الحدث
استقبل الرئيس التركي أردوغان بحضور وزيري الخارجية والدفاع ورئيس الاستخبارات ورئيس دائرة الاتصال الرئاسية، ومستشار الرئيس التركي لشؤون السياسة الخارجية والأمنية، وقائد القوات البرية التركية في 25 مايو/ أيار الجاري رئيس وزراء باكستان شهباز شريف، فيما اجتمع وزير الدفاع التركي يشار غولر على انفراد مع قائد القوات البرية الباكستانية عاصم منير. وأشار البيان التركي عقب الاجتماع إلى حرص البلدين على زيادة التعاون في مجالات التدريب ومكافحة الإرهاب والطاقة والنقل والدفاع، والوصول بحجم التجارة الثنائية إلى 5 مليار دولار "بدلا من 1.5 مليار دولار حاليا"، وتفعيل مشروع سكة حديد "إسطنبول- طهران- إسلام آباد"، فيما أعرب أردوغان عن تقديره لموقف باكستان المبدئي بشأن قضية فلسطين.
الرأي
تأتي زيارة شهباز شريف إلى تركيا بعد أسبوعين فقط من وقف إطلاق النار مع الهند، مما يشير إلى ارتباطها الوثيق بالأزمة الأخيرة، خاصة في ظل الشراكة العسكرية والأمنية المتقدمة بين الجانبين، ورؤية أنقرة في إسلام أباد شريكًا نادرًا يتمتع بخبرة نووية، وهو ما قد يؤسس لتبادل استراتيجي في قضايا الردع والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة.
مع ذلك، فإن هذا الدعم قد يضع أنقرة في موقف دقيق بين الحفاظ على علاقاتها مع نيودلهي ودعمها لباكستان، إذ ترفض الهند أي "تدويل" لقضية كشمير، وتنظر بعين الريبة إلى أي انخراط تركي مضاد لمصالحها في شبه القارة الهندية، وقد سبق لأردوغان خلال خطابه في الأمم المتحدة عام 2019 أن شبّه كشمير بغزة.
من ناحية أخرى، قد تُقلص الهند من حوارها الثنائي مع تركيا، وتُبطئ مشاريع تعاون استثماري وتكنولوجي مع أنقرة رداً على موقفها الداعم لباكستان، كما يُرجح أن تواصل الهند السعي لتعميق شراكتها مع خصوم تركيا الإقليميين مثل اليونان وقبرص و"إسرائيل" وأرمينيا.
بموازاة ذلك، تقدم الزيارة دعماً دبلوماسياً لباكستان من حليف إقليمي مهم مثل تركيا في لحظة تصعيد حساسة، وتشير إلى أن أنقرة لن تبقى على الحياد في التوترات بين الجارتين النوويتين، فيما تعكس الدعوة لتفعيل خط إسطنبول–طهران–إسلام آباد طموحًا لخلق بديل جغرافي–اقتصادي خارج نطاق المبادرات الغربية أو الصينية مثل مبادرة الحزام والطريق، حيث يربط الخط المقترح بين 3 قوى إقليمية تتقاسم هامشًا من التوتر مع الغرب، ويوفر ممرًا بريًا بديلاً عن الهند ويتجاوز الطرق البحرية الخاضعة لنفوذ أمريكي-خليجي. من جهة أخرى، يحمل تأكيد أردوغان على موقف باكستان من فلسطين وتنسيق الجهود الإغاثية لغزة، رسالة بتوحيد المواقف في قضايا رمزية للعالم الإسلامي، ويعزز مشروعية أنقرة كفاعل إسلامي.