تباينات داخلية في حكومة "بينيت" تجاه ملفات عدة رغم كونها حكومة ائتلافية

تباينات داخلية في حكومة
الساعة : 13:15
14 يناير 2022

يقود رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، نفتالي بينيت، منذ حزيران/ يونيو 2021، ائتلاف وحدة وطنية يجمع أحزابًا من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، وظلت حكومته متماسكة لفترة أطول، وأنجزت أكثر، مما توقعه كثيرون في البداية. يأتي هذا رغم أن حكومته تولت السلطة في وقت كانت فيه "إسرائيل" تواجه تحديات خطيرة، وفي بعض الحالات غير مسبوقة، على الصعيدين المحلي والدولي. بدوره، يركز "بينيت" على تنفيذ الإصلاحات المحلية المتأخرة والمثيرة للجدل السياسي، والرد على إيران التي تعمل على تطوير برنامجها النووي وتحاول إقامة وجود عسكري في سوريا.

فيما يتعلق بسوريا، كان نهج "بينيت" مشابهًا لمقاربة "نتنياهو" في شن غارات جوية، لمنع إيران من تحويل مناطق من البلاد إلى قواعد عمليات أمامية ضد "إسرائيل"، أو من استخدام الأراضي السورية لنقل الأسلحة إلى "حزب الله" في لبنان. وتريد "إسرائيل" منع إيران من إمداد "الحزب" بصواريخ إضافية، والذي يمتلك بالفعل ترسانة كبيرة من حوالي 150 ألف سلاح من هذا النوع، بما في ذلك بعض الأسلحة التي يمكن استهدافها بدقة؛ حيث ستعرّض تلك الصواريخ الدقيقة المدنيين "الإسرائيليين" لخطر غير مسبوق في حال وقوع مواجهة مستقبلية مع "حزب الله".

كما تشعر "إسرائيل" بالقلق من أن هذه الصواريخ ستوفر لـ"حزب الله" قدرات عديدة لا يمتلكها أي طرف عربي آخر، بما في ذلك القدرة على ضرب مراكز التعبئة ومخازن الأسلحة وبالتالي تعطيل تعبئة جنود الاحتياط، (المكون الأساسي للقوات المسلحة "الإسرائيلية")، ومهاجمة القواعد الجوية وبالتالي تعطيل عمليات سلاح الجو "الإسرائيلي"، واستهداف الدفاعات الصاروخية "الإسرائيلية" بما في ذلك نظام القبة الحديدية، لتعطيل أنظمة القيادة والسيطرة الوطنية، ومنها مكتب رئيس الوزراء في القدس، ومقر قيادة الجيش في تل أبيب وسلسلة القيادة العسكرية، وإلحاق الضرر بالبنية التحتية الوطنية الحيوية، مثل محطات الطاقة ومرافق معالجة المياه وعقد الاتصالات الخلوية والكمبيوتر وأنظمة النقل.

من جهة أخرى، فإن خطر تجدد الأعمال العدائية مع حركة "حماس" قائم دائمًا؛ حيث اندلع القتال في مناسبات عديدة على مدى السنوات العشر الماضية في ظل حكومات "إسرائيلية مختلفة"، كان آخرها في أيار/ مايو 2021، بينما لا يوجد حل عسكري واضح للتهديد الذي تشكله الحركة. وقد طالب "بينيت" برد أكثر قوة على التهديد الصادر من غزة عندما كان وزيرًا في الحكومة، لكنه الآن مسؤول عن مواجهة الأمر بنفسه، ويبدو أنه يحاول إدارة القضية من خلال إعطاء الأولوية لخفض التصعيد إلى حد كبير، كما فعل "نتنياهو"، لكنه يلتمس أيضًا مساعدات دولية لتحسين الظروف الإنسانية في كل من غزة والضفة الغربية. جدير بالذكر في هذا الإطار أن أحزاب التحالف بشكل عام تتفق على أن "حماس" منظمة إرهابية تحمل على عاتقها تدمير "إسرائيل"، وأنه لا ينبغي لـ"إسرائيل" أن تتفاوض معها سواءً الآن أو في المستقبل.

ويدرك "بينيت" جيدًا حجم التأثير المدمر الذي أحدثه اندلاع القتال في غزة على مكانة "إسرائيل" الدولية؛ ورغم أن العديد من الحكومات الغربية وحتى بعض الحكومات العربية ألقى باللوم على "حماس"، وأعربت عن دعمها لـ"إسرائيل" بعد الأعمال العدائية الأخيرة بما فيها حرب أيار/ مايو، إلا أن الرأي العام الدولي، خاصةً في الولايات المتحدة، أصبح أكثر انتقادًا للموقف "الإسرائيلي" من أي وقت مضى في الذاكرة الحديثة.

وقد ساهمت سياسات "إسرائيل" والنشاط الاستيطاني المستمر في الضفة الغربية في هذا التغيير، كما قوّضت أيضًا علاقات "إسرائيل" مع الولايات المتحدة والدول الصديقة الأخرى. وفي حين تعتبر الحكومة الائتلافية ظاهريًا حكومة وحدة وطنية في الشؤون الداخلية، إلا أنها أصيبت بالشلل في القضايا المتعلقة بالضفة الغربية وعملية السلام، بما في ذلك المستوطنات، وتعمل على أساس "اتفقنا على ألا نتفق" مع تجنب هذه القضايا قدر الإمكان، ومحاولة الحفاظ على الوضع الراهن.

آي آي إس إس