مرصد التنبؤات الغربية 01 أغسطس 2023
الساعة : 15:44
1 أغسطس 2023
تحقيق الأمن البحري في الخليج سيظل مرهونًا بمدى التواجد الأمريكي والتهدئة الإيرانية
إن عملية خفض التصعيد السياسي الحالية بين إيران ودول الخليج، بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية في آذار/ مارس الماضي، لن تكون كافية لضمان الأمن البحري في الخليج وحول شبه الجزيرة العربية. فخلال الأشهر الأربعة الماضية احتجزت إيران أو حاولت الاستيلاء على أربع ناقلات نفط وسط مضيق هرمز وخليج عمان، اثنتان منها في الخامس من تموز/ يوليو. وبالتالي، فإن تكرار تلك الحوادث البحرية يثير القلق في دول الخليج القائمة على التصدير (خصوصًا الإمارات)؛ حيث لم تسفر إعادة صياغة تلك الدول لسياستها الخارجية عن تحسن ملموس في الاستقرار الإقليمي حتى الآن.
في هذا السياق، من المتوقع أن تلعب الصين دورًا في تخفيف تلك التوترات؛ إلا أن الأنظار تتجه نحو الولايات المتحدة؛ حيث تسعى الإمارات والسعودية للحصول على ضمانات أمنية من واشنطن. والسؤال الأهم هنا هو ما إذا كانت الصين ستدفع طهران إلى خفض التصعيد في الجانب البحري أم لا، وفي حال حدث ذلك، هل سيقبل فصيل الصقور الإيراني المرتبط بالحرس الثوري النصيحة من بكين؟
إن دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات، تتوقع إجابات سياسية من الولايات المتحدة بشأن أمن الخليج، بدءًا من الأمن البحري والدفاع الجوي؛ أي إنهم ينتظرون شيئًا يتم تحويله إلى ضمانات أمنية وبالتالي تعزيز الأطر الاستراتيجية الحالية. وقد أشار باحث إماراتي بارز إلى أن "الشرق الأوسط الذي يبدو هادئًا، هو على بعد بوصة واحدة فقط من السقوط مرة أخرى في النفق المظلم للتوتر الدائم". وسيعتمد هذا إلى حد كبير على استمرار الانفراج السعودي الإيراني؛ فحتى تجد إيران الظرف ملائمًا سياسيًا لاستهداف الممرات البحرية لتعزيز أهدافها الاستراتيجية، سيبقى أمن الخليج على حافة الهاوية.
آي إس پي آي
الصراع السوداني قد يمتد لدول الجوار ويتطور لحرب بالوكالة بين الأطراف الفاعلة بالمنطقة
أتاح الصراع السوداني فرصة لدول الخليج لممارسة نفوذ أكبر في السياسة الإقليمية، لكنه أدى أيضًا إلى تصاعد الخلاف بين دولتين خليجيتين رئيسيتين هما: السعودية والإمارات. فبينما كان كلاهما يميل إلى التدخل في نفس الجانب في صراعات ما بعد الربيع العربي في أماكن مثل اليمن وسوريا، إلا أن كلًا منهما يجد نفسه الآن على طرفي نقيض، ما يمكن أن يصبح حربًا بالوكالة؛ فمع استمرار الاضطرابات في السودان يمكن أن يمتد هذا الخلاف بين السعودية والإمارات إلى صراعات بالوكالة على المستوى السياسي عبر القرن الأفريقي، إن لم يصل إلى حرب مباشرة. إذ يحمل القتال في السودان في طياته خطر امتداد الصراع إلى دول الجوار الهشة، مثل تشاد وليبيا وجنوب السودان، وإذا استمر الصراع فقد يخلق مجالًا لأشكال من التدخل العسكري المباشر من قبل الجهات الإقليمية الفاعلة.
وبالتالي، يمكن أن تجرّ الحرب حلفاء وشركاء أساسيين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط الكبير، مثل الإمارات والسعودية ومصر وتركيا، إلى منافسة بالوكالة مع بعضهم البعض، كما رأينا في الصراعات بالوكالة في كل من ليبيا وسوريا واليمن التي أعقبت احتجاجات الربيع العربي، وهو ما سيشكل تحديات كبيرة للعلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وبين هؤلاء الحلفاء والشركاء.
إضافةً إلى الخلاف بين السعودية والإمارات، فإن الصراع في السودان يضع أيضًا شريكين قديمين (مصر والإمارات) على طرفي نقيض؛ فقد أصبحت مصر بين المطرقة والسندان. كما إن استمرار القتال قد يؤدي إلى تقوية روسيا، الأمر الذي سيضر بمصالح الولايات المتحدة خارج منطقة الشرق الأوسط؛ فقبل بدء الصراع منحت القيادة العسكرية السودانية لروسيا امتيازات كبيرة في صناعة تعدين الذهب بالسودان، والتي ما زالت توفر لروسيا دعمًا ماليًا في حربها ضد أوكرانيا، كما يعتبر السودان سوقًا مهمًا لصادرات الأسلحة الروسية.
لقد دفعت جهود الرياض وأبو ظبي لإنهاء تدخلهما في اليمن وتطبيع العلاقات مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، المراقبين إلى التكهن بأن كلا البلدين يغيران نهجهما الإقليمي ويتجهان بعيدًا عن التدخل في الحروب الإقليمية بالوكالة، والتركيز بشكل أكبر بدلًا من ذلك على خططهما الاقتصادية المحلية الخاصة. رغم ذلك، فإن الصراع في السودان يشير إلى أن دول الخليج قد تقوم ببساطة بتحويل تركيز تدخلاتها إلى القرن الأفريقي؛ حيث إن الصراعات المستمرة ومؤسسات الدولة الضعيفة ووفرة الموارد الطبيعية قد تجعل المنافسة بالوكالة أكثر ربحًا. ومن المرجح أن تساهم هذه المنافسة في توسيع الانقسامات بين حلفاء الولايات المتحدة وشركائها الأمنيين في المنطقة، وهو ما سيشكل تحديًا لجهود الولايات المتحدة للعمل معهم لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
راند
هجمات "التيار الصدري" على "حزب الدعوة" والسفارة السويدية تشير لنية "الصدر" استعادة نفوذه
اجتاح مئات من أنصار رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، في الـ20 من تموز/ يوليو السفارة السويدية في حي الصالحية وسط بغداد وأشعلوا حريقًا داخل جدران السفارة، ردًا على قيام متظاهر في السويد بحرق المصحف، ولم يتضح مدى الأضرار التي لحقت بمبنى السفارة لكن الموظفين لم يكونوا متواجودين أثناء الحادث. كما استهدف مسلحون مجهولون، في الـ17 من الشهر ذاته بالأسلحة وقذائف "آر بي جي"، مقرات الفصائل المتحالفة مع إيران ومنافسي "الصدر": "منظمة بدر"، وحركة "أنصار الله الأوفياء" و"عصائب أهل الحق" في النجف جنوب العراق، حيث قتل أحد أفراد أمن "منظمة بدر".
وبين الـ15 والـ16 من تموز/ يوليو، قام أنصار "الصدر" بتخريب وإضرام النار في 18 مكتبًا لـ"حزب الدعوة الإسلامي"، الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، وسط وجنوب البلاد ردًا على تدوينة من أحد أعضاء الحزب يهين فيها والد "الصدر". وقد سبق ذلك عروض مسلحة على مدار أسبوعين من قبل ميليشيا "الصدر" "سرايا السلام" في البصرة، رغم تعليق "الصدر" عمليات ميليشياته بعد القتال الذي دار في المنطقة الخضراء في آب/ أغسطس 2022.
إن سلسلة أحداث العنف هذه تشير إلى نية "الصدر" لاستعادة نفوذه السابق في جهاز الدولة (الذي يتم من خلاله ضمان الوصول إلى الموارد والمحسوبية)، من خلال حشد قاعدة الدعم الكبيرة والميليشيات التابعة له بعد فترة من الهدوء النسبي، عقب تشكيل الحكومة في تشرين الأول/ أكتوبر 2022 دون مشاركته. فمن المرجح أن الاحتجاجات والهجمات ضد السفارة السويدية كانت استعراضًا للقوة، للإشارة إلى منافسيه السياسيين في "الإطار التنسيقي" (لا سيما "عصائب أهل الحق" وحزب الدعوة)، بأنه لا زال يملك القدرة على حشد المؤيدين في وقت قصير، وللتحذير من التهميش المستمر لتياره داخل مؤسسات الدولة.
كما تسلط تلك الهجمات الضوء على خطر التصعيد من قبل الجهات الفاعلة التي شجعتها هجمات الصدريين ضد مكاتب حزب الدعوة. لكن لم يعلن "الصدر" بعد إذا كان تياره سيخوض انتخابات المحافظات المقرر إجراؤها في كانون الأول/ ديسمبر 2023، رغم أنه لا يرجح أن تقلل مشاركته من احتمال وقوع مزيد من الهجمات على المنافسين، بل إن هذا الخطر سيزداد، لا سيما في حال أداء خصوم "الصدر" بشكل جيد في معاقله بمحافظتي البصرة وميسان.
إس آند پي جلوبال ماركيت إنتيليجنس
محاولة "الدبيبة" الإطاحة بمحافظ البنك المركزي قد تؤدي لمواجهات بين قوات الطرفين
حاصر متظاهرون من قبيلتي أزوية والمغاربة، في الـ13 من تموز/ يوليو، حقلي النفط الفيل والشرارة (ثاني أكبر حقول النفط في البلاد)، مطالبين بالإفراج عن وزير المالية، فرج بومطاري، الذي اعتقل في مطار معيتيقة في الـ12 من الشهر ذاته. كما طالب المتظاهرون بعد ذلك باستبدال محافظ البنك المركزي، الصدّيق الكبير، و"الإطاحة" بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس برئاسة "عبد الحميد الدبيبة"، وهددوا بإغلاق مزيد من حقول النفط وتعطيل إمدادات المياه إلى طرابلس. يأتي ذلك عقب طلب الجنرال المتقاعد، خليفة حفتر، بتشكيل لجنة مالية عليا للإشراف على توزيع الثروة النفطية في البلاد بين الحكومتين المتنافستين.
وعليه، يُرجَّح أن يستخدم "الدبيبة" تلك الاحتجاجات ذريعة لاستبدال "الكبير"، وهذا ما يدعم مطالب "حفتر"، لكنه لن يستقيل من رئاسة الحكومة. وإذا قبل "الدبيبة" بمطالب المتظاهرين، بالنظر إلى أن هذه الاحتجاجات على الأرجح مدعومة من قبل "حفتر"، فسيستمر الوضع في اتجاه التعاون الضمني بين "حفتر" و"الدبيبة" الذي ستتعزز مكانته في حكومة طرابلس؛ حيث إن تزايد عنف الميليشيات والإجرام وانتهاء تفويض "الدبيبة" المدعوم من الأمم المتحدة لقيادة البلاد نحو انتخابات عام 2021، وعدم قدرته على التوصل لاتفاق بشأن قوانين الانتخابات بين الحكومتين المتنافستين، كل ذلك قوّض موقفه.
أما إذا تمكّن "الدبيبة" من إزاحة "الكبير" (واستبداله ببومطاري) فمن المرجح أن يتم تشكيل اللجنة المالية العليا بحلول أيلول/ سبتمبر القادم، ما سيمنع المزيد من الانقطاعات. ومع ذلك، فإن قطع إمدادات المياه عن طرابلس قد يؤدي لاحتجاجات كبيرة وزيادة الضغط على "الدبيبة"، لا سيما مع اشتداد حرارة أشهر الصيف. ومن المرجح أن تتطلب محاولات إزالة "الكبير" القوة، ما سيؤدي لمواجهات مسلحة بين الميليشيات الموالية لـ"الكبير" والقوات الموالية لـ"الدبيبة" وسط طرابلس.
إس آند پي جلوبال ماركيت إنتيليجنس
تداعيات استمرار الحرب الروسية الأوكرانية ستُجبر مصر على توفير غذائها بنفسها
بعد 500 يوم من التصدي للتأثير الاقتصادي المنهك الناتج عن غزو روسيا لأوكرانيا في شباط/ فبراير 2022، تعثّر الاقتصاد المصري؛ ففي حزيران/ يونيو الماضي سجل معدل التضخم السنوي في مصر رقمًا قياسيًا مقلقًا بلغ 36.8%، أي أكثر من ضعفين ونصف عن نسبة العام السابق التي بلغت 13.6%. وإذا استمر التضخم في الارتفاع بوتيرته الحالية، فإن مصر (أكبر دولة من حيث عدد السكان في الشرق الأوسط) ستدخل حالة من التضخم المفرط بحلول نهاية العام. وفي قلب الأزمة يكمن الأمن الغذائي الهش في مصر؛ حيث دفع التضخم القوي في البلاد إلى ارتفاع التضخم بشكل كبير في أسعار المواد الغذائية، لتصل إلى نسبة 64.9% في حزيران/ يونيو.
إن الحالة الهشة للأمن الغذائي في مصر تشكل تهديدًا وجوديًا لاستمرار اقتصاد البلاد ولحكومة "السيسي"، وإن كانت المساعدات الطارئة وموردو الحبوب قد ينقذون البلاد من السقوط في هاوية التضخم، إلا أن ذلك لن يساعدها على عكس مسارها. إن هروب مصر من مصيدة التهاوي الاقتصادي الدائم يكمن في تقليل وارداتها الغذائية من خلال توفير المزيد من غذائها؛ وإذا كان إنشاء بنية تحتية حكيمة لخلق إمدادات مياه إضافية لتوسيع الزراعة المحلية يعتبر رؤية واعدة، إلا أنه يأتي في الوقت الضائع. فالقاهرة في حاجة لسداد أو إعادة جدولة ديون بقيمة 20 مليار دولار على مدار الأشهر الـ12 القادمة، مع استخدام احتياطياتها الأجنبية المتناقصة لاستيراد الغذاء وإنفاق 4.14 مليار دولار على الإعانات لجعل هذا الغذاء المستورد في متناول السكان.
وبحسب ما تشير إليه مبادرة حبوب البحر الأسود، من المرجح أن تشهد الأشهر القادمة من الصراع الروسي الأوكراني تفاقمًا عميقًا لأزمة الغذاء العالمية، وليس لدى القاهرة الكثير من الوقت لتضيعه في تبني حلول التكنولوجيا الزراعية لتجنب حدوث تراجع فوري وكارثي في أمنها الغذائي. ولتوفير غذائها بنفسها، تحتاج مصر أيضًا إلى مواجهة تأثير تسارع ندرة المياه بسبب تغير المناخ؛ فالكفاءة في استخدام المياه من خلال التكنولوجيا الزراعية تعتبر أمرًا بالغ الأهمية لقدرة مصر على توسيع إنتاجها من الأغذية الزراعية على المدى القريب، ما يجعل دبلوماسية التكنولوجيا الزراعية فرصة فريدة للولايات المتحدة لإشراك القاهرة في شراكة استراتيجية ذات نتائج حيوية.
ميدل إيست إينيستيتيوت
"نتنياهو" سينتهج نبرة تصالحية وسياسة النفس الطويل لتمرير مشروع الإصلاح القضائي
وافق الكنيست "الإسرائيلي"، في الـ24 من تموز/ يوليو 2023، على الجزء الأول من الإصلاح القضائي للحكومة، حيث يعتبر مشروع القانون أول محاولة ناجحة للحكومة بقيادة حزب "الليكود" لتمرير جزء من إصلاحها القضائي الشامل. ومن المرجح جدًا أن تمر الأجزاء الأخرى من الإصلاح القضائي (وإن بشكل مقلَّص) بحلول نهاية عام 2023؛ فقد جاءت الموافقة على الجزء الأول بدعم من جميع أعضاء الائتلاف، رغم تقارير عن معارضة داخلية (لا سيما داخل الليكود بزعامة "نتنياهو") وضد معارضة محلية ودولية كبيرة. ويشير هذا إلى أن الحكومة لديها الدافع الكافي وأنها موحدة للمضي قدمًا في الأجزاء المتبقية من الإصلاح، ما يدعم وجهة النظر سالفة الذكر. ومن المتوقع أن يقدم مجلس الوزراء في المرة القادمة مشروع قانون لإعادة تصنيف مستشاري الحكومة وجعل آرائهم غير ملزمة. ويُعتقد أن هذا، إلى جانب العناصر الأخرى المثيرة للجدل في الإصلاح القضائي، سيتم تقديمها فقط في الجلسة الشتوية للكنيست في تشرين الأول/ أكتوبر.
علاوةً على ذلك، يُرجَّح أن تستمر الاحتجاجات إلا أنها ستفقد زخمها تدريجيًا؛ وبالنظر إلى أن مشروع القانون الأخير (الذي تعتبره الحكومة الأقل إثارة للجدل) لا يزال يواجه احتجاجات جماهيرية، فمعنى هذا أن الجمهور الأوسع لا يميز بشكل واضح بين مكونات الإصلاح، وبالتالي سيعارض جميع الأجزاء بالتساوي. ومع ذلك، فإن انتصار الحكومة الرمزي في تمرير مشروع القانون قد يثني مزيدًا من المتظاهرين العرضيين، في حين أن سعيها لنسخة أضعف من حزمة الإصلاح الأوسع سيؤدي عل الأرجح إلى تراجع المزيد من المتظاهرين المعتدلين سياسيًا بشكل تدريجي. ولا يُرجح أن تقدم الحكومة جزءًا آخر من الإصلاح القضائي قبل بدء الجلسة الشتوية للكنيست في تشرين الأول/ أكتوبر القادم، ما سيؤدي على الأغلب إلى تآكل الإقبال على الاحتجاج على المدى القصير.
أخيرًا، وبعد الموافقة على القانون الأخير تبنى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، نبرة تصالحية مشيرًا إلى أن الحكومة "مستعدة لمناقشة كل شيء فورًا وخلال عطلة الكنيست، وإذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من الوقت حتى نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر". وهذا يدعم وجهة النظر التي ترى أن الحكومة ستحافظ على نهج تصالحي، وتتابع عملية تشريعية مطولة لمحاولة الوصول إلى إجماع أوسع حول الإصلاح.
فيتش سوليوشنز
الاضطرابات الاجتماعية في إيران ستزداد حدة خلال الفترات المقبلة نتيجة التضخم وستواجه بقمع شديد
نظّم المتقاعدون الإيرانيون احتجاجات مناهضة للحكومة في عدة مدن بسبب زيادة المصاعب المالية؛ حيث عجزت رواتبهم عن مواكبة التضخم المتفشي، فيما اشتعل السخط الاجتماعي الأوسع من خلال حملة القمع المتجددة على ملابس النساء. ومن المتوقع أن يؤدي مزيج الظروف الاقتصادية القاسية، مع استمرار العقوبات الأمريكية المعوّقة وتشديد القيود الاجتماعية واستمرار الهيمنة السياسية للمتشددين، إلى موجات متكررة من الاضطرابات الاجتماعية خلال الأعوام القادمة، وهو ما سيقابل بقمع وحشي. وقد أصبحت احتجاجات المتقاعدين والعاملين في القطاع العام أمرًا معتادًا بسبب استمرار ارتفاع التضخم لا سيما في مجال الغذاء، والذي نتج عن انخفاض قيمة العملة بسبب العقوبات إضافةً إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية دوليًا، ما يؤدي إلى تآكل الدخل ودفع أعداد كبيرة من الإيرانيين إلى حدّ الفقر.
إن الغضب من تدهور مستويات المعيشة، والذي يعود إلى السياسات الاقتصادية للإدارة المتشددة، يتفاقم من خلال زيادة القمع الاجتماعي؛ حيث تم قمع الاضطرابات بعنف من قبل الحرس الثوري الإسلامي "IRGC"، بينما تم سحب دوريات الإرشاد (شرطة الأخلاق)، المسؤولة عن التطبيق العام للقواعد، بهدوء من الشوارع لتخفيف التوتر على ما يبدو. ومع ذلك، فقد أعلن قائد الشرطة في منتصف تموز/ يوليو أن الدوريات ستستأنف في الشوارع، بينما أفادت بعض النساء على الأرض أن تطبيق القانون لم يتوقف أبدًا لكن هذه المسؤولية انتقلت ببساطة إلى المسؤولين عن المؤسسات نفسها، مثل الجامعات وأماكن العمل والمتاجر، وهي خطوة مثيرة للاستفزاز. وفي إشارة أخرى إلى أن المتشددين لن يتراجعوا، فإن مشروع قانون "حماية العفة والحجاب"، الذي يشدّد مثل هذه القواعد والعقوبات المرتبطة به، ماضٍ في طريقه عبر العملية التشريعية.
بناءً على ما سبق، من المتوقع أن تستمر الصعوبات الاقتصادية بما فيها التضخم المكون من رقمين والقمع الاجتماعي الصارم على مدار السنوات الأربع القادمة. بل إن الوضع سيزداد سوءًا نظرًا لأن أسعار النفط المنخفضة تحد من الإنفاق الحكومي على الرعاية الاجتماعية، خصوصًا في ظل الغياب المتوقع لتخفيف العقوبات الأمريكية. وستنشأ موجات متفرقة من الاضطرابات الاجتماعية، ما سيؤدي إلى قمع وحشي ويعزز الموقف السياسي المحلي للحرس الثوري.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت
الاتفاقيات الجديدة بين تركيا والإمارات ستعزز علاقاتهما وتزيد الاستثمار الإماراتي في مجالات عديدة
وقّعت تركيا والإمارات اتفاقيات بقيمة تصل إلى 51 مليار دولار خلال زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الإمارات في الـ19 من تموز/ يوليو، تضمنت سلسلة من الاتفاقيات المؤقتة لإنشاء لجنة اقتصادية وتجارية مشتركة، وصفقات قطاعية وميثاق لتسليم المجرمين. يأتي ذلك عقب اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة "CEPA" التي تم الاتفاق عليها في آذار/ مارس، والتي التزم فيها الجانبان بتعزيز التجارة الثنائية إلى 40 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة. وتعد هذه الصفقات تأكيدًا إضافيًا للتواصل الدبلوماسي الإقليمي لدولة الإمارات، وجهودها لإصلاح العلاقات مع المنافسين الإقليميين بما فيهم تركيا، وهي عملية من المتوقع استمرارها.
إن هذه الصفقات الجديدة ستؤدي على الأغلب إلى زيادة الاستثمار الإماراتي في الكيانات الاقتصادية التركية، وسيتم تعزيز الروابط التجارية بشكل كبير من قبل قيادة الإمارات في محاولة لتعزيز العلاقات الإقليمية الآخذة في التطور. فقد بلغ حجم التجارة غير النفطية بين البلدين 18.9 مليار دولار عام 2022، ومن المحتمل أن يرتفع ذلك مع إزالة الرسوم والتعريفات الجمركية، وأن تعطي الاتفاقيات المتعلقة بحماية الاستثمار ثقة أكبر للشركات التي تستكشف فرص الاستثمار. كما إن الشركات الإماراتية ستتطلع إلى استغلال السوق المحلي الكبير في تركيا والروابط الإقليمية القوية، ما سيؤدي إلى استثمارات إماراتية كبيرة محتملة في مجالات مثل البناء والعقارات والضيافة والطاقة والبنية التحتية.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت