أصدر الانفصاليون الجنوبيون في اليمن بقيادة "المجلس الانتقالي الجنوبي" صاحب النفوذ القوي والمدعوم من الإمارات، ميثاقًا مشتركًا في أوائل أيار/ مايو الجاري، يطالب بالحكم الذاتي السياسي الجنوبي وبصوت مستقل في المفاوضات لإنهاء الحرب الأهلية في البلاد. وفي الاجتماع نفسه، أعلن "الانتقالي" عن تعديل وزاري في قيادته السياسية، التي أنشئت أصلًا بهدف توحيد وتقوية الحركة الانفصالية. وتؤكد هذه التطورات التوقعات بأن المفاوضات بين السعودية والحوثيين المدعومين من إيران لن تنهي الصراع الداخلي، وأن النشاط العسكري المستمر، بما فيه الخلاف داخل مكونات الشرعية والحكومة المعترف بها دوليًا، سيظل أمرًا متوقعًا خلال هذا العام. كما إن جهود الانفصاليين الجنوبيين لتعزيز الوحدة داخل حركتهم الانفاصالية، من المرجح أن تؤدي إلى تقويض تماسك الحكومة المعترف بها دوليًا المدعومة من السعودية، والتي تضم بعض أولئك الانفصاليين.
في هذا الإطار، جاء مؤتمر "الاجتماع التشاوري الوطني الجنوبي" الذي عقده "المجلس الانتقالي الجنوبي" لمدة أربعة أيام في العاصمة المؤقتة عدن، ردًا على مخاوف "الانتقالي" بشأن الاستبعاد من مفاوضات السلام. وقد ظهر ذلك الخوف المشترك جليًا في أوساط الجنوبيين من خلال عدد التجمعات الجنوبية، (ذات الأهداف المتباينة والولاءات الإقليمية تاريخيًا)، التي تم إقناعها بالحضور. وقد اختُتم الحدث بتوقيع ميثاق وطني جنوبي يدعو إلى إقامة "دولة جنوبية فيدرالية" وتمثيل مستقل منفصل عن "الأحزاب الشمالية"، ضمن عملية تسوية سياسية بوساطة الأمم المتحدة. كما يشير الميثاق الذي تم اعتماده إلى أنه إذا تم التوصل إلى تسوية دائمة تتجاوز الحركة الجنوبية، وهو ما كان متوقعًا من خلال المفاوضات بين السعودية والحوثيين، فقد تطلق الميليشيات الانفصالية المتحالفة مع "الانتقالي" حملة عسكرية منفصلة، ضد كل من قوات الحكومة الشرعية والحوثيين، لتأمين هدفهم المتمثل في دولة جنوبية تتمتع بحكم ذاتي.
في ظل هذه الإجواء من الاحتقان، من المتوقع أن يتجدد التصعيد العسكري بين المتمردين وخصومهم المحليين في وقت لاحق من هذا العام؛ حيث يحاول الطرفان الاستيلاء على أراضٍ استراتيجية إضافية، سواء تم التوصل لاتفاق سلام بين السعودية والحوثيين أم لا. ومع ضعف اهتمام المملكة بالوحدة داخل "مجلس القيادة الرئاسي"، ستستمر الفصائل الانفصالية الجنوبية أيضًا في الاشتباك مع "حزب الإصلاح" والفصائل الأخرى المتحالفة مع الحكومة الشرعية، للسيطرة على المحافظات الجنوبية المهمة، ما سيزيد من تأجيج الصراع الأهلي طوال العامين الجاري والقادم.
إيكونوميست إنتيليجنس يونيت