قامت طهران بتعطيل أكثر من 20 كاميرا تابعة للأمم المتحدة كانت تراقب نشاطها النووي، وهو ما قد يوجّه ضربة قاضية للمحادثات المتعثرة في فيينا، وسيزيد من خطر نشوب صراع سري وربما مباشر مع الولايات المتحدة و"إسرائيل"، فضلًا عن رغبة طهران في الحصول على أسلحة نووية. وفي حال تصميم إيران على الاستعجال في تخصيب اليورانيوم، والذي يعتبر من فئة الأسلحة، سيؤدي ذلك إلى تسريع الجدول الزمني الذي يمكن لإيران من خلاله إنتاج ما يكفي من المواد النووية، الصالحة لصنع الأسلحة لجهاز نووي واحد "وليس قنبلة نووية". يشار أن إيران هي الدولة الوحيدة غير النووية التي تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، ويمكنها تخصيب اليورانيوم بسرعة إلى مستوى نقاء 90%.
من جهتها، ستسعى الولايات المتحدة إلى تجنب تصعيد التوترات، لأنها تواجه العديد من التحديات السياسية الأخرى داخليًا وخارجيًا على المدى القصير. وقد يقوم البيت الأبيض بإيقاف أي تصعيد متوقع لأطول فترة ممكنة، لأنه يتعامل في الوقت الحالي مع العديد من الأزمات الأخرى، بما فيها الحرب المستمرة في أوكرانيا، والاقتصاد المحلي الذي يصارع التضخم ويغذيه ارتفاع أسعار النفط، إضافةً إلى رغبة الولايات المتحدة في الابتعاد عن الشرق الأوسط لمواجهة الصعود الجيوسياسي للصين.
على صعيد آخر، لا يبدو أن "إسرائيل" سيكون لديها الاستراتيجية ذاتها في التعامل مع إيران؛ إذ يُرجح بقوة أن تقوم بمزيد من المهام السرية وربما مهام أكثر جرأة أو أكثر علنية، تهدف من خلالها إلى عرقلة البرنامج النووي الإيراني، وصناعة الصواريخ و برامج الطائرات بدون طيار. وقد تضطر الولايات المتحدة إلى العمل بالطريقة ذاتها في توسيع نشاطها السري، أو الضربات العسكرية على برنامج إيران النووي. أما إيران فستكون مستعدة للتصعيد في حالة نفذت "إسرائيل" خطتها، وقد تعمل على الرد من خلال هجمات صاروخية أو طائرات بدون طيار أكثر عدوانية، ينفذها وكلاؤها الإقليميون، أو تبدأ بالهجمات الإلكترونية التي تستهدف البنية التحتية الحيوية.
وتشير التحليلات أن التصعيد الكبير للتوتر الحالي بين إيران والولايات المتحدة و"إسرائيل" لن يؤدي إلا لزيادة احتمال أن تصبح طهران دولة نووية، وهو ما يشكل تهديدًا أكبر للاستقرار الإقليمي. وفي حال قامت طهران بالتحرك الحقيقي لامتلاك أسلحة نووية، سيؤدي ذلك إلى انتشار نووي سريع في الشرق الأوسط، وقد تعلن لـ"إسرائيل" أن لديها أسلحة نووية لتأسيس الردع النووي، بينما قد تقوم السعودية بمضاعفة جهودها لامتلاك أسلحة نووية.
ستراتفور