الصراع السوداني قد يمتد لدول الجوار ويتطور لحرب بالوكالة بين الأطراف الفاعلة بالمنطقة

الصراع السوداني قد يمتد لدول الجوار ويتطور لحرب بالوكالة بين الأطراف الفاعلة بالمنطقة
الساعة : 15:45
1 أغسطس 2023

أتاح الصراع السوداني فرصة لدول الخليج لممارسة نفوذ أكبر في السياسة الإقليمية، لكنه أدى أيضًا إلى تصاعد الخلاف بين دولتين خليجيتين رئيسيتين هما: السعودية والإمارات. فبينما كان كلاهما يميل إلى التدخل في نفس الجانب في صراعات ما بعد الربيع العربي في أماكن مثل اليمن وسوريا، إلا أن كلًا منهما يجد نفسه الآن على طرفي نقيض، ما يمكن أن يصبح حربًا بالوكالة؛ فمع استمرار الاضطرابات في السودان يمكن أن يمتد هذا الخلاف بين السعودية والإمارات إلى صراعات بالوكالة على المستوى السياسي عبر القرن الأفريقي، إن لم يصل إلى حرب مباشرة. إذ يحمل القتال في السودان في طياته خطر امتداد الصراع إلى دول الجوار الهشة، مثل تشاد وليبيا وجنوب السودان، وإذا استمر الصراع فقد يخلق مجالًا لأشكال من التدخل العسكري المباشر من قبل الجهات الإقليمية الفاعلة.

وبالتالي، يمكن أن تجرّ الحرب حلفاء وشركاء أساسيين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط الكبير، مثل الإمارات والسعودية ومصر وتركيا، إلى منافسة بالوكالة مع بعضهم البعض، كما رأينا في الصراعات بالوكالة في كل من ليبيا وسوريا واليمن التي أعقبت احتجاجات الربيع العربي، وهو ما سيشكل تحديات كبيرة للعلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وبين هؤلاء الحلفاء والشركاء.

إضافةً إلى الخلاف بين السعودية والإمارات، فإن الصراع في السودان يضع أيضًا شريكين قديمين (مصر والإمارات) على طرفي نقيض؛ فقد أصبحت مصر بين المطرقة والسندان. كما إن استمرار القتال قد يؤدي إلى تقوية روسيا، الأمر الذي سيضر بمصالح الولايات المتحدة خارج منطقة الشرق الأوسط؛ فقبل بدء الصراع منحت القيادة العسكرية السودانية لروسيا امتيازات كبيرة في صناعة تعدين الذهب بالسودان، والتي ما زالت توفر لروسيا دعمًا ماليًا في حربها ضد أوكرانيا، كما يعتبر السودان سوقًا مهمًا لصادرات الأسلحة الروسية.

لقد دفعت جهود الرياض وأبو ظبي لإنهاء تدخلهما في اليمن وتطبيع العلاقات مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، المراقبين إلى التكهن بأن كلا البلدين يغيران نهجهما الإقليمي ويتجهان بعيدًا عن التدخل في الحروب الإقليمية بالوكالة، والتركيز بشكل أكبر بدلًا من ذلك على خططهما الاقتصادية المحلية الخاصة. رغم ذلك، فإن الصراع في السودان يشير إلى أن دول الخليج قد تقوم ببساطة بتحويل تركيز تدخلاتها إلى القرن الأفريقي؛ حيث إن الصراعات المستمرة ومؤسسات الدولة الضعيفة ووفرة الموارد الطبيعية قد تجعل المنافسة بالوكالة أكثر ربحًا. ومن المرجح أن تساهم هذه المنافسة في توسيع الانقسامات بين حلفاء الولايات المتحدة وشركائها الأمنيين في المنطقة، وهو ما سيشكل تحديًا لجهود الولايات المتحدة للعمل معهم لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

راند