تعتبر المرحلة الحالية لحظة فاصلة في الأزمة "الإسرائيلية" الفلسطينية، وتمثل التطور الأكثر أهمية منذ عام 1973 على الأقل؛ حيث ستكون لها آثار على كل من غزة والضفة الغربية و"إسرائيل" والمنطقة برمتها بشكل عام، بل قد تؤثر تطوراتها على السياسة والتجارة والأمن في المنطقة. فمن المرجح أن تزداد الاضطرابات في الضفة الغربية وفي غزةأيضًا؛ حيث ستسعى "حماس" لاستخدام أصولها الوفيرة في الضفة الغربية على نحو استراتيجي، لكن القبضة الأمنية "الإسرائيلية" القوية هناك ستقلل من المفاجآت.
وعلى المستوى الإقليمي، فإن رد فعل "حزب الله" اللبناني هو نقطة التحول المحتملة في الصراع بين "إسرائيل" وغزة، والذي قد يصبح إقليميًا بالمشاركة المحتملة من اللاعبين الدوليين. إن القدرة العسكرية للحزب تمثل معضلة كبيرة لـ"إسرائيل" وقد تستدعي تدخل الولايات المتحدة، الأمر الذي سيؤثر بعد ذلك على الجهات الموالية لإيران في سوريا والعراق وعلى إيران نفسها في نهاية المطاف. وفي هذا السياق، أصبح التدخل الأمريكي واردًا منذ وصول حاملة الطائرات الأمريكية إلى شرق البحر المتوسط، والتي جاءت على الأرجح كإشارة إلى "حزب الله" بعدم التدخل.
على الجانب الاقتصادي، إذا اتسع نطاق الصراع فسوف تصبح أسعار النفط قضية رئيسية؛ حيث ستؤدي إلى ارتفاع التضخم وهو ما قد يدفع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر، ما سيؤدي إلى تباطؤ النمو العالمي مرة أخرى. وهناك احتمال أن تؤثر التداعيات الاقتصادية غير المباشرة على كل من مصر وتونس، وإذا انخفضت حركة السياحية فإن البلدان التي تعتمد على تدفق العملات الأجنبية من السياحة ستواجه تحديات.
والخلاصة، إن السيناريو الأساسي المتوقع هو صراع قاتم يثير المخاوف، لكنه لن يغيّر كثيرًا على الصعيد الدولي على المدى القصير. وهناك احتمال ضعيف بتصاعد الصراع واتساعه بحيث تكون له تداعيات كبيرة. رغم ذلك، وحتى في السيناريو الأكثر ترجيحًا المتمثل في احتواء الصراع، فقد أدى ذلك إلى تغيير جذري في الأزمة "الإسرائيلية" الفلسطينية، وبالتالي فإن ما يمكن فعله حيال ذلك وما يحدث داخل المجتمع "الإسرائيلي" والقيادة السياسية الفلسطينية، سيكون مختلفًا تمامًا في السنوات القادمة بسبب ما حدث.
أكسفورد أناليتيكا