مرصد التنبؤات الغربية 16 مايو 2023

الساعة : 14:56
16 مايو 2023
مرصد التنبؤات الغربية 16 مايو 2023
القتال الدائر في السودان من المرجح أن يتجدد بشكل عنيف خلال الأشهر القادمة وقد يتحول لحرب أهلية طويلة الأمد

إن الهدف من وقف إطلاق النار في السودان غالبًا هو الاستمرار في تسهيل إجلاء الرعايا الأجانب من الخرطوم، لكن من المرجح أن يستمر القتال على نطاق واسع رغم التوصل لوقف إطلاق النار. ومن المرجح أيضًا أن يتجدد القتال بشكل عنيف على الأقل خلال الأشهر الثلاثة أو الستة القادمة، مع تزايد احتمال تحوّله إلى حرب أهلية مفتوحة. ومع أن القوات المسلحة السودانية قامت لحد كبير بتأمين السيطرة على بورتسودان (تمكين عمليات الإخلاء) ومدينة مروي، إلا أن الطرفين المتصارعين، قد فشلا في بسط سيطرتهما على الخرطوم قبل وقف إطلاق النار.

من جهتها، كانت قوات الدعم السريع تهدف على الأرجح إلى الاستيلاء على السلطة في الخرطوم في غضون أيام بدءً من الـ15 من نيسان/ أبريل الماضي، بينما كانت أولوية القوات المسلحة السودانية هي تأمين المنطقة المحيطة بمقرها الرئيسي في الخرطوم. ويشير هذا إلى أن نشوب حرب أهلية طويلة المدى أمر مرجح، بل من المتوقع أن تصبح الخرطوم وضواحيها مجددًا بؤرة قتال عنيف فور الانهيار المبكر والمحتمل لوقف إطلاق النار.

في هذا الإطار، يُرجح أن تكون كردفان (بما في ذلك مدينة ومطار الأبيض)، ومعقل قوات الدعم السريع في دارفور (بما في ذلك مدن ومطارات الفاشر ونيالا)، نقاطًا محورية لحرب أهلية طويلة الأمد. كما يُرجح أن يواصل الطرفان القتال مستهدفين السيطرة على القواعد العسكرية والمطارات والمراكز الإعلامية، إضافةً إلى الطرق والجسور الاستراتيجية للتحكم في الإمداد والوصول.

ومن المحتمل أيضًا أن يتم استهداف المطارات الأخرى وتلك التي تستضيف قواعد عسكرية وأصول طيران دفاعي من قبل قوات الدعم السريع، في محاولة لإضعاف القوات المسلحة السودانية، في ظل سيطرة الأخيرة على الطيران الدفاعي.

على الصعيد الخارجي، من غير المرجح أن يمتد القتال إلى مصر أو إثيوبيا أو أن يؤثر عليهما بشكل مباشر، كما لا يُرجح أن ترسل مصر قوات من جيشها للتدخل في القتال في السودان. رغم ذلك، فهناك احتمال متزايد (وتقارير غير مؤكدة) بوقوع قتال محلي بين القوات الإثيوبية أو الميليشيات وبين القوات السودانية في منطقة الفشقة الحدودية المتنازع عليها، إلا أن تدهور النزاع إلى صراع بين الدول لا يزال مستبعدًا.

آي إتش إس ماركت

تداعيات الصراع السوداني على ليبيا ستكون محدودة لكنها ستنعكس إيجاباً على نفوذ حفتر

من المستبعد أن تتدهور البيئة الأمنية في ليبيا على المدى القصير رغم الصراع الدائر في السودان بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع؛ فمع أنه من المرجح أن يستمر القتال بين الطرفين على المدى القصير ثم الانتقال إلى صراع هامشي على المدى الطويل، سيكون لهذا الصراع تداعيات محدودة في ليبيا. ومن المتوقع أن تشهد الفترة القادمة ارتفاعًا طفيفًا في حركة الأشخاص والأسلحة والمواد الغذائية والوقود، عبر الحدود في منطقة الكفرة جنوب شرق ليبيا؛ ومع ذلك، فلا يُرجح أن يرتفع هذا النشاط إلى مستوى يهدد التحسن الأخير في البيئة الأمنية في ليبيا، وعليه فإن تأثير النزاع السوداني على انتعاش ليبيا في إنتاج النفط وتصديره سيكون محدودًا.

إن ما يدفع لاستبعاد أن تشهد ليبيا تداعيات كبيرة جراء الصراع في السودان هو اعتقاد أن "الجيش الوطني الليبي"، الذي يقوده "خليفة حفتر"، سيسعى لضمان أمن الحدود لزيادة نفوذه السياسي في عملية الانتقال السياسي في ليبيا، ومن المحتمل أن يحدث هذا من خلال ثلاث قنوات رئيسية:

أولًا: سيزيد من نفوذ "حفتر" في مواجهة حكومة الوحدة الوطنية، التي تمتلك قدرة عسكرية وتشغيلية محدودة للدفاع عن الحدود والتي سيَضْعُف موقعها بشكل كبير حال حدوث تدهور مفاجئ في الوضع الأمني الليبي.

ثانيًا: إن الحد من تدفق المقاتلين السودانيين إلى جنوب ليبيا من شأنه أن يمنح "حفتر" فرصة لحشد الدعم بين القبائل المحلية، التي اتخذت موقفًا محايدًا نسبيًا في التنافس بين غرب وشرق ليبيا على مدى العامين الماضيين.

ثالثًا: إن استقرار الوضع الأمني سيسمح لـ"حفتر" بالسعي للحصول على دعم إضافي من اللاعبين الأجانب؛ تركيا وإيطاليا وروسيا وفرنسا، الذين يسعون لتقليل المخاطر على استثماراتهم في ليبيا، وداعميه الإقليميين؛ الإمارات ومصر، اللتين لديهما مصالح متنافسة في الصراع في السودان.

فيتش سوليوشنز

زيارة "رئيسي" إلى سوريا ستضفي الشرعية على نظام "الأسد" وتؤكد على اندماج إيران التدريجي في المنطقة

قام الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، بزيارة إلى دمشق في الثالث من أيار/ مايو الجاري،  هي الأولى لرئيس إيراني منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011. وتؤكد هذه الزيارة، التي تأتي في ظل تحسن العلاقات بين نظام "الأسد" ومختلف الدول العربية خصوصًا السعودية، على التزام إيران بالحفاظ على نفوذها في سوريا وعلى مصلحتها في إعادة الإعمار بعد الحرب. وسيكوم للزيارة كذلك تأثير مباشر في إضفاء مزيد من الشرعية على "الأسد" باعتباره السلطة الحاكمة الوحيدة ذات السيادة في سوريا. وعلى الصعيد العربي، ستعطي الزيارة دفعة لجهود التطبيع التي تبذلها الدول العربية مع "الأسد"، وتدعم إعادة اندماج سوريا في جامعة الدول العربية.

من جهة أخرى، تندرج زيارة "رئيسي" أيضًا في اتجاه المصالحة الإقليمي الأوسع الذي يشهد إعادة اندماج إيران في المنطقة، والذي يسمح للاعبين الإقليميين بتعميق العلاقات الثنائية لجني المكاسب الاقتصادية؛ حيث تأتي بعد الإعلان الأخير عن إعادة العلاقات بين السعودية وإيران، وهو ما يؤهل سوريا لأن تكون مجالًا محتملًا للتعاون بين الرياض وطهران خلال الفترة القادمة. رغم ذلك، وإن كان من المتوقع أن تعلن كل من إيران وسوريا عن توجههما لتعميق التعاون الاقتصادي، إلا أنه من غير المرجح أن يتحقق ذلك فعليًا طالما استمرت العقوبات الأمريكية والدولية على الدولتين.

إضافةً لذلك وعلى صعيد أوسع، تشير الزيارة إلى الارتياح النسبي للولايات المتحدة في رؤية إيران تقيم علاقات أو حتى تضفي الطابع الرسمي على علاقاتها مع اللاعبين الإقليميين، طالما كانت هذه الجهود تصب في دعم الاستقرار الإقليمي الأوسع. على هذا النحو، يُعتقد أن هذه الجهود ستدعم إعادة اندماج إيران التدريجي في المنطقة، وهو اتجاه من شأنه أن يحجّم سياسة طهران الخارجية الحازمة، وبالتالي يسمح للولايات المتحدة بالتركيز على المسرح الأوروبي ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ. وهذا الاستنتاج يدعم وجهة النظر التي ترى أن العودة إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" أمر غير مرجح؛ لأنها ستؤدي لفوائد محدودة.

أخيرًا، فإن الزيارة من وجهة نظر إيران ستعزز فكرة أن الحرب الأهلية السورية تقترب من نهايتها، مع ظهور "الأسد" منتصرًا، وهذا التصور لن يدفع الدول الأخرى، خصوصًا العربية، إلى مواصلة تحسين العلاقات مع سوريا فحسب، بل سيساعد أيضًا على إضفاء الشرعية على "الأسد" على الساحة الدولية رغم المعارضة الأمريكية الشديدة لإعادة تأهيله.

فيتش سوليوشنز

سوريا ستظل ساحة المواجهة الرئيسية بين إيران وأمريكا مع مواجهات محدودة داخل العراق

من المرجّح أن تواصل الفصائل المسلحة العراقية شنّ هجمات متكررة بصواريخ وطائرات مسيّرة ضد المصالح الأمريكية في سوريا؛ إذ إن عدد الهجمات التي تستهدف القوات الأمريكية في سوريا من قبل الميليشيات الشيعية العراقية، مثل "حركة النجباء" و"كتائب حزب الله" و"كتائب الإمام علي"، يتجاوز حاليًا عدد الهجمات المماثلة داخل العراق، ما يوضح أن سوريا هي الساحة الرئيسية للمواجهة بين إيران ووكلائها وبين الولايات المتحدة. وينعكس ذلك أيضًا في تواتر الضربات الأمريكية التي استهدفت الميليشيات الشيعية وفيلق الحرس الثوري الإيراني في سوريا عام 2022، بينما لم تُسجَّل ضربات أمريكية ضد الميليشيات في العراق خلال هذه الفترة.

ويمكن القول إن وتيرة الهجمات في سوريا تزداد بسبب ما يلي:

·       تدرك إيران ووكلاؤها التهديد الأمريكي ضد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وحرمان النظام من العائدات الحيوية من حقول النفط وفرض حظر عليه.

·       وجود قوات الحرس الثوري إلى جانب الميليشيات الشيعية يوفر لها قدرات كبيرة.

·       الهجمات التي تشنها الميليشيات العراقية في سوريا تؤدي إلى ضربات انتقامية داخل الأراضي السورية، بدلًا من تهديد معاقلها داخل العراق.

·       أخيرًا، توجد داخل سوريا مساحة أكبر لتبادل الضربات، وليس لدى إيران قلق كبير من أن تؤدي الهجمات على القوات الأمريكية هناك لتقويض الحكومة السورية.

أما في الداخل العراقي، فإن الهجمات القليلة التي تستهدف الأصول العسكرية الأمريكية من شأنها أن تثبت الحضور المستمر لفصائل المقاومة. ورغم التهديد الضمني من قبل إحدى الميليشيات الشيعية بإسقاط طائرات هليكوبتر عسكرية أمريكية، فلم تُقْدِم تلك الميليشيات على مثل هذه الحوادث منذ المراحل الأولى من التمرد الذي استهدف قوات التحالف، مع أنها كانت تمتلك القدرة على ذلك. وبالتالي، فإن محاولة أي ميليشيا إسقاط طائرات هليكوبتر أمريكية في العراق أمر مستبعد، بسبب خوف تلك الميليشيات من انتقام الولايات المتحدة. لكن من المُرجح استمرار الهجمات الصاروخية أو بطائرات مسيرة ضد الأصول الأمريكية في بغداد أو أربيل، مع تجنب المنشآت المدنية، كما يتضح من الهجوم الذي نُفّذ بطائرة مسيرة على مطار بغداد في الـ16 من نيسان/ أبريل الماضي.

بدورها، ستركز الميليشيات الشيعية في المقام الأول على الأهداف العسكرية بدلًا من الأصول المدنية؛ كما يُتوقع أن تقل كثيرًا المخاطر على المنشآت التجارية مثل سلاسل محلات الوجبات السريعة الأمريكية التي افتتحت مؤخرًا في أربيل وبغداد، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الامتيازات المحلية لتلك المنشآت مرتبطة على الأرجح بالمصالح التجارية للسياسيين العراقيين.

آي إتش إس ماركت

دول الخليج ستربط استثماراتها في مصر ودعمها المالي بإصلاح الاقتصاد وتحجيم دور الجيش فيه

أعلنت شركة "الدار" الإماراتية المتخصصة في التطوير العقاري في الثالث من أيار/ مايو الجاري، أنها ستوقف الاستثمار مؤقتًا في مصر انتظارًا لاستقرار الأوضاع الاقتصادية الداخلية للبلاد. كما أعلنت "الشركة المتحدة للإلكترونيات (إكسترا)" السعودية المتخصصة في مجال تجزئة الإلكترونيات، عن قرارها بوقف خطط التوسع الاستثماري في مصر بعد دراسة جدوى. ويبدو هذا التوقف متماشيًا مع قرارات العديد من دول الخليج، بما فيها السعودية والكويت، بربط الدعم المالي المستقبلي بإحراز تقدم هيكلي في الإصلاح الاقتصادي، ومن المرجح أن تؤدي الشكاوى الخليجية بشأن تقييم الجنيه المصري إلى مزيد من التأخير في مبيعات الأصول.

في الإطار ذاته، فإن التقدم المحدود في تنفيذ شروط حزمة الدعم الاقتصادي لصندوق النقد الدولي "حال استمرارها"، قد يسهم في استمرار إحجام الشركات الخليجية عن الاستثمار في مصر أو الانخراط في خطط الخصخصة الحكومية، التي لم تتحقق حتى الآن. كما إن إعلان صندوق النقد الدولي عن إصراره على تنفيذ مصر للإصلاحات المخطط لها قبل المراجعة الأولى من قبل الصندوق لبرنامج القرض الأخير، أدى إلى تأخير أول مراجعة من ثمان مراجعات للصرف، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على الحساب الجاري المصري وسيولة النقد الأجنبي.

إضافةً لما سبق، فإن صرف الأموال في إطار برنامج المساعدات الذي تصل مدته إلى 46 شهرًا، والذي تم التفاوض عليه لأول مرة في تشرين الأول/ أكتوبر 2022 وتمت الموافقة عليه رسميًا في كانون الأول/ ديسمبر، مرهون باعتماد مصر لسعر صرف مرن، وتحجيم تدخل الجيش في الاقتصاد، وإجراء المعاملات المالية للشركات المملوكة للدولة بطريقة أكثر شفافية. كما إن المراجعة التي كان من المقرر إجراؤها في الـ15 من آذار/ مارس الماضي لم تتم، ما يشير على الأرجح إلى رغبة الصندوق في تنفيذ الإصلاحات قبل الشروع في صرف المساعدات.

آي إتش إس ماركت

الضربة "الإسرائيلية" الأخيرة على غزة من غير المرجح أن تنهي الاحتجاجات المستمرة داخل الكيان

أطلقت "إسرائيل" قبل فجر التاسع من أيار/ مايو الجاري عملية جوية باسم "درع وسهم " أو "الدرع الواقي"، ضد قطاع غزة أسفرت عن مقتل 13 من سكان غزة، بينهم قادة كبار في حركة "الجهاد الإسلامي" وأفراد عائلاتهم، وإصابة أكثر من 20 آخرين، وتدمير عدد من المواقع العسكرية. ويهدف توقيت الضربة، الذي اعتمده رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مع وزير الدفاع، يوآف غالانت، دون عقد مجلس الوزراء المصغر "الكابينيت"، على الأرجح لتجنب حدوث أي تسريبات، ولاستغلال الظروف التكتيكية بشكل أكثر فائدة؛ حيث تشهد "الجهاد الإسلامي" حالة تأهب أضعف، ما يسهّل توجيه ضربات انتقامية أكثر تأثيرًا، مقارنةً بفترة الضربات المتبادلة في نيسان/ أبريل (خلال شهر رمضان الذي يمثل فترة حساسة)، وبين الثاني والثالث من أيار/ مايو، إضافةً إلى إرسال إشارات إلى "حماس".

أما على صعيد الداخل "الإسرائيلي"، فقد أدت العملية مؤقتًا إلى الحد من المخاطر المتزايدة على استقرار الحكومة الائتلافية، ما أدى لتحسين احتمالات إقرار مشروع قانون الموازنة الأساسي للتحالف أواخر الشهر الجاري، رغم استمرار الاحتجاجات على الإصلاحات القضائية. ومن المحتمل أن يكون التوقيت الذي اختاره "نتنياهو" للعملية يهدف جزئيًا لتهدئة حلفائه من اليمين المتطرف في الائتلاف، الذين هددوا استقرار الائتلاف مرارًا خلال الأسابيع الأخيرة. ومن هنا، فقد أشاد "بن غفير" بعملية "درع وسهم " وأعلن إنهاء المقاطعة، وهذا أمر بالغ الأهمية خاصةً مع اقتراب التصويت على الموافقة على ميزانية الائتلاف في الـ28 من الشهر الجاري. ومن المرجح أن "نتنياهو" كان يهدف أيضًا أن تكون العملية لتعزيز الوحدة الوطنية، بعد أسابيع من الاحتجاجات الواسعة المناهضة للحكومة. ورغم أن قادة المعارضة الرئيسيين أعربوا عن دعمهم لعملية الحكومة، إلا أنه لا يرجح أن يُنهي ذلك الاحتجاجات المستمرة ضد أي تحرك من قبل الحكومة للمضي قدمًا في التعديلات القضائية.

آي إتش إس ماركت