عام 2014.

على الجانب الآخر، فإن الصين أيضًا لديها مصالح كبيرة على المحك، نظرًا لموقع كازاخستان المركزي في "مبادرة الحزام والطريق" "BRI"، ولأن اهتمام بكين الرئيسي هو الاستقرار. يذكر أن كازاخستان تقع على طول أحد المكونات الأساسية لـ"مبادرة الحزام والطريق"، وهو الجسر البري الأوراسي، وأي تهديد طويل المدى للاستقرار هناك يمكن أن يعرض هذه الطرق للخطر، كما تعمل الصين أيضًا على تطوير احتياطيات الطاقة الرئيسية في كازاخستان. إضافةً إلى ذلك، هناك جالية عرقية صينية كبيرة في كازاخستان، وكذلك مجتمع صغير من الأويغور، وفي حالة زعزعة الاستقرار في كازاخستان فقد يؤدي ذلك إلى إضعاف حدودها، ما يسمح للانفصاليين الأويغور من مقاطعة شينجيانغ الصينية بالتنقل بين البلدين بحرية أكبر.

في ظل هذه الخلفية، يُتوقع أن تأمل الصين في أن تتمكن "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" من استعادة الاستقرار في كازاخستان في أقرب وقت ممكن. ومع ذلك، وعلى المدى الطويل، يُرجّح أن ترغب بكين في إزاحة نفوذ موسكو في كازاخستان، لذلك ستراقب لترى إذا كان أي تعزيز للعلاقات بين روسيا وكازاخستان سيأتي على حسابها الخاص.

كذلك، ستراقب الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون كازاخستان عن كثب، ويمكن أن تصبح البلاد نقطة اشتعال جديدة في العلاقات بين الشرق والغرب، إذا وافق الغرب على المعارضة الكازاخستانية. كما تتمتع كازاخستان بأهمية جيوسياسية هائلة، نظرًا لحجمها الهائل وموقعها في قلب أوراسيا واحتياطياتها الهائلة من الطاقة؛ وأي اضطراب في صادرات الطاقة من كازاخستان يمكن أن يضع مزيدًا من الضغوط على أسواق الطاقة العالمية. إضافةً لذلك، فإن إدراج كازاخستان ومركزيتها في "مبادرة الحزام والطريق" منذ عام 2010 قد منحها أهمية أكبر.

ومنذ استقلالها عام 1991، اتخذت كازاخستان إجراءً حذِرًا لتحقيق التوازن الجيوسياسي بتجنب الاصطفاف الشامل مع روسيا أو الصين أو الغرب، وستسعى على الأرجح لمواصلة هذا التوازن. ورغم ذلك، إذا استنتجت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن نظام توكاييف/نور-أوتان محكوم عليه بالسقوط، فيمكنهما البدء في دعم المعارضة الكازاخستانية علانية، على أمل أن تقوم حكومة كازاخستانية جديدة بتشكيل علاقات أوثق مع الغرب على حساب روسيا والصين. وبالتالي يمكن أن تصبح كازاخستان مسرحًا لصراع آخر بالوكالة بين الغرب الداعمين للديمقراطية من ناحية، وبين روسيا و/أو الصين الداعمتين للنظام من ناحية أخرى، على غرار الأوضاع في أماكن متنوعة مثل بيلاروسيا وهونغ كونغ وميانمار وسوريا وفنزويلا.

فيتش سوليوشنز

شكوكٌ وعراقيل تكتنف تشكيل الحكومة العراقية الجديدة

تشير التوقعات إلى أن العراق سيشكل حكومة جديدة بحلول نيسان/ أبريل 2022؛ ففي الـ27 من كانون الأول/ ديسمبر، صادقت المحكمة العليا العراقية على نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في تشرين الأول/ أكتوبر، الأمر الذي دفع البلاد بحكم الأمر الواقع نحو تشكيل إدارة جديدة. ونظرًا لأن الإعلان لم يتبعه أي دعوة للاحتجاج الجماهيري أو رد فعل عنيف من قبل زعيم تحالف "الفتح"، فإن ذلك يؤكد أن البلاد ستسير على خريطة الطريق التشريعية المحددة في الدستور. وهذا يعني أن العراق، بعد انتخاب "الحلبوسي" رئيسًا للبرلمان، وهو شخصية سنية، في العاشر من كانون الثاني/ يناير، وسننتخب رئيسًا للبلاد بحلول الـ11 من شباط/ فبراير القادم. وبعد ذلك، وفي الـ23 شباط/ فبراير، سيعين الرئيس رئيسًا للوزراء يكلَّف بتشكيل حكومة جديدة وتقديم خطة سياسية إلى البرلمان بحلول الـ25 من آذار/ مارس القادم.

ورغم الجدول الزمني الواضح، فإن هناك مستويات مرتفعة من عدم اليقين بشأن الهيكل النهائي للائتلاف الحاكم؛ ففي حين يُتوقع أن "التيار الصدري" الفائز، بقيادة رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، سيعيد تعيين "مصطفى الكاظمي" رئيسًا للوزراء في الائتلاف الحاكم الجديد، إلا أنه توجد مخاطر متزايدة على هذا التوجه. فإن محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها "الكاظمي" في تشرين الثاني/ نوفمبر قد تدفع "الصدر" لاختيار شخصية أقل إثارة للجدل، لاسترضاء الفصائل الشيعية الأخرى الأقرب إلى إيران، مثل "ائتلاف دولة القانون"، بزعامة رئيس الوزراء السابق، نور المالكي، وائتلاف "الفتح"، الذي يرى "الكاظمي" بعيدًا جدًا عن إيران.

علاوةً على ذلك، ففي الـ14 من كانون الأول/ ديسمبر، أعلن زعيم تحالف "عزم" السني، خميس الخنجر، عن تشكيل تحالف سني جديد غير رسمي بالشراكة مع تحالف "تقدم"، ما يعني أن جميع الأحزاب السنية العراقية الآن قد تتحد في كتلة واحدة. وسيؤدي ذلك إلى الضغط على "الصدر" لإشراك الأحزاب الشيعية الأخرى في الائتلاف الحاكم كقوة موازنة كان قد استبعدها سابقًا، ما يلقي بظلال من الشك على الشكل النهائي للإدارة الجديدة وتماسكها وقدرتها على تمرير السياسات. في هذه المرحلة، وبالنظر أيضًا إلى العدد الكبير من المقاعد التي فازت بها الأحزاب والمستقلون الآخرون، فإن نطاق الائتلافات المحتملة مرتفع للغاية، ما يساهم في حالة عدم اليقين السياسي في البلاد.

ويُعتقد أن غياب السلطة المركزية والظروف الاقتصادية الهشة في العراق ستسمح للبيئة الأمنية بالاستمرار في الضعف على المدى القصير؛ كما يُتوقع فعليًا مزيدًا من الهجمات من قبل كل من الميليشيات المدعومة من إيران و"تنظيم الدولة الإسلامية"؛ حيث سيسعى كل من الفاعلين غير الحكوميين إلى استغلال فراغ السلطة لتحقيق أقصى قدر من المكاسب السياسية.

ويبرز في هذا الإطار سيناريو آخر أقل ترجيحًا مرتبط بالمستوى المرتفع من عدم اليقين، المحيط بعملية تشكيل التحالف وتدخل الجهات الخارجية، مثل إيران والسعودية والولايات المتحدة، والذي قد يؤدي إلى جمود سياسي، ويقود إلى تقدم التحالف الذي يقوده "المالكي" لتشكيل حكومة. ومن المرجح أن يتسبب ذلك في خروج أنصار "التيار الصدري" إلى الشوارع، ويؤدي لمزيد من التأخير في تشكيل حكومة جديدة حتى منتصف العام.

في ظل مثل هذا السيناريو، من المتوقع أن نشهد حوادث أمنية أعلى من المتوقع، الأمر الذي سيؤثر سلبًا على الاستثمارات الأجنبية. إضافةً إلى ذلك، يُعتقد أن الجماهير ستنظم على الأرجح مظاهرات حاشدة للاحتجاج على الطبقة السياسية وتعطيل النشاط الاقتصادي.

فيتش سوليوشنز

"إسرائيل" تغير موقفها وتدفع باتجاه إتمام اتفاق نووي مع إيران

يُظهر المسؤولون "الإسرائيليون" مزيدًا من البراغماتية حول إمكانية إبرام صفقة نووية محدودة مع إيران، تحت رعاية "خطة العمل الشاملة المشتركة". ووفقًا لتقرير "أكسيوس" الصادر في الخامس من كانون الثاني/ يناير، أخبر رئيس المخابرات العسكرية "الإسرائيلية" الوزراء "الإسرائيليين" خلال اجتماع لمجلس الوزراء الأمني في الثاني من الشهر ذاته، أن "إسرائيل" ستكون "أفضل حالًا" إذا أسفرت المحادثات النووية الإيرانية الجارية عن اتفاق بالفعل. إن وجود جزء على الأقل من المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية" وراء صفقة محتملة من شأنه أن يوفر دعمًا مهمًا من قوة إقليمية رئيسية، كانت تعارض سابقًا "خطة العمل الشاملة المشتركة" عام 2015، والتي يمكن أن تساعد في الحفاظ على أي صفقة.

إن الموقف المتغير للمخابرات العسكرية "الإسرائيلية" يشير إلى تغير في تصور الحكومة "الإسرائيلية" لقيمة اتفاقية محدودة. ووسط تعثر المفاوضات، خاصةً في حالة انهيارها، قد تسرع إيران في تخزين اليورانيوم عالي التخصيب وتقرر في مرحلة ما تصنيع قنبلة نووية. لكن مع وجود اتفاق، حتى وإن كان محدودًا، ستوافق إيران علنًا على الأقل على تجميد أجزاء من برنامجها النووي، ما يخفف من بعض المخاوف الأمنية "الإسرائيلية". لكن تغيير المخابرات العسكرية تقييمها بشأن معادلة التكلفة والفائدة لا يعني بالضرورة أن كل الحكومة "الإسرائيلية" تشترك في الرأي نفسه؛ وهذا يعني أن "إسرائيل" من المرجح أن تستعد لنتيجة يتم فيها إبرام صفقة.

بالمقابل، لا تعني المؤشرات على تليين الموقف من الصفقة أن "إسرائيل" غيرت تقييمها الأساسي للتهديد فيما يتعلق بإيران؛ حيث سيظل صراع الظل بين "إسرائيل" وإيران مصدرًا قويًا للمخاطر في المنطقة، بغض النظر عن الصفقة التي قد تظهر في فيينا. ومن الناحية المثالية، قد ترغب الحكومة "الإسرائيلية" في صفقة تحد من مجموعة من السلوكيات التهديدية لإيران بما يتجاوز تطويرها النووي؛ حيث تريد "إسرائيل" على وجه الخصوص منع أي شيء قد يسهّل على إيران تطوير صواريخ باليستية أو توسيع وكلائها الإقليميين.

كما إن وجهة النظر "الإسرائيلية" الجديدة بشأن الاتفاق النووي يمكن أن تعمل على إطالة عمر الاتفاقية؛ فقد تُحجم "إسرائيل" عن الضغط على حكومة أمريكية مستقبلية للخروج من الصفقة، أو تحاول تعطيلها من جانب واحد. فقد كانت الحكومة "الإسرائيلية" في السنوات الأخيرة الفاعل العالمي الأكثر صوتًا، الذي تحدث في المنتديات الدولية مثل الأمم المتحدة، وفي الاجتماعات الثنائية مع أعضاء لجنة "خطة العمل المشتركة الشاملة" والولايات المتحدة، حول مخاوف "إسرائيل" الأمنية الوطنية العميقة فيما يتعلق بإيران.

وإذا كان انتقاد الحكومة "الإسرائيلية" لأي صفقة أكثر صمتًا إلى حد ما، كما تشير تقارير "أكسيوس" الأخيرة، فإن ذلك سيساعد لجنة "خطة العمل الشاملة المشتركة" والحكومة الأمريكية الحالية، على إقناع الرافضين المحليين والعالميين بقيمة مثل هذه الصفقة. كما إن الدعم "الإسرائيلي" للصفقة قد يعني أيضًا استعدادًا أقل من جهة "إسرائيل" لتعطيلها، وبالتالي انخفاض خطر الهجمات "الإسرائيلية" على إيران، على غرار ما حدث من اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زاده عام 2020، إذا فضّلت "إسرائيل" الصفقة على عدم الاتفاق.

ستراتفور

"إسرائيل" تغير موقفها وتدفع باتجاه إتمام اتفاق نووي مع إيران

يُظهر المسؤولون "الإسرائيليون" مزيدًا من البراغماتية حول إمكانية إبرام صفقة نووية محدودة مع إيران، تحت رعاية "خطة العمل الشاملة المشتركة". ووفقًا لتقرير "أكسيوس" الصادر في الخامس من كانون الثاني/ يناير، أخبر رئيس المخابرات العسكرية "الإسرائيلية" الوزراء "الإسرائيليين" خلال اجتماع لمجلس الوزراء الأمني في الثاني من الشهر ذاته، أن "إسرائيل" ستكون "أفضل حالًا" إذا أسفرت المحادثات النووية الإيرانية الجارية عن اتفاق بالفعل. إن وجود جزء على الأقل من المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية" وراء صفقة محتملة من شأنه أن يوفر دعمًا مهمًا من قوة إقليمية رئيسية، كانت تعارض سابقًا "خطة العمل الشاملة المشتركة" عام 2015، والتي يمكن أن تساعد في الحفاظ على أي صفقة.

إن الموقف المتغير للمخابرات العسكرية "الإسرائيلية" يشير إلى تغير في تصور الحكومة "الإسرائيلية" لقيمة اتفاقية محدودة. ووسط تعثر المفاوضات، خاصةً في حالة انهيارها، قد تسرع إيران في تخزين اليورانيوم عالي التخصيب وتقرر في مرحلة ما تصنيع قنبلة نووية. لكن مع وجود اتفاق، حتى وإن كان محدودًا، ستوافق إيران علنًا على الأقل على تجميد أجزاء من برنامجها النووي، ما يخفف من بعض المخاوف الأمنية "الإسرائيلية". لكن تغيير المخابرات العسكرية تقييمها بشأن معادلة التكلفة والفائدة لا يعني بالضرورة أن كل الحكومة "الإسرائيلية" تشترك في الرأي نفسه؛ وهذا يعني أن "إسرائيل" من المرجح أن تستعد لنتيجة يتم فيها إبرام صفقة.

بالمقابل، لا تعني المؤشرات على تليين الموقف من الصفقة أن "إسرائيل" غيرت تقييمها الأساسي للتهديد فيما يتعلق بإيران؛ حيث سيظل صراع الظل بين "إسرائيل" وإيران مصدرًا قويًا للمخاطر في المنطقة، بغض النظر عن الصفقة التي قد تظهر في فيينا. ومن الناحية المثالية، قد ترغب الحكومة "الإسرائيلية" في صفقة تحد من مجموعة من السلوكيات التهديدية لإيران بما يتجاوز تطويرها النووي؛ حيث تريد "إسرائيل" على وجه الخصوص منع أي شيء قد يسهّل على إيران تطوير صواريخ باليستية أو توسيع وكلائها الإقليميين.

كما إن وجهة النظر "الإسرائيلية" الجديدة بشأن الاتفاق النووي يمكن أن تعمل على إطالة عمر الاتفاقية؛ فقد تُحجم "إسرائيل" عن الضغط على حكومة أمريكية مستقبلية للخروج من الصفقة، أو تحاول تعطيلها من جانب واحد. فقد كانت الحكومة "الإسرائيلية" في السنوات الأخيرة الفاعل العالمي الأكثر صوتًا، الذي تحدث في المنتديات الدولية مثل الأمم المتحدة، وفي الاجتماعات الثنائية مع أعضاء لجنة "خطة العمل المشتركة الشاملة" والولايات المتحدة، حول مخاوف "إسرائيل" الأمنية الوطنية العميقة فيما يتعلق بإيران.

وإذا كان انتقاد الحكومة "الإسرائيلية" لأي صفقة أكثر صمتًا إلى حد ما، كما تشير تقارير "أكسيوس" الأخيرة، فإن ذلك سيساعد لجنة "خطة العمل الشاملة المشتركة" والحكومة الأمريكية الحالية، على إقناع الرافضين المحليين والعالميين بقيمة مثل هذه الصفقة. كما إن الدعم "الإسرائيلي" للصفقة قد يعني أيضًا استعدادًا أقل من جهة "إسرائيل" لتعطيلها، وبالتالي انخفاض خطر الهجمات "الإسرائيلية" على إيران، على غرار ما حدث من اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زاده عام 2020، إذا فضّلت "إسرائيل" الصفقة على عدم الاتفاق.

ستراتفور

تباينات داخلية في حكومة "بينيت" تجاه ملفات عدة رغم كونها حكومة ائتلافية

يقود رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، نفتالي بينيت، منذ حزيران/ يونيو 2021، ائتلاف وحدة وطنية يجمع أحزابًا من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، وظلت حكومته متماسكة لفترة أطول، وأنجزت أكثر، مما توقعه كثيرون في البداية. يأتي هذا رغم أن حكومته تولت السلطة في وقت كانت فيه "إسرائيل" تواجه تحديات خطيرة، وفي بعض الحالات غير مسبوقة، على الصعيدين المحلي والدولي. بدوره، يركز "بينيت" على تنفيذ الإصلاحات المحلية المتأخرة والمثيرة للجدل السياسي، والرد على إيران التي تعمل على تطوير برنامجها النووي وتحاول إقامة وجود عسكري في سوريا.

فيما يتعلق بسوريا، كان نهج "بينيت" مشابهًا لمقاربة "نتنياهو" في شن غارات جوية، لمنع إيران من تحويل مناطق من البلاد إلى قواعد عمليات أمامية ضد "إسرائيل"، أو من استخدام الأراضي السورية لنقل الأسلحة إلى "حزب الله" في لبنان. وتريد "إسرائيل" منع إيران من إمداد "الحزب" بصواريخ إضافية، والذي يمتلك بالفعل ترسانة كبيرة من حوالي 150 ألف سلاح من هذا النوع، بما في ذلك بعض الأسلحة التي يمكن استهدافها بدقة؛ حيث ستعرّض تلك الصواريخ الدقيقة المدنيين "الإسرائيليين" لخطر غير مسبوق في حال وقوع مواجهة مستقبلية مع "حزب الله".

كما تشعر "إسرائيل" بالقلق من أن هذه الصواريخ ستوفر لـ"حزب الله" قدرات عديدة لا يمتلكها أي طرف عربي آخر، بما في ذلك القدرة على ضرب مراكز التعبئة ومخازن الأسلحة وبالتالي تعطيل تعبئة جنود الاحتياط، (المكون الأساسي للقوات المسلحة "الإسرائيلية")، ومهاجمة القواعد الجوية وبالتالي تعطيل عمليات سلاح الجو "الإسرائيلي"، واستهداف الدفاعات الصاروخية "الإسرائيلية" بما في ذلك نظام القبة الحديدية، لتعطيل أنظمة القيادة والسيطرة الوطنية، ومنها مكتب رئيس الوزراء في القدس، ومقر قيادة الجيش في تل أبيب وسلسلة القيادة العسكرية، وإلحاق الضرر بالبنية التحتية الوطنية الحيوية، مثل محطات الطاقة ومرافق معالجة المياه وعقد الاتصالات الخلوية والكمبيوتر وأنظمة النقل.

من جهة أخرى، فإن خطر تجدد الأعمال العدائية مع حركة "حماس" قائم دائمًا؛ حيث اندلع القتال في مناسبات عديدة على مدى السنوات العشر الماضية في ظل حكومات "إسرائيلية مختلفة"، كان آخرها في أيار/ مايو 2021، بينما لا يوجد حل عسكري واضح للتهديد الذي تشكله الحركة. وقد طالب "بينيت" برد أكثر قوة على التهديد الصادر من غزة عندما كان وزيرًا في الحكومة، لكنه الآن مسؤول عن مواجهة الأمر بنفسه، ويبدو أنه يحاول إدارة القضية من خلال إعطاء الأولوية لخفض التصعيد إلى حد كبير، كما فعل "نتنياهو"، لكنه يلتمس أيضًا مساعدات دولية لتحسين الظروف الإنسانية في كل من غزة والضفة الغربية. جدير بالذكر في هذا الإطار أن أحزاب التحالف بشكل عام تتفق على أن "حماس" منظمة إرهابية تحمل على عاتقها تدمير "إسرائيل"، وأنه لا ينبغي لـ"إسرائيل" أن تتفاوض معها سواءً الآن أو في المستقبل.

ويدرك "بينيت" جيدًا حجم التأثير المدمر الذي أحدثه اندلاع القتال في غزة على مكانة "إسرائيل" الدولية؛ ورغم أن العديد من الحكومات الغربية وحتى بعض الحكومات العربية ألقى باللوم على "حماس"، وأعربت عن دعمها لـ"إسرائيل" بعد الأعمال العدائية الأخيرة بما فيها حرب أيار/ مايو، إلا أن الرأي العام الدولي، خاصةً في الولايات المتحدة، أصبح أكثر انتقادًا للموقف "الإسرائيلي" من أي وقت مضى في الذاكرة الحديثة.

وقد ساهمت سياسات "إسرائيل" والنشاط الاستيطاني المستمر في الضفة الغربية في هذا التغيير، كما قوّضت أيضًا علاقات "إسرائيل" مع الولايات المتحدة والدول الصديقة الأخرى. وفي حين تعتبر الحكومة الائتلافية ظاهريًا حكومة وحدة وطنية في الشؤون الداخلية، إلا أنها أصيبت بالشلل في القضايا المتعلقة بالضفة الغربية وعملية السلام، بما في ذلك المستوطنات، وتعمل على أساس "اتفقنا على ألا نتفق" مع تجنب هذه القضايا قدر الإمكان، ومحاولة الحفاظ على الوضع الراهن.

آي آي إس إس

استقالة "حمدوك" تربك قادة الانقلاب وتعوقهم من تكوين حكومة مدنية بقيادة الجيش

في الثاني من كانون الثاني/ يناير وفي خطاب متلفز، أعلن رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، استقالته بعد ستة أسابيع من إعادته لمنصبه إثر شهر من الإقامة الجبرية في أعقاب الانقلاب العسكري، الذي جرى في الـ25 من تشرين الأول/ أكتوبر 2021. وقال "حمدوك" إنه يستقيل بسبب عدم قدرته على تأمين اتفاق مع قادة الانقلاب العسكري، لتشكيل حكومة قبل الانتخابات (المؤجلة من 2023 إلى 2025).

ومنذ استقالة "حمدوك"، شكّل زعيم الانقلاب، الجنرال عبد الفتاح البرهان، لجنة لقيادة المناقشات مع الشخصيات السياسية لتعيين رئيس وزراء جديد، وتشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية. لكن استقالة "حمدوك" تقلل من احتمال عثور الجيش على أي مدنيين على استعداد للمشاركة في حكومة يقودها الجيش. ويدلّل على ذلك فعليًا فشل الجيش في تعيين رئيس وزراء جديد بعد عزل "حمدوك" في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وتَأكَّد ذلك أيضًا من خلال فشل "حمدوك" نفسه منذ تشرين الثاني/ نوفمبر في العثور على مدنيين مستعدين للانضمام إلى حكومة يقودها الجيش. وبغض النظر عن أي مرشحين مدنيين محتملين جدد، من المرجّح أن يرفض المحتجون أي نوع من الانخراط العسكري في السياسة، كما يشير شعار التظاهرات "لا شراكة، لا تفاوض".

بالمقابل، وفي ظل الضعف الشديد في إيجاد فرصة للاتفاق على مكون مدني في حكومة يقودها الجيش، يُتوقّع أن تطول الاحتجاجات الجماهيرية في الأشهر المقبلة، ما يزيد من احتمال تصعيد قوات الأمن لاستخدام للقوة، وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة تعطيل الأعمال. ورغم أن شعبية "حمدوك" بدأت في الانخفاض منذ توقيعه على اتفاق نوفمبر، إلا أنه يُرجّح أن يكون آخر شخصية مدنية متبقية قادرة على الضغط على الجيش للدخول في مفاوضات، لأسباب ليس أقلها الدعم الدولي الذي يتمتع به. لكن ورغم أنه من المرجح أن تُقابَل الاحتجاجات الجماهيرية بقوة غاشمة، إلا أنه لا يُتوقع أن تزداد مخاطر الحرب الأهلية طالما احتفظ الجيش بولائه لقادة الانقلاب، وطالما ظلت الجماعات المسلحة غير الحكومية لا تحمل السلاح ضد قيادة الانقلاب.

من جهة أخرى، فإن استقالة "حمدوك" والفشل المحتمل للجيش في إيجاد بديل مدني مناسب سيقللان بشكل كبير من احتمالات الدعم الدولي، لا سيما من حيث التمويل من دول رئيسية مثل الولايات المتحدة. إن خبرة "حمدوك" الطويلة كخبير اقتصادي في المنظمات الدولية جعلته المحاور الدولي المفضل؛ فقد لعب دورًا مركزيًا في التفاوض بشأن إبعاد الولايات المتحدة عن السودان كدولة راعية للإرهاب "SST"، ما مكّن السودان من الحصول على تمويل بشروط ميسرة وتخفيف الديون من المانحين الدوليين، مثل صندوق النقد الدولي "IMF"، لإعادة هيكلة ديونه المعوِّقة، والتواصل مع الدول الأخرى للحصول على المساعدة المالية. في الخلاصة، يحتفظ "آي إتش إس ماركيت" بتقييمه بأنه لا يُرجّح أن يتأثر الجيش بشكل كبير بالعقوبات الدولية، نظرًا لوصوله إلى القطاعات الرئيسية والشركات المنتجة في السودان.

آي إتش إس ماركيت