رغم الفوائد الاقتصادية والسياسية التي يمكن أن تجلبها عودة العلاقات بين المغرب والجزائر، إلا أن الانفراج في العلاقة لا يبدو قريبًا بحسب التوقعات الحالية، ويرجع ذلك في الغالب إلى تباين كبير في مواقف البلدين بشأن قضية الصحراء الغربية. وباعتبار أن دعم الجزائر لـ"جبهة البوليساريو" جزء أساسي من موقف سياستها الخارجية، فإن التخلي عن دعمها لاستقلال الصحراء الغربية من شأنه أن يقوض روايتها المستمرة منذ عقود.
بالمقابل، لن يتخلَّ المغرب عن مطالباته بالسيادة على الصحراء الغربية، والتي تظل الهدف الأساسي لسياسته الخارجية؛ فقد سعت المملكة خلال السنوات الأخيرة إلى تسريع الجهود لإدماج أراضي الصحراء الغربية فعليًا في حدودها المعترف بها دوليًا، خصوصًا خلال ولاية الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب. وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن الهدوء الحقيقي يبدو بعيد الاحتمال، ومن المتوقع استمرار فترة التصعيد الدوري للتوترات؛ حيث ستظهر في الغالب مناوشات عرضية على طول الحدود بين الصحراء الغربية الخاضعة لسيطرة المغرب، والقسم من المنطقة الذي لا يزال تحت سيطرة "البوليساريو". وهناك احتمال أكبر أيضًا لاستهداف البنية التحتية التجارية للبلدين والأصول في منطقة الساحل، سواءً من قبل القوات الجزائرية والمغربية، أو من قبل مقاتلي "البوليساريو".
رغم هذه التوترات، فإن احتمال بدء صراع مفتوح بين المغرب والجزائر يبدو ضعيفًا؛ حيث إن هذا الاحتمال سيقوض شرعية قيادة كل بلد ويزيد من عدم الاستقرار الداخلي على جانبي الحدود، في وقت يواجه فيه البلدان بالفعل تحديات اقتصادية تزيد من السخط الاجتماعي، إضافةً إلى أن عدم وجود عداء بين الجزائريين والمغاربة يعني أن الدعم الشعبي للصراع العسكري ضئيل للغاية في الطرفين.
في هذا السياق، من المرجّح أن يظل التنافس الإقليمي مدفوعًا من قبل حكومتي البلدين، وأن تغذيه الفوائد الداخلية والخارجية التي يمكن أن يستخلصها كلا النظامين من العداء المفتوح، كما يُتوقع أن يُزيد كل من البلدين في الإنفاق العسكري، لمحاولة ممارسة النفوذ الإقليمي وردع بعضهما البعض.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت