استضاف ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، رئيس أوزبكستان، شوكت ميرزيوييف، منتصف آب/ أغسطس الماضي، وذلك بعد أقل من شهر من قيام الرئيس الكازاخستاني ، قاسم جومارت توكاييف، بزيارة إلى الرياض. من جهتها، تعمل السعودية، وكذا الإمارات، على تعميق العلاقات مع دول آسيا الوسطى لإطلاق العنان لفرص الاستثمار المزدهرة، ومواجهة التأثيرات الجيوسياسية في منطقة تتمتع بأهمية استراتيجية. وخلال السنوات الأخيرة، لوحظ تعمق العلاقات الاقتصادية والسياسية بين دول الخليج ودول آسيا الوسطى، وذلك بسبب الحاجة إلى مواجهة روابط إيران القوية بالمنطقة.
ويُعتقد أن هذه السياسية التي تنتهجها دول الخليج قد ازدادت خلال الأشهر الـ12 الماضية، بسبب سياسة الحكومة الإيرانية الجديدة المتمثلة في إعطاء الأولوية للعلاقات مع الدول المجاورة بدلًا من الغرب، إضافةً إلى أن الحرب في أوكرانيا صرفت انتباه روسيا منذ شباط/ فبراير الماضي عن الجهود المبذولة للحفاظ على نفوذها التقليدي في المنطقة. وفي هذا الإطار، تحاول السعودية أن تلعب دورًا دبلوماسيًا عالميًا أكبر مع الوقت، إلا أنه من المتوقع أن تبقى كل من روسيا والصين الأكثر تأثيرًا على منطقة آسيا الوسطى.
من ناحية أخرى، فقد تغيّر نهج السياسة الخارجية من قبل السعودية في التعامل مع دول آسيا الوسطى؛ فبعيدًا عن أسلوب التواصل الديني أو العسكري، أصبحت الرياض تستفيد من فكرة عائدات النفط المرتفعة بشكل استثنائي، واستغلال تفوقها المالي في التأثير على العلاقات ومتابعة أهداف السياسة الخارجية ودعم الاستراتيجية الدولية. وتتطلع الرياض من خلال الاستثمار في الخارج إلى تنويع مصادر عائدات التصدير بعيدًا عن النفط الخام، والاستفادة من التحرر الاقتصادي والخصخصة في كازاخستان وأوزبكستان، أكبر اقتصادات آسيا الوسطى، فيما يرى الطرفان أيضًا إمكانية تعزيز التدفقات التجارية التي تعتبر في حدها الأدنى حاليًا.
استنادًا إلى ما سبق، يُرجّح استمرار المملكة في استخدام ثقلها المالي لتعميق العلاقات مع آسيا الوسطى، خصوصًا مع توقعات بقاء أسعار النفط قوية في الفترة بين عامي 2022 و2024، من أجل موازنة النفوذ الإيراني، واستغلال الضعف الروسي، وتأمين مصالحها في حلقة اتصال مهمة للتجارة الدولية. ومن المتوقع أيضًا، بناءً على هذه الترجيحات، أن يسهّل تحرير الاقتصاد الإقليمي تعميق العلاقات، ما سيوفر فرصًا وفيرة لكل من مستثمري الدولة والقطاع الخاص.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت