قام الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، بزيارة إلى دمشق في الثالث من أيار/ مايو الجاري، هي الأولى لرئيس إيراني منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011. وتؤكد هذه الزيارة، التي تأتي في ظل تحسن العلاقات بين نظام "الأسد" ومختلف الدول العربية خصوصًا السعودية، على التزام إيران بالحفاظ على نفوذها في سوريا وعلى مصلحتها في إعادة الإعمار بعد الحرب. وسيكوم للزيارة كذلك تأثير مباشر في إضفاء مزيد من الشرعية على "الأسد" باعتباره السلطة الحاكمة الوحيدة ذات السيادة في سوريا. وعلى الصعيد العربي، ستعطي الزيارة دفعة لجهود التطبيع التي تبذلها الدول العربية مع "الأسد"، وتدعم إعادة اندماج سوريا في جامعة الدول العربية.
من جهة أخرى، تندرج زيارة "رئيسي" أيضًا في اتجاه المصالحة الإقليمي الأوسع الذي يشهد إعادة اندماج إيران في المنطقة، والذي يسمح للاعبين الإقليميين بتعميق العلاقات الثنائية لجني المكاسب الاقتصادية؛ حيث تأتي بعد الإعلان الأخير عن إعادة العلاقات بين السعودية وإيران، وهو ما يؤهل سوريا لأن تكون مجالًا محتملًا للتعاون بين الرياض وطهران خلال الفترة القادمة. رغم ذلك، وإن كان من المتوقع أن تعلن كل من إيران وسوريا عن توجههما لتعميق التعاون الاقتصادي، إلا أنه من غير المرجح أن يتحقق ذلك فعليًا طالما استمرت العقوبات الأمريكية والدولية على الدولتين.
إضافةً لذلك وعلى صعيد أوسع، تشير الزيارة إلى الارتياح النسبي للولايات المتحدة في رؤية إيران تقيم علاقات أو حتى تضفي الطابع الرسمي على علاقاتها مع اللاعبين الإقليميين، طالما كانت هذه الجهود تصب في دعم الاستقرار الإقليمي الأوسع. على هذا النحو، يُعتقد أن هذه الجهود ستدعم إعادة اندماج إيران التدريجي في المنطقة، وهو اتجاه من شأنه أن يحجّم سياسة طهران الخارجية الحازمة، وبالتالي يسمح للولايات المتحدة بالتركيز على المسرح الأوروبي ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ. وهذا الاستنتاج يدعم وجهة النظر التي ترى أن العودة إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" أمر غير مرجح؛ لأنها ستؤدي لفوائد محدودة.
أخيرًا، فإن الزيارة من وجهة نظر إيران ستعزز فكرة أن الحرب الأهلية السورية تقترب من نهايتها، مع ظهور "الأسد" منتصرًا، وهذا التصور لن يدفع الدول الأخرى، خصوصًا العربية، إلى مواصلة تحسين العلاقات مع سوريا فحسب، بل سيساعد أيضًا على إضفاء الشرعية على "الأسد" على الساحة الدولية رغم المعارضة الأمريكية الشديدة لإعادة تأهيله.
فيتش سوليوشنز