أمريكا تستثمر في "جهاز مكافحة الإرهاب" العراقي ضمن تحرك يستهدف إضعاف الحشد الشعبي

الساعة : 15:07
11 أغسطس 2025
أمريكا تستثمر  في

الحدث:

في تطور لافت، كشفت وسائل إعلام أمريكية، أن الولايات المتحدة غيرت آلية دعمها للقوات الأمنية في العراق بشكل جذري، حيث تضمنت مسودة الانفاق العسكري للولايات المتحدة لعام 2026، إيقاف تمويل رواتب قوات البيشمركة وتحويل مسؤولية تمويلها إلى الحكومة العراقية، وتقليص المساعدات المخصصة لوزارة الدفاع العراقية، مقابل زيادة كبيرة في دعم جهاز مكافحة الإرهاب، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي ضمن تحوّل استراتيجي في أولويات الدعم الأمريكي داخل العراق. وبحسب المسودة، سوف يقلّص الدعم المالي الأمريكي لوزارة الدفاع العراقية من 189.1 مليون دولار في موازنة عام 2025، إلى 48.2 مليون دولار فقط في موازنة عام 2026، بينما سيرتفع تمويل جهاز مكافحة الإرهاب العراقي من 9.3 مليون دولار إلى 63.6 مليون دولار، ابتداءً من العام المقبل.

الرأي:

يأتي القرار الأمريكي كترجمة لأولويات الولايات المتحدة ونظرتها للمكوّنات الحكومية العراقية، حيث تفتقر قوات وزارة الدفاع إلى ثقة الولايات المتحدة نظراً لتغلغل الميليشيات التابعة لإيران فيها، وترجيح واشنطن بأن المساعدات العسكرية التي تقدم للقوات الحكومية العراقية تجد طريقها للفصائل الموالية لإيران والتي تجاهر بالعداء للولايات المتحدة.

في المقابل، فإن جهاز مكافحة الارهاب بات هو الشريك الموثوق لدى واشنطن؛ فهذا الجهاز تم تشكيله من قبل القوات الأمريكية في بداية احتلالها للعراق، وكان له تنسيق مباشر مع القوات الأمريكية لكنها بعد ذلك ألحقته بالقوات الحكومية العراقية، لكنها احتفظت مع ذلك بعلاقة وثيقة مع قيادات الجهاز، لا سيما وأن عناصره من الجنود والضباط الذين لديهم ميول أمريكية، كما أن الولايات المتحدة لا زالت تنظر إلى جهاز مكافحة الإرهاب في العراق كقوة موازِية للفصائل المسلحة التابعة لإيران داخل العراق.

وعلى هذا الأساس، يمكن توقع أن تسعى الولايات المتحدة للحصول على زيادة الدعم والتعاون مع جهاز مكافحة الإرهاب في جهودها طويلة الأجل لإضعاف الحشد الشعبي والميليشيات الولائية. ولكن ليس من المتوقع أن يؤدي هذا إلى صدام مباشر في المدى المنظور بين قوات مكافحة الإرهاب وبين الفصائل الشيعية، في ظل أن الحكومة العراقية والفصائل على حد سواء لديهم مصلحة في تجنب أي صدام والحفاظ على استقرار التوازن الحالي واحتواء الضغوط الأمريكية.

وفيما يتعلق بقوات البيشمركة، فإن الاجراء الأمريكي لا يبدو مستغرباً بالكامل؛ حيث هددت واشنطن قيادة الإقليم أكثر من مرة بأنها ستوقف دعمها لقوات البيشمركة إذا لم يتم توحيد تلك القوات تحت قيادة واحدة، وهو ما فشل قادة الإقليم في تحقيقه. وسيضع هذا الإجراء قوات البيشمركة تحت ضغوط الحكومة العراقية التي ستتحكم بها من بوابة الرواتب، وسيقوّي مركزية حكومة بغداد على حساب الإقليم الكردي. ومع هذا، سيظل من المحتمل أن تجد البيشمركة داعمين آخرين، أو أن تعيد واشنطن نفسها الدعم ضمن شروط محددة.