قد تؤدي المفاوضات بين السعوديين والحوثيين إلى شكل من أشكال السلام في اليمن، لكن ليس بالضرورة للجميع؛ فقد يؤدي صراع الفصائل للسيطرة على منشآت النفط إلى تهديدات جديدة للملاحة على طول الساحل الجنوبي لليمن. وقد تظهر بوادر اتفاق سلام مرة أخرى في اليمن؛ فالمفاوضات جارية بين الحوثيين والحكومة السعودية التي تبدو حريصة على الخروج من المستنقع الذي خاضت فيه عام 2015. وقد تمهد المفاوضات الطريق لقيام دولة حوثية بحكم الأمر الواقع، تغطي معاقل الحوثيين شمال اليمن إلى جانب صنعاء و الحديدة. ورغم كثرة الحديث عن دولة قانونية مع كل مظاهر الدولة المستقلة، إلا أنه من الصعب توقع طبيعة الكيان الجديد.
بالمقابل، لا يُرجّح أن تُنهي هذه النتيجة الحرب في اليمن؛ إذ ليس هناك ما يشير إلى أن المحادثات، التي تستثني فصائل كثيرة مناهضة للحوثيين والتي تحملت وطأة القتال، ستحدد مصير اليمن بسلام. ورغم أن السعوديين قد يعتقدون أنهم يتفاوضون على إنهاء الحرب، لكن الحوثيين قد يفكرون بالمقابل أنهم يتفاوضون على انسحابهم من الحرب وليس على مستقبل اليمن. ففي أذهان الحوثيين، سيظل هذا المستقبل مكتوبًا في ساحة المعركة، فقط دون أن تهاجم الطائرات السعودية قواتهم.
في السياق ذاته، ومع نزع فتيل التهديد السعودي، تحول الحوثيون إلى بناء الدولة؛ وقد يشهد المستقبل سباقًا للسيطرة على التدفقات التجارية، إذ لن يسعى الحوثيون ساعتها إلى فرض تكاليف على الجهات المعادية من خلال الإضرار بالتجارة، لكنهم بدلًا من ذلك سيسعون للاستفادة من تلك التجارة.
وبالتالي يصبح عليهم، من الناحية العملية، التحكم في البنية التحتية المادية والمالية لتجارة المواد الهيدروكربونية، والتأكد من تداول السلع عبر محطاتهم، ما قد يؤدي إلى شكل من أشكال "الحرب التجارية"؛ حيث تقوم الفصائل بتعطيل أو الاستيلاء على المنشآت التي تدر دخلًا لمنافسيها، إما عن طريق العنف أو المعاملات السياسية والمالية. وهذا من المؤكد أنه سيعطل العمليات في الموانئ والمحطات اليمنية، إلا أنه من المحتمل أن يؤدي إلى انخفاض مستوى التهديد لحركة المرور التجارية، وإن كان مختلفًا إلى حد ما.
ريسك إنتيليجنس