الضغوط الداخلية والخارجية ستجبر "إسرائيل" على تغيير استراتيجيتها العسكرية تجاه غزة

الضغوط الداخلية والخارجية ستجبر
الساعة : 15:15
20 نوفمبر 2023

إن تزايد الضغوط المحلية والدولية قد يجبر "إسرائيل" إما على تسريع هجومها البري في قطاع غزة (مع المخاطرة بأن يتسبب ذلك في تصعيد إقليمي مفاجئ)، أو التخلي عن هدفها المعلن المتمثل في تدمير "حماس" كليًا. وقد استشهد مقال نُشر في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري في مجلة "فورين بوليسي" بمصادر داخل الجيش "الإسرائيلي"، حيث أشارت إلى أن "إسرائيل" ستركز على الضربات الموجهة والغارات الجوية لإضعاف "حماس" والجماعات المسلحة الأخرى في غزة، بدلًا من شن هجوم واسع النطاق على القطاع بأكمله. ويتوافق هذا التقرير مع المناورات البرية التي قام بها الجيش "الإسرائيلي" في القطاع سابقًا؛ فمنذ بدء العمليات البرية ركزت "إسرائيل" على عزل مدينة غزة (أكبر مدينة في القطاع)، والقيام بعمليات محدودة تهدف لتفكيك معاقل المقاومة الرئيسة وتقييد تحركات "حماس" والفصائل الأخرى، ولم يشارك في هذه العمليات سوى جزء صغير من القوات المحتشدة على الحدود بين غزة و"إسرائيل".

وتهدف "إسرائيل" من خلال هذا النهج إلى تقليل الخسائر في صفوف جيشها إلى الحد الأدنى، وزيادة احتمال اكتشاف "الرهائن" الذين تحتجزهم "حماس". كما يبدو أن تجنب الاجتياح الواسع يهدف أيضًا إلى تهدئة الضغط الأمريكي على "إسرائيل" للسماح بتوقف مؤقت لأسباب إنسانية، مع تزايد الضغط السياسي في واشنطن تجاه وقف إطلاق النار.

من جهة أخرى، فإن النهج التدريجي الذي تتبعه "إسرائيل" تجاه العملية العسكرية يهدف جزئيًا لكسب الوقت لصياغة خطة لحكم القطاع بعد الحرب؛ حيث لم يتم التوصل بعد إلى الإجماع على المستوى المحلي أو الدولي حول نهاية الحرب في غزة بمجرد قيام "إسرائيل" بإزاحة "حماس". أما داخل "كابينيت الحرب الإسرائيلي"، فهناك تقارير أيضًا عن خلافات مستمرة حول مسألة الحكم في غزة؛ حيث أشار "نتنياهو" إلى أن من المرجح أن يحتفظ الجيش بدور أمني طويل الأمد في غزة، رغم أن هذا لم تتم صياغته في سياسة رسمية بعد. وفي الوقت نفسه، قال مسؤولون "إسرائيليون" آخرون مثل وزير الدفاع، يوآف غالانت، إنهم يفضلون "نظامًا أمنيًا" جديدًا على الاحتلال. ورغم أن التقدم البطيء في العمليات العسكرية مدفوع على الأرجح باعتبارات تكتيكية على الأرض، إلا أنه يوفر للدبلوماسيين والسياسيين وقتًا إضافيًا لصياغة إطار لخطة حكم محتملة بعد توقف العمليات القتالية.

ولأسباب أمنية إقليمية وسياسية داخلية، من المتوقع أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا أكبر على "إسرائيل" لوقف العمليات القتالية الكبرى إذا امتد القتال إلى عام 2024، في حين سيدفع السياسيون "الإسرائيليون" على الأغلب إلى تغيير الاستراتيجية العسكرية كرد فعل للضغوط الاقتصادية الداخلية التي ستمتد إلى عام 2024. لكنّ الأمر الأكثر إلحاحًا هو أن البيت الأبيض يشعر بالقلق من أن امتداد الصراع قد يؤدي لتصعيد إقليمي مصحوبًا في الوقت ذاته بصدمات في مجال الطاقة، وكلاهما يمكن أن يؤدي إلى توريط القوات الأمريكية في حرب إقليمية، وثانيًا ستكون لذلك آثار سياسية سلبية على المستوى الداخلي.

إن هذه الضغوط مجتمعة من المرجح أن تدفع "إسرائيل" إلى إجراء تعديلات غير مرغوبة على استراتيجيتها العسكرية؛ إما بتسريع وتيرة العمليات القتالية في غزة أو تعديل الأهداف العسكرية لتجنب هجوم واسع النطاق، وإذا اختار الجيش "الإسرائيلي" تسريع الاجتياح، فقد تنتهي العمليات القتالية الكبرى بسرعة أكبر. رغم ذلك، فإن هذه السرعة ستأتي على حساب المزيد من الخسائر العسكرية والمدنية، خصوصًا مع تحرك الجيش جنوبًا، حيث لجأ معظم اللاجئين الفلسطينيين.

على الجانب الآخر، سيؤدي ارتفاع عدد الضحايا المدنيين إلى تفاقم وضع "إسرائيل" دبلوماسيًا، وقد يشجع "حزب الله" وإيران، اللذين قد يشعران بأنهما مجبران سياسيًا على الرد، على تصعيد الهجمات على القوات "الإسرائيلية" والأمريكية في جميع أنحاء المنطقة. وبدلًا من ذلك، فإن الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية قد تدفع مجلس الوزراء "الإسرائيلي" إلى النظر في حلول أخرى، مثل ترك جزء من قطاع غزة غير محتل، وبعض الأهداف العسكرية "الإسرائيلية" دون تحقيق.

ستراتفور