تشير المحادثات بين كل من أرمينيا وتركيا إلى احتمال إعادة فتح الحدود بين البلدين، رغم أن احتمال عودة التجارة الحرة عبر جنوب القوقاز سيكون هدفًا بعيد المنال. ومن أبرز المزايا جراء التقارب التركي الأرميني هو استمرار وقف إطلاق النار في إقليم "ناغورني كاراباخ"، حيث دعمت تركيا موقف أذربيجان بشأن هذه القضية. ومن المرجح أن يؤدي التطبيع التركي الأرميني إلى تخفيف التوترات في المنطقة، من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية المفيدة للطرفين والابتعاد عن القضايا الخلافية طويلة الأمد.
ترجح المؤشرات وجود دعم روسي للتقارب بين أرمينيا وتركيا؛ حيث يُظهر عقد الاجتماع في موسكو مدى دعم روسيا للتطبيع. ومع استمرار الأزمة الأوكرانية والوضع المقلق في كازاخستان، يُرجَّح أن تسعى روسيا لإيجاد طرق لزيادة الاستقرار في جنوب القوقاز، والعمل كمحرك رئيسي وراء دبلوماسية أرمينيا وتركيا.
من ناحيتها، تنتهج أنقرة حاليًا سياسة خارجية صديقة لروسيا، وذلك بسبب قيام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بإبعاد العديد من حلفاء تركيا التقليديين في الغرب. وبالتالي، ووفقًا للمعطيات الموجودة، فمن المتوقع أن تتخذ أنقرة موقفًا أكثر حيادية تجاه أذربيجان، ما يوازن ميزان القوى جنوب القوقاز، ويساعد في إبقاء النزاع في الإقليم مجمدًا، كما كان قبل عام 2020.
وهنا تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه لا يمكن تهميش قضية "ناغورني كاراباخ"، وذلك لأنها السبب الأساسي في بدء المحادثات؛ حيث فتحت عودة المقاطعات التي يحتلها الأرمن إلى أذربيجان باب المفاوضات بين أرمينيا وتركيا. ومن المحتمل أن تكون هناك حدود للتنازلات التي يمكن أن يقدمها كلا البلدين لتجديد العلاقات الدبلوماسية. لهذا، يمكن اعتبار قضية التقارب التركي الأرميني وقضية أولويات السياسة الخارجية الأذربيجانية تجاه "ناغورني كاراباخ" قضيتين متداخلتين، وبالتالي، يرجَّح أن تترافق جهود التطبيع مع اتفاقية ترسيم الحدود بين أرمينيا وأذربيجان. أخيرًا، يعتبر تطبيع العلاقات بين أرمينيا وتركيا فرصة لتعزيز الأخيرة لنفوذها في جنوب القوقاز.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت