أصدر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، منتصف آب/ أغسطس الجاري، مرسومًا رئاسيًا بإقالة 12 محافظًا من أصل 15 في الضفة الغربية وقطاع غزة دون إبداء أسباب لذلك. وتعكس هذه الخطوة المفاجئة الموقف غير المستقر للسلطة الفلسطينية وحركة "فتح" في مواجهة تزايد تآكل شعبيتها، ومحاولة مواجهة الأزمات السياسية والاجتماعية المتصاعدة. وإن كانت إقالة المحافظين تعدّ جزءًا من جهود القيادة الفلسطينية لإعادة تأكيد سلطتها ومواجهة التراجع المتزايدة في شعبيتها، إلا أنه لا يرجَّح أن يسفر ذلك عن تغيير حقيقي، خاصة مع تزايد الاستياء المستمر من السلطة، خصوصًا من الرئيس "عباس"، بين الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة.
إن إصلاح القيادة يعتبر محاولة من السلطة لإظهار أنها تستمع للدعوات العامة للإصلاح، وللتخفيف من التأثير والشعبية المتزايدة لحركة "حماس"، منافسها الرئيس في الضفة. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تعتبر رمزية إلى حد كبير؛ حيث سيتم اختيار المحافظين الجدد من قبل لجنة وليس عن طريق التصويت الشعبي، في حين أنه من غير المحتمل إجراء انتخابات للمجلس التشريعي (البرلمان) أو للرئيس قريبًا. يذكر أن الانتخابات الوطنية الأخيرة أجريت عام 2006، وأن الفترة الرئاسية للرئيس "عباس" البالغة أربع سنوات انتهت عام 2009.
من جهة أخرى، ليس على "عباس" أن يتعامل فقط مع التحديات الخارجية للسلطة و"فتح" من قبل "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، لكن مع التهديدات الداخلية أيضًا. فنظرًا لتصاعد العنف في الضفة، فقد انخرط العديد من نشطاء "فتح" وجناحها العسكري "كتائب شهداء الأقصى" في أعمال العنف، وعززوا العلاقات مع "الجهاد الإسلامي" في بلدات مثل جنين ونابلس. وقد تسبب ذلك في احتكاكات داخل "فتح" وشكّل تحديًا لأجهزة الأمن التابعة للسلطة واحتكارها للقوة في الضفة الغربية.
بالمحصلة، سيستمر الركود السياسي في ظل تمسك "عباس" بالسلطة، حتى رغم تضاؤل شعبيته وتراجع قدرته على فرض سيطرته بشكل أكبر. وسيظل مهتمًا في المقام الأول بدعم الجيل القادم من القادة ليحلوا محله على رأس "فتح" والسلطة، ومحاولة إبقاء "حماس" في مأزق، ما سيؤجج مزيدًا من عدم الاستقرار الداخلي.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت