مرصد التنبؤات الغربية 28 أغسطس 2023

الساعة : 15:17
28 أغسطس 2023
مرصد التنبؤات الغربية 28 أغسطس 2023
قانون الجرائم الإلكترونية الجديد قد يفاقم خطر الاحتجاجات والعنف السياسي بالأردن

وافق مجلس الأعيان الأردني (الغرفة الثانية في البرلمان) على مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، الذي أقره مجلس النواب أواخر تموز/ يوليو الماضي، ثم صادق عليه الملك ومن المنتظر أن يتم العمل به بعد شهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. يذكر أن مشروع القانون يحتوي على 41 مادة، وهو يحل محل قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2015 (المكون من 15 مادة)، ما يعتبر توسعًا كبيرًا في بنية حوكمة الإنترنت في المملكة.

وقد تعرض هذا المشروع الجديد لموجة واسعة من الانتقادات باعتبار أنه سيمنح سلطة الحكومة صلاحيات واسعة لخنق المعارضة واستهداف المنتقدين. ومن المتوقع أن يستفيد النظام من مشروع القانون الجديد لتحقيق هذه الغاية خلال السنوات القادمة، بما يتماشى مع التضييق المتزايد الذي تتخذه الحكومة بشأن الحريات المدنية، مع تزايد الشعور بانعدام الأمن السياسي والاقتصادي داخل النظام. وبذلك ستزداد خيبة الأمل شعبيًا من الحكومة الأردنية والعائلة المالكة معًا، ما سيفاقم خطر الاحتجاجات المتزايدة خلال الفترة المتوقعة.

بدوره، سينخرط ولي العهد، الأمير حسين، على الأغلب بشكل متزايد في الشؤون السياسية الداخلية في السنوات القادمة، وبالتالي ستتم مواجهة الانتقاد الموجه إليه وإلى الأسرة الحاكمة بقوة في ظل قانون الأمن السيبراني الجديد. وإذا استمر انتقاد ولي العهد، من المرجح أن يتم تشديد القيود أكثر، وأن تسعى الحكومة والعائلة المالكة إلى عزل عملية الخلافة عن التحديات الشعبية والداخلية المحتملة. بالمقابل، يُتوقع أن يؤدي هذا إلى مزيد من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، مدفوعةً بالضغوط الاجتماعية والاقتصادية، ما سيزيد من خطر الاضطرابات في الأعمال التجارية والعنف السياسي.

رغم كل ذلك، ليس من المتوقع أن تؤدي هذه الاحتجاجات إلى تغيير النظام خلال الفترة القادمة؛ حيث ستظل القوات المسلحة وأجهزة المخابرات، الجهات الأكثر محورية في دعم سلطة العائلة المالكة، موالية للملك، خصوصًا بعد أن حذرها من محاولة الاستيلاء العنيف على السلطة من تجربة الدول العربية الأخرى، مثل سوريا والعراق ومصر. كما إن المجتمع المدني الأردني لا يزال منقسمًا بشدة إثر سنوات من القيود المفروضة على أنشطة المنظمات والأحزاب السياسية. نتيجةً لذلك، لا يزال ظهور حركة منسقة ضد الحكومة والعائلة المالكة تكون قادرة على تحدي سلطة الدولة أمرًا مستبعدًا إلى حد كبير.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيت

الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع سيطيل أمد الصراع بالسودان ويعرقل جهود الوساطة

أصدرت الإمارات، في الـ13 من آب/ أغسطس الجاري، بيانًا رفضت فيه ما تردد من أنباء عن إمداد دول الخليج لميليشيا "قوات الدعم السريع" بقيادة "حميدتي" بالسلاح والذخيرة، مؤكدةً أنها ما زالت تتخذ موقفًا محايدًا في الصراع الأهلي بالسودان. إلا أن هذا البيان يعكس حساسية أبو ظبي تجاه المزاعم عن اتخاذها دورًا منحازًا. ولا يخفى على أحد أن دول الخليج، لا سيما الإمارات والسعودية، تتمتع بقدر كبير من النفوذ السياسي على الجنرالات المتحاربين في السودان، حيث ستزيد مزاعم انحياز الإمارات لقوات الدعم السريع من تعقيد جهود الوساطة الدولية متعددة المسارات، والتي فشلت في خفض تصعيد الصراع المستمر.

وقد لعبت كل من الإمارات والسعودية دورًا مهمًا في المرحلة الانتقالية التي يقودها الجيش، لكن دعم الإمارات لقوات الدعم السريع يتناقض مع موقف السعودية المحايد، ما أدى لتحول موقفهما المتحالف سابقًا تجاه السودان. ومن المعروف أيضًا أنه قد حلّت كل من السعودية والإمارات محل قطر التي كانت تربطها علاقة وثيقة مع الرئيس السابق، عمر البشير، الذي أطيح به عام 2019. لكنّ العلاقة الوثيقة بين الإمارات وقوات الدعم السريع ستظل مثيرة للجدل، وقد تقوّض جهود الوساطة السعودية في جدة التي مثلت المنتدى الرئيسي للمحادثات بين الطرفين المتصارعين؛ قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية.

بالعودة إلى الدعم الخارجي بالأسلحة، فهناك مزاعم بأن تلك الأسلحة تم توريدها بواسطة طائرة شحن إماراتية تحمل مواداً غذائية وإمدادات طبية، والتي تم نقلها عبر عنتيبي (أوغندا) إلى أمجراس في تشاد، حيث فتحت الإمارات مكتب تنسيق للمساعدات الخارجية إضافةً إلى مستشفى ميداني. ويمكن أن يُعزى دعم الإمارات لقوات الدعم السريع إلى العلاقات الخليجية الوثيقة مع "حميدتي"، الذي دعم التحالف السعودي الإماراتي في الحرب الأهلية باليمن منذ عام 2016. ومنذ ذلك الحين أقامت الإمارات علاقات تجارية وثيقة مع قائد قوات الدعم السريع، الذي ضمن إمدادها بالذهب من عمليات التعدين المثيرة للجدل جنوب غرب السودان.

بغض النظر عن كل ذلك، لا يُتوقع من الإمارات أن تصرّح علنًا بانحيازها لقوات الدعم السريع، خوفًا من أن يؤثر ذلك سلبًا على المصالح التجارية والاستراتيجية الإماراتية الأوسع في السودان والقرن الأفريقي، والتي تشمل خططًا لمجموعة "موانئ أبوظبي" لاستثمار ما يصل إلى ستة مليارات دولار في الزراعة والطرق، ومرافق الموانئ في ولاية البحر الأحمر بالسوداني التي تخضع حاليًا لسيطرة القوات المسلحة السودانية.

من المتوقع أيضًا أن تقلل الإمارات من شأن مزاعم دعمها لقوات الدعم السريع وأن تؤكد على مساعداتها الإنسانية التي تتمحور حول أمجراس، وستصرّ على أن ذلك تدخل مدني فقط، بينما ستواصل السعودية سعيها للعب دور بنّاء في إنهاء الصراع، رغم أن قوات الدعم السريع ستنظر إلى حيادها على أنه دعم ضمني للقوات المسلحة السودانية. وبالتالي، ستظل جهود الوساطة الدولية غير منسقة وسيكون تأثيرها محدودًا، وعليه فمن المرجح أن يستمر الصراع في حالة تصعيد خلال الأشهر المقبلة.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيت

اتفاق تبادل الأسرى بين أمريكا وإيران على الأرجح لن يوقف المواجهة القائمة حاليًا بين الطرفين

توصلت كل من  الولايات المتحدة وإيران مؤخرًا إلى اتفاق لتبادل الأسرى، يشمل سماح أمريكا لكوريا الجنوبية بإلغاء تجميد حوالي ستة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المحتجزة لديها، على أن تقوم بتسليمها إلى قطر (عبر سويسرا)، حيث سيُسمح بإنفاقها في الجوانب الإنسانية فقط مثل الغذاء والدواء. بالمقابل، وافقت إيران (عبر الدوحة) على إطلاق سراح المواطنين الإيرانيين الأمريكيين الخمسة المحتجزين لديها حاليًا؛ حيث تم نقلهم من سجن إيفين بطهران إلى فندق تحت الحراسة، بينما ستفرج الولايات المتحدة عن العديد من المواطنين الإيرانيين المحتجزين لديها بتهمة التحايل على العقوبات.

في السياق ذاته، ذكرت وسائل إعلام عالمية، في الـ11 من آب/ أغسطس، أن إيران خففت كمية صغيرة من اليورانيوم المخصب وأبطأت من وتيرة تراكمه (إلى 60% نقاء انشطاري)، وهذا يعتبر تقنيًا بعيد نسبياً من الدرجة العسكرية التي تبلغ 90% تقريبًا المطلوبة لإنتاج سلاح نووي. وإذا استمر اتفاق تبادل الأسرى واستمرت إيران في إبطاء تراكم التخصيب، إلى جانب تعاونها الذي تحسن نسبيًا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحركها لإعادة أنظمة المراقبة في بعض المنشآت النووية، فإن هذا من شأنه أن يبني الثقة المتبادلة، ما سيجعل من المرجح أن يؤدي استئناف المفاوضات إلى إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، أو على الأقل التوصل لاتفاق محدود لوقف التقدم النووي الإيراني. وإلى أن يتم التوصل لاتفاق من هذا النوع، من المتوقع أن تستمر المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران بشكل أو بآخر بالمستويات الحالية، وذلك على ساحات مثل شرق سوريا ومياه الخليج.

آي إتش إس ماركيت

الإطاحة بـ"المشري" من رئاسة مجلس الدولة بليبيا ستمهد الطريق لتقاسم السلطة بين "الدبيبة" و"حفتر"

في السادس من آب/ أغسطس الجاري انتخب المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، (مجلس استشاري لحكومة الوحدة الوطنية بطرابلس)، "محمد تكالة" رئيسًا للمجلس خلفًا لرئيسه الحالي، خالد المشري، الذي ظل على رأس المجلس لمدة خمس دورات متتالية، بأغلبية 67 مقابل 62 صوتًا في الجولة الثانية.

ومن المرجح أن تفسح الإطاحة بـ"المشري" الطريق أمام تحسين التعاون بين حكومة الوحدة الوطنية بقيادة رئيس الوزراء، عبد الحميد الدبيبة، وحكومة الاستقرار الوطني المنافسة في الشرق بقيادة "أسامة حماد"، تمهيداً لتشكيل حكومة موحدة. وفي هذا السياق، فإن استبدال "المشري" بـ"تكالة" يتماشى بشكل وثيق مع "الدبيبة"، ويشير إلى دعم المجلس الأعلى لـ"الدبيبة" واحتمال بقائه في السلطة، على الأقل حتى إجراء الانتخابات. كما إن هذه الخطوة ستدعم التعاون المتزايد بين "الدبيبة" و"حفتر"، الذي ستكون مساندته ضرورية لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وفي هذا الإطار، من المتوقع أن تكون هناك محاولات لطرد "عقيلة صالح" من منصبه أو عزل محافظ البنك المركزي بطرابلس، الصديق الكبير، قسرًا باستخدام قوات الأمن الموالية لـ"الدبيبة"، وهو ما دعا إليه "حفتر" وجماعات أخرى في توقعات الأشهر الستة القادمة.

والخلاصة أنه إذا نجحت هذه الإجراءات فإنها ستزيل عقبات كثيرة أمام تشكيل حكومة وحدة بقيادة "الدبيبة" وبدعم "حفتر" والجيش الوطني الليبي، رغم أن المفاوضات المطولة حول المناصب الوزارية في أي حكومة جديدة ستؤخر التقدم نحو توحيد المؤسسات الليبية.

ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتليجنس

إقالة غالبية محافظي الضفة وغزة لن يسفر عن تغيير حقيقي ولا عن تحسين صورة السلطة المنهارة شعبيًا

أصدر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، منتصف آب/ أغسطس الجاري، مرسومًا رئاسيًا بإقالة 12 محافظًا من أصل 15 في الضفة الغربية وقطاع غزة دون إبداء أسباب لذلك. وتعكس هذه الخطوة المفاجئة الموقف غير المستقر للسلطة الفلسطينية وحركة "فتح" في مواجهة تزايد تآكل شعبيتها، ومحاولة مواجهة الأزمات السياسية والاجتماعية المتصاعدة. وإن كانت إقالة المحافظين تعدّ جزءًا من جهود القيادة الفلسطينية لإعادة تأكيد سلطتها ومواجهة التراجع المتزايدة في شعبيتها، إلا أنه لا يرجَّح أن يسفر ذلك عن تغيير حقيقي، خاصة مع تزايد الاستياء المستمر من السلطة، خصوصًا من الرئيس "عباس"، بين الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة.

إن إصلاح القيادة يعتبر محاولة من السلطة لإظهار أنها تستمع للدعوات العامة للإصلاح، وللتخفيف من التأثير والشعبية المتزايدة لحركة "حماس"، منافسها الرئيس في الضفة. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تعتبر رمزية إلى حد كبير؛ حيث سيتم اختيار المحافظين الجدد من قبل لجنة وليس عن طريق التصويت الشعبي، في حين أنه من غير المحتمل إجراء انتخابات للمجلس التشريعي (البرلمان) أو للرئيس قريبًا. يذكر أن الانتخابات الوطنية الأخيرة أجريت عام 2006، وأن الفترة الرئاسية للرئيس "عباس" البالغة أربع سنوات انتهت عام 2009.

من جهة أخرى، ليس على "عباس" أن يتعامل فقط مع التحديات الخارجية للسلطة و"فتح" من قبل "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، لكن مع التهديدات الداخلية أيضًا. فنظرًا لتصاعد العنف في الضفة، فقد انخرط العديد من نشطاء "فتح" وجناحها العسكري "كتائب شهداء الأقصى" في أعمال العنف، وعززوا العلاقات مع "الجهاد الإسلامي" في بلدات مثل جنين ونابلس. وقد تسبب ذلك في احتكاكات داخل "فتح" وشكّل تحديًا لأجهزة الأمن التابعة للسلطة واحتكارها للقوة في الضفة الغربية.

بالمحصلة، سيستمر الركود السياسي في ظل تمسك "عباس" بالسلطة، حتى رغم تضاؤل شعبيته وتراجع قدرته على فرض سيطرته بشكل أكبر. وسيظل مهتمًا في المقام الأول بدعم الجيل القادم من القادة ليحلوا محله على رأس "فتح" والسلطة، ومحاولة إبقاء "حماس" في مأزق، ما سيؤجج مزيدًا من عدم الاستقرار الداخلي.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيت