الحدث
اجتمع وفد سوري يضم وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم سلامة في أنقرة مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، وذلك بعد أيام معدودة من زيارة فيدان إلى دمشق ولقائه مع الرئيس السوري أحمد الشرع لبحث ملفات إعادة الإعمار، وتعزيز التعاون الثنائي، والتنسيق الأمني ضد داعش وقسد، إضافة إلى مواجهة التهديدات القادمة من "إسرائيل".
الرأي
تندرج اللقاءات التركية السورية المتعددة ورفيعة المستوى ضمن تنسيق الجهود في ملفات أمنية تتعلق بمواجهة قسد، ووضع آليات مشتركة للتصدي للتهديدات "الإسرائيلية". فدمشق ترى في تركيا عمقًا إقليميًا داعمًا، وأنقرة ترى في الحكومة السورية شريكًا موثوقًا على حدودها الجنوبية يشاركها الرؤية في محاربة التنظيمات المعادية واستعادة الاستقرار. ومن خلال التنسيق، يسعى الطرفان إلى بناء منظومة أمنية سياسية تعمل على تعزيز نفوذ كل منهما، وقد يشير تبادل الزيارات في أيام قليلة إلى أن مفاوضات توقيع اتفاق الشراكة الأمنية بين البلدين، باتت في مراحلها الأخيرة.
وتتزامن اللقاءات التركية السورية مع تصاعد الخلاف بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية بعد انعقاد مؤتمر الحسكة في 8 آب/ أغسطس، والذي اعتبرته دمشق انتهاكًا لاتفاقية 10 آذار/ مارس الموقعة بين مظلوم عبدي قائد قسد والرئيس أحمد الشرع، مما دفع الحكومة إلى الانسحاب من مفاوضات باريس المقررة مع قسد، وإعلانها أنها لن تتفاوض معها سوى في دمشق، في مؤشر على هشاشة العملية التفاوضية.
من جهة أخرى، أضفت مشاركة شيخ عقل الدروز حكمت الهجري الذي أعلن حكومة ذاتية في السويداء بعدًا إضافيًا للأزمة، إذ رأت حكومة دمشق في التعاون بينه وبين "قسد" تهديدًا لمشروعها في إعادة بسط السيطرة الكاملة على البلاد. وفي المقابل، حمّلت "قسد" دمشق مسؤولية انتهاكات وقف إطلاق النار وغياب تمثيل الأقليات في هياكل الدولة. هذا التراشق يعكس عمق أزمة الثقة، حيث يمكن أن يتحول أي حادث ميداني بسيط إلى مواجهة واسعة، مما يبقي احتمالية انهيار الهدنة قائمة، ويفتح الباب لعودة القتال في مناطق التماس.
إن توقيع اتفاق الشراكة الأمنية والدفاعية المنتظر بين الجانبين قد يمكّن تركيا من تقديم دعم أوسع لدمشق ضد الاستهداف "الإسرائيلي" المباشر، وضد التهديدات الأمنية الداخلية خاصة تهديد داعش وفلول نظام الأسد. لكن ليس من المتوقع أن يؤدي الاتفاق لردع الحماية "الإسرائيلية" عن دروز السويداء لأن تركيا ستتجنب الصدام المباشر مع "إسرائيل". كذلك، سيظل ملف "قسد" في شمال شرق سوريا خاضعاً لدينامية أخرى مثل الموقف الأمريكي، والمصالحة المحلية بين تركيا والأكراد، وتفضيل دمشق تجنب اللجوء للخيار العسكري لحسم الخلاف.