في الـ17 من كانون الأول/ ديسمبر أفادت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي تشرف على الانتخابات في تونس، بأن 8.8% فقط من الناخبين المسجلين شاركوا في الانتخابات البرلمانية، رغم ذلك من المتوقع أن يصور الرئيس التونسي، قيس سعيد، انتخاب البرلمان الجديد على أنه نصر، وأن يمضي قدمًا في هدفه المتمثل في تعزيز الحكم الرئاسي المهيمن على كل مفاصل الدولة. وأيًّا كانت النتائج النهائية التي سيتم الإعلان عنها، فقد كان ذلك المستوى المتدني من التصويت بمثابة صفعة قوية لمشروع "سعيد" السياسي، كما إنه سيعزّز دعوات المعارضة لـ"سعيد" بالاستقالة والسماح بإجراء انتخابات رئاسية.
من جهته، وبالنظر إلى تصرفاته منذ أن أقال البرلمان 2021 وجمع السلطات كلها تحت سيطرته، لا يُتوقع من "سعيد" التراجع عن خططه الشاملة لإنشاء برلمان متوافق مع مشروعه وإضعاف الأحزاب السياسية. ومع ذلك، فإنه سيواجه معارضة شديدة واستياءً اجتماعيًا واسعًا؛ فبعد يومين من التصويت، صرح نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ماهر الجديدي، أنه سيتم افتتاح برلمان جديد في آذار/ مارس 2023 بغض النظر عن نتائج الانتخابات. ومن المتوقع أيضًا أن يحاول الرئيس تصوير المشاركة الشعبية الضعيفة على أنها رفض للسياسة البرلمانية بدلًا من كونها رفض لحكمه، وقد يقيل على الأقل جزءًا من الحكومة الحالية، لإعطاء انطباع ببداية جديدة.
على الصعيد الخارجي، وإلى جانب المعارضة الداخلية ستزداد الضغوط الدولية على "سعيد"؛ فقد أصدرت الحكومة الأمريكية بيانًا عقب النتائج الأولية حثت فيه الرئيس على توسيع المشاركة السياسية خلال الأشهر المقبلة، وهو ما يعتبر محاولة للضغط على "سعيد" للتفاوض بشأن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية مع بعض قوى المعارضة. يبقى أن نرى إذا كانت نتيجة الانتخابات ستجبر "سعيد" على التوصل لأي نوع من التوافق مع قوى المعارضة، لكن هذا يبدو غير مرجح نظرًا للعلاقة المتوترة التي روج لها مع معظم الفاعلين السياسيين في تونس.
على هذا النحو، سيرتفع عدم الاستقرار السياسي إضافةً إلى المشاكل الاقتصادية المستمرة؛ إذ إن قرار صندوق النقد الدولي الأخير بتأجيل مناقشة مجلس الإدارة لبرنامج قروض لتونس بقيمة 1.9 مليار دولار تشتد الحاجة إليه، يعرّض البلاد لضغوط ميزان المدفوعات المستمرة وإلى ازدياد التضخم. وسيعزز كل هذا من المعارضة لـ"سعيد" خلال عام 2023، لا سيما من قبل الأحزاب السياسية المهمشة والاتحاد العام التونسي للشغل (النقابة العمالية الرئيسية في البلاد). رغم ذلك، من المتوقع استئناف البرلمان وأن تواصل قوى المعارضة جهودها لتصوير "سعيد" على أنه رئيس غير شرعي، وتشجع الاحتجاجات في الشوارع ضد حكمه، ما سيزيد من المخاطر السياسية والتشغيلية.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت