الحدث:
أعلنت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" أنها سحبت جميع مفتشيها من إيران، منهية بذلك الرقابة الدولية المباشرة على البرنامج النووي الإيراني. وأوضحت الوكالة أن قرارها جاء بسبب مخاوف تتعلق بسلامة المفتشين الذين غادروا البلاد برًّا في ظل غياب ضمانات أمنية من الجانب الإيراني.
الرأي:
يأتي قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد سلسلة من الإجراءات الإيرانية التي أعقبت العدوان "الإسرائيلي" الأمريكي، وقد شملت تعليق التعاون مع الوكالة بموجب قانون أقره مجلس صيانة الدستور في 26 يونيو/ حزيران الماضي بما في ذلك منع دخول المفتشين إلى المنشآت النووية، ورفض دخول مفتشين جدد للأراضي الإيرانية، وحظر تركيب أو تشغيل كاميرات مراقبة تابعة للوكالة، فضلًا عن رفض استقبال المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، ورفض السماح لمفتشي الوكالة بزيارة المنشآت النووية التي استهدفها القصف الأمريكي و"الإسرائيلي".
وعلى الرغم من المحاولات الدبلوماسية لإبقاء قنوات التواصل مفتوحة، يمثل انسحاب مفتشي الوكالة تطورًا جوهريًا في مسار البرنامج النووي الإيراني، إذ يُعيد الوضع إلى مرحلة "الظلام الرقابي" المشابهة لما قبل الاتفاق النووي عام 2015، ما يقوّض القدرة على التحقق من سلمية الأنشطة الإيرانية أو مراقبة مستوى التخصيب والتخزين.
وفي ظل عدم ترجيح إمكانية استئناف إيران النشاط النووي قريبًا، فإن المرجّح أن تستخدم طهران تعليق التعاون مع الوكالة كأداة ضغط دبلوماسي ردًا على الهجمات "الإسرائيلية"، في محاولة للتأكيد على صلابة موقف إيران بعد الحرب وتجنب الظهور بموقف ضعف، والضغط على الأطراف الدولية دبلوماسيًا، إلا أن هذه الخطوة قد تُعزز مزاعم "تل أبيب" بسعي إيران إلى تصنيع سلاح نووي وقد توظفها كمبررٍ لمزيد من التحرك العسكري مستقبلًا.
وفي السياق القانوني، فإن تعليق إيران لالتزاماتها الرقابية يتعارض مع بنود معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، والتي لا تزال طهران طرفًا فيها، ما يعزز احتمالية تفعيل آليات أممية لمساءلتها، إذ قد يلجأ مجلس الأمن في حال استمرار تعليق التعاون إلى إعادة فرض العقوبات الأممية التي سبق رفعها بموجب اتفاق 2015، أو حتى دراسة اتخاذ إجراءات أشد، وتعول إيران في هذه الحالة على دور روسيا والصين لتعطيل أي إجراءات من قبل مجلس الأمن الدولي.