اعتقلت الشرطة التونسية في الـ17 من نيسان/ أبريل الجاري زعيم "حزب النهضة"، راشد الغنوشي، بتهمة التحريض، بينما أشارت أنباء إلى أنه قُبض عليه بسبب تصريحات أدلى بها في الـ15 من الشهر ذاته، ذكر فيها أن البلاد ستكون أكثر عرضة لمواجهة حرب أهلية إذا حاولت الحكومة تقويض المعارضة الديمقراطية للرئيس "قيس سعيد". بعد ذلك، أغلقت السلطات المقر الرئيسي لـ"حزب النهضة" وأمرت بإغلاق مكاتب الحزب في جميع أنحاء البلاد وحظرت على أعضائه عقد اجتماعات في مقراته.
إن الإقدام على خطوة إغلاق مكاتب "حزب النهضة" ربما يكون محاولة من النظام التونسي لإضعاف قدرة المعارضة على التعبئة، وتقليل تأثير الاحتجاجات الناتجة عن دوافع اقتصادية في حال فشل في الحصول على دعم صندوق النقد الدولي. ففي السابع من الشهر الجاري، رفض الرئيس التونسي الشروط المطلوبة لتلقي حزمة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار أمريكي من الصندوق، والتي وصفها بـ"الإملاءات الأجنبية".
إن رفض شروط القرض المقترحة ورفض "سعيد" في الوقت ذاته تقديم خطة بديلة واضحة للتخفيف من التحديات الاقتصادية في تونس، سيُزيدان على الأرجح من خطر الاحتجاجات المناهضة لـ"سعيد" والمدفوعة أساسًا بدوافع اقتصادية. بالمقابل، يُرجح أن يواجه النظام ذلك بحملات اعتقال تستهدف المتظاهرين والنشطاء ووسائل التواصل الاجتماعي وشخصيات المعارضة، وإغلاق محتمل لمكاتب أحزاب المعارضة. وإن كان "الغنوشي" شخصية سياسية غير شعبية في تونس ولا يُرجح أن يؤدي اعتقاله إلى احتشاد أعداد كبيرة من المتظاهرين في المدن الرئيسية في البلاد، إلا أن هذا سيتغير على الأرجح إذا حاولت الحكومة تقليص نشاط "الاتحاد العام التونسي للشغل". من جهته، سيبرر "سعيد" تلك الاعتقالات مدعيًا أن المعتقلين متورطون في الفساد، أو أنهم جزء من مؤامرة لزعزعة استقرار البلاد.
من ناحية أخرى، فإن تضييق الخناق على المعارضة سيزيد من مخاطر تأخير مدفوعات صندوق النقد الدولي، وبحسب ما أشارت الأنباء بشكل منتظم خلال العام الماضي، فإن تونس تواجهه ضغوطًا اقتصادية شديدة ومستمرة، وإنها تعتمد بشكل كبير على مدفوعات الأموال الجديدة من صندوق النقد الدولي والمقرضين الآخرين. ومع ذلك، فإذا كانت الولايات المتحدة والدول الأخرى التي سيساهم دعمها في موافقة صندوق النقد الدولي، ترى أن النظام يفرض حملة قمع على معارضيه وعلى العملية الديمقراطية، فمن المرجح أن يعرقل ذلك الإفراج عن أموال جديدة، ما سيزيد من خطر تنامي نقص الواردات واحتمال التخلف عن سداد الديون.
آي إتش إس ماركت