السيناريوهات المتوقعة للصراع الإيراني "الإسرائيلي"

الساعة : 14:19
18 يونيو 2025
السيناريوهات المتوقعة للصراع الإيراني

المصدر: فيتش سوليوشنز

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

لقد أدى توقيت ونطاق هجمات "إسرائيل" على إيران إلى زيادة المخاطر الأمنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل كبير، ما قد يوقعها في دوامة من الانتقام. فقد كانت المنطقة بالفعل تسودها بيئة ذات مخاطر أمنية مرتفعة للغاية، منذ انهيار وقف إطلاق النار في غزة وبدء الحملة العسكرية الأمريكية على اليمن أواخر آذار/ مارس الماضي.

ومن الصعب الآن خلق مسار لخفض التصعيد، ويُعتقد أن الجولة الحالية من الهجمات ستستمر لبضعة أسابيع على الأقل. وفيما يلي، نوضح كيف يمكن أن يتكشف الصراع على المدى القريب:

السيناريو الأول: ضعف قدرة إيران على شنّ هجوم انتقامي قوي (مستبعد)

يفترض هذا السيناريو أن تُنفّذ إيران ضربات محدودة على "إسرائيل"، إما لعدم رغبتها أو لعدم قدرتها على شنّ هجمات أوسع. وفي هذه الحالة، ستُضعف هجمات "إسرائيل" قدرات إيران النووية والصاروخية الباليستية بشكل كبير، ما قد يُقلّل من اهتمام الولايات المتحدة بالسعي لاتفاق نووي مع طهران. كما إن ردّ إيران الضعيف سيُعرّضها لمزيد من الهجمات "الإسرائيلية" خلال الأشهر المقبلة، وستعتقد الولايات المتحدة أن هذا هو الوقت المناسب "لزعزعة استقرار" النظام الإيراني، وستمتنع عن تخفيف العقوبات، وقد ينظر الشعب الإيراني إلى النظام على أنه ضعيف ويحتشد ضده.

في حال حدوث هذا السيناريو، سيتراوح سعر برميل النفط بين 60 و70 دولارًا، ولتجنب هذه النتيجة قد تصبح إيران أكثر تقبلًا لمطالب "ترامب" في المفاوضات النووية، مقدمةً التنازلات اللازمة للتوصل لاتفاق جديد بشروط واشنطن، وفي هذه الحالة ستتراوح أسعار النفط بين 60 و65 دولارًا للبرميل.

ويُعتبر هذا السيناريو مستبعدًا؛ لأنه سيكون مهينًا جدًا للنظام الإيراني داخليًا وخارجيًا، فتوقيت الهجمات ونطاقها يدفعان إلى الاعتقاد بأن إيران لن تعود إلى المفاوضات قريبًا. وفي حسابات "ترامب" قد تكون الهجمات "الإسرائيلية" وسيلة لإجبار إيران على تقديم تنازلات في المحادثات النووية؛ حيث إنه يفضل إجراء مفاوضات بالضغط على خصومه، ولم يدفع تشديد العقوبات الذي طبقه منذ توليه منصبه إيران إلى مستوى التنازلات التي تريدها الولايات المتحدة، لا سيما فيما يتعلق بالتخلي عن قدرات تخصيب اليورانيوم المحلية. ومع ذلك، لا يُتوقع أن تحدث هذه التنازلات، وإذا عادت طهران إلى المحادثات فسوف يُنظر إلى الحكومة الإيرانية على أنها ضعيفة، سواء من جانب المجتمع الدولي أو من جانب جمهورها المحلي.

السيناريو الثاني: ضربة انتقامية مُركزة على "إسرائيل"  (أكثر احتمالا)

في هذا السيناريو، من المتوقع أن تواصل إيران تركيز هجماتها على "إسرائيل"، لكن قدرتها على إلحاق الضرر محدودة؛ إما بعجزها عن شن ضربات أكثر قوة أو بالجهود التي تقودها الولايات المتحدة لاعتراض الصواريخ/الطائرات المُسيّرة. فقد تراجعت قدرة طهران على تنظيم هجمات مُنسّقة مع الجماعات المسلحة التابعة لها في المنطقة بشكل كبير؛ حيث أدت الهجمات "الإسرائيلية" على "حزب الله" في لبنان إلى تراجع كبير في القدرات العسكرية للحزب، في حين ضعفت أصول إيران في سوريا بشكل كبير.

مع ذلك، لن تطلب إيران من "حزب الله" التدخل إلا كملاذ أخير، ومن المُرجح أن يُضعف هجوم الحزب على "إسرائيل" موقفه محليًا بشكل أكبر، وقد يُهدد بتدميره بالكامل أو نزع سلاحه. أما الدعم الحوثي فهو الأرجح، لكن مدى الضرر سيكون محدودًا نظرًا لقدرة "إسرائيل" على اعتراض هجمات الجماعة. وإذا شنت الجماعات المدعومة من إيران في العراق أو الحوثيون هجمات على "إسرائيل" أو الأصول الأمريكية، فإن الرد الأمريكي سيركز على استهداف هذه الجماعات بدلًا من إيران نفسها، وفي هذا السيناريو ستتراوح أسعار النفط بين 60 و80 دولارًا للبرميل.

ويُعتبر هذا السيناريو هو الأكثر احتمالًا؛ حيث سيعطي إيران وقتًا لتقييم الأضرار التي لحقت ببنيتها التحتية العسكرية والنووية. ويمكن القول إن إيران في أضعف وضع جيوسياسي لها منذ عقود، بينما تواجه أكثر القادة "الإسرائيليين" والأمريكيين حزمًا في الآونة الأخيرة. ومن المحتمل أن تكون "إسرائيل" قد وضعت في حساباتها، عندما خططت للهجوم، أن فرصة الانتقام الإيراني الكبير كانت محدودة بسبب الأضرار التي ستتكبدها.

السيناريو الثالث: المواجهة المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران (الأقل احتمالا في هذه المرحلة)

يمكن التوصل إلى هذا السيناريو عبر مسارين محتملين؛

o      أولًا: قد تُقرر إيران شن هجمات واسعة النطاق على "إسرائيل" والقواعد العسكرية الأمريكية في الخليج (في الكويت والبحرين والإمارات وقطر)، أو تسعى لتعطيل حركة الملاحة عبر مضيق هرمز. وستؤدي هذه الإجراءات إلى تدخل عسكري أمريكي مباشر وواسع النطاق ضد إيران، بالتنسيق مع "إسرائيل".

o      ثانيًا: قد تختار إيران التصعيد مع مرور الوقت وتوسيع نطاق هجماتها تدريجيًا على الأصول الأمريكية في المنطقة.

في هذا السيناريو، من غير المرجح أن تشارك دول مجلس التعاون الخليجي في أي هجوم على إيران، لحماية بنيتها التحتية النفطية من أي هجوم. ومن المتوقع أن ترتفع أسعار النفط أولًا إلى ما بين 75 و100 دولار للبرميل نظرًا لارتفاع حجم المخاطر، (وبالتالي ستنخفض نسبة النمو العالمي بنحو 0.08 نقطة مئوية، وسيرتفع متوسط معدل التضخم بمقدار 0.49 نقطة مئوية)، ثم تنتقل إلى نطاق يتراوح بين 100 و150 دولارًا للبرميل في حال إغلاق مضيق هرمز، (وهنا سينخفض النمو العالمي بمقدار 0.23 نقطة مئوية، ويرتفع متوسط التضخم العالمي بمقدار 1.34 نقطة مئوية)، إضافةً إلى أن التصعيد سيُعرّض أمن التجارة البحرية في دول مجلس التعاون الخليجي للخطر.

وهذا السيناريو يعتبر الأقل احتمالًا في هذه المرحلة، لأننا نرى أن إيران غير راغبة في بدء حرب شاملة مع الولايات المتحدة واستعداء جيرانها في الخليج. كما إن هذا الصراع سيخلّف عواقب لا يمكن التنبؤ بها على النظام؛ إذ من المرجح أن تتجه الولايات المتحدة للسعي إلى "تغيير النظام"، من خلال استهداف القادة السياسيين والعسكريين الإيرانيين. ورغم أن الولايات المتحدة لن تنشر بالضرورة قوات برية لغزو إيران واحتلالها، لكن واشنطن تأمل في انهيار النظام تحت ضغط داخلي وخارجي.