لم يعد الشرق الأوسط منطقة نمو لتنظيم "داعش"؛ فالدعاية التي يطلقها التنظيم والمتوفرة بـ23 لغة تقتصر الآن على خطب روحية، وإن بقيت مقاطع الفيديو التي تصور ممارسة أعضاء التنظيم لذبح بعض الضحايا، إلا أنها أقل عددًا وأضعف حبكةً من ذي قبل. كما انخفضت حملات الإرهاب بشكل ملحوظ، فلم يعد التنظيم يستخدمها كاستراتيجية شاملة لكن كتكتيك مباشر في حالات خاصة.
بدورهما، تنفّذ كل من روسيا والولايات المتحدة، بدرجة أقوى، عمليات لمكافحة الإرهاب في البادية السورية للقضاء على العناصر الأساسية للتنظيم مثل مخطِّط العمليات، حذيفة اليماني، ومؤخرًا رئيس الاستخبارات والتجنيد، محمود الحاج. فهؤلاء الرجال، الذين يُفترض أن يكونوا ذوي خبرة في الحياة السرية، قد ارتكبوا أخطاء أمنية خطيرة سمحت بتتبعهم، فقُتل زعيم فرع "تنظيم الدولة الإسلامية" في العراق، أبو سارة العراقي، في شباط/ فبراير، ما يدل مرة أخرى على فشل أجهزتهم الأمنية في حماية قادتها.
في السياق ذاته، يخيّم على التنظيم شبح الانقسام؛ فالتوترات التي تم التقليل من شأنها خلال ذروة انتشار التنظيم تظهر على السطح الآن. وقد ظهرت هذه التوترات الهيكلية عندما انتخب الفرع السوري قيادته دون إبلاغ نظيره العراقي، فظهر الافتقار إلى الوحدة والأهداف المشتركة عندما رفض الفرع العراقي المشاركة في الهجوم على سجن الحسكة عام 2022. ووفقًا لناشط سابق انشق عن التنظيم، هناك "حاجة ملحة لإعادة تنظيم المنظمة"، وبالتالي لم يعد الشرق الأوسط منطقة نمو لـ"داعش".
كما تم تفكيك الخلايا التي كانت تحاول العمل في "إسرائيل"، وتراجع الفرع الليبي بقيادة "عبد السلام درك الله" إلى فزان جنوب غرب ليبيا في جبال أكاروس، فيما يقوم القائد بإرسال المقاتلين خلسةً إلى مناطق تهريب اللاجئين إلى مناطق نظام "شنغن" لتنفيذ عمليات في أوروبا، مستفيدًا من انشغال أجهزة الأمن الأوروبية جزئيًا بسبب حرب روسيا على أوكرانيا، لكن لا يوجد ما يدل على أن أهداف "درك الله" ستحقق أي نجاح.
بناءً عل ما سبق، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن يقلل "تنظيم الدولة الإسلامية" من جهوده العسكرية، حيث يتتبعه كل من نظام دمشق والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبدرجة أقل روسيا وإيران. كما سيسعى التنظيم لإبقاء مستوى الصراع منخفضًا بما يكفي للبقاء مع تجنب قنابل التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وفي الوقت نفسه ينشط في أماكن أخرى في أفريقيا وآسيا الوسطى وحتى الهند.
جيوبوليتيكال إنتيليجنس سيرفس