أجرى الرئيس الصيني، شي جين بينغ، زيارة إلى السعودية في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، في إطار ما أسماه "حقبة جديدة" في العلاقات السعودية الصينية، والتي يمكن أن تمنح كلا الجانبين مزيدًا من الحرية في السياسة الخارجية؛ حيث تبحث كل من الرياض وبكين عن طرق لمقاومة الضغط الأمريكي. وخلال الزيارة، وقّع "شي" مع العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، على "اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة"، يلتزم فيها الطرفان بعقد اجتماعات نصف سنوية وتعزيز العلاقات الثقافية والسياحية بينهما، كما تم توقيع صفقات مختلفة لزيادة التعاون في مجالات عديدة.
لكن في المقابل، فإن العلاقات السعودية الأمريكية عميقة خصوصًا في المجال العسكري، ولا يبدو أن الصين مستعدة لاستبدالها في الوقت القريب، بيد أنه بمرور الوقت، قد تساعد العلاقات المتوطدة بين المملكة والصين في نهاية المطاف على أن يصبح كلا البلدين أكثر استقلالًا عسكريًا واقتصاديًا. ورغم أن ذلك سيستغرق وقتًا طويلًا، إلا أن توسيع العلاقات العسكرية بين الصين والسعودية هو على ما يبدو الخطوة التالية، لا سيما بالنظر إلى اهتمام المملكة المستمر ببناء شركاء دفاع خارج الولايات المتحدة، التي تتابع أيضًا وصول الرياض مؤخرًا إلى منافستها السابقة، تركيا، لشراء طائراتها المسيرة "TB2 Bayraktar". وعلى عكس الولايات المتحدة، من غير المرجّح أن تتدخل الصين في متطلبات الاستخدام النهائي للمعدات العسكرية المباعة للسعودية، وبالتالي فإن الشراكة الدفاعية الأعمق مع بكين ستمنح الجيش السعودي خيارات أوسع في تنفيذ عمليات مثيرة للجدل في الخارج، مثل ضربات الطائرات بدون طيار في اليمن، والتي سبق أن أثارت انتقادات وتجميد بيع الأسلحة من واشنطن.
بعيدًا عن المجال الأمني، من المتوقع أن تسعى السعودية أيضًا إلى الحصول على مساعدة الصين في تطوير برنامج نووي مدني، والذي من شأنه أن يدعم انتقال المملكة من الهيدروكربونات، وستساعد الاستثمارات والتقنيات الصينية أيضًا في برنامج التنويع الاقتصادي لرؤية المملكة 2030، والذي يهدف لتحقيق الاستقلال الاقتصادي السعودي عن مبيعات النفط. من جانبها، ستكسب الصين علاقات أفضل مع مورد رئيسي للطاقة ومركز عبور؛ حيث استوردت الصين 17.4% من نفطها من المملكة خلال عام 2021، وسيصبح هذا مهمًا بالنسبة لبكين، خصوصًا لجهة المساعدة في تخفيف الضغط الاقتصادي الغربي، إذا تصاعدت التوترات بشأن تايوان إلى عقوبات أو مواجهة عسكرية أو حرب مباشرة.
ستراتفور