المصدر: دراجونفلاي إنتيليجنس
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
هجوم بري واسع خلال أسابيع
من المرجح أن توسّع "إسرائيل" هجومها البري على غزة خلال الأسابيع المقبلة؛ إذ يبدو أن الهدف هو السيطرة على القطاع لأجل غير مسمى. ففي الأيام القليلة الماضية، استبعد رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، بنيامين نتنياهو، احتمال وقف إطلاق دائم، ويبدو أن هذا موقفه وموقف حكومته بغض النظر عن إطلاق "حماس" سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وتهدف هذه العملية المتجددة، التي وافق عليها مجلس الوزراء في الرابع من أيار/ مايو الجاري، إلى السيطرة على غزة وهزيمة "حماس".
ومن المرجح جدًا أن يؤدي الاحتلال طويل الأمد لغزة إلى خلق بيئة عمل صعبة في جميع أنحاء المنطقة حتى عام 2026؛ إذ سيزيد التهديد الذي تشكله صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة ضد "إسرائيل"، كما إن أي محاولة لطرد الفلسطينيين من غزة، والذي أشار "نتنياهو" إلى أنه "حتمي" نتيجة لخطط حكومته الجديدة، سيُسبب خلافات دبلوماسية كبيرة بين مصر والأردن و"إسرائيل"، ما يرجح بشكل كبير تعزيز التواجد العسكري على طول حدود هذه الدول.
بموازاة ذلك، من المرجح الآن أن يفرض الجيش "الإسرائيلي" احتلالًا رسميًا طويل الأمد على معظم قطاع غزة خلال الأشهر القادمة؛ ففي الرابع من أيار/ مايو الجاري وافق مجلس الوزراء الأمني على خطة لإعادة احتلال غزة بالكامل تدريجيًا والاحتفاظ بها إلى أجل غير مسمى. ونقل تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" في الخامس من الشهر ذاته عن مسؤول "إسرائيلي" قوله، إن العملية الجديدة في غزة تتضمن "احتلال القطاع والسيطرة عليه"، فيما أفاد موقع "أكسيوس" بأن "إسرائيل" ستنقل السكان إلى "منطقة إنسانية"، وهناك بديل آخر أن يغادر الفلسطينيون "طواعية" إلى دول أخرى. وقد رفضت "إسرائيل" حتى الآن جميع مقترحات الجهات الفاعلة الإقليمية، لتشكيل حكومة بقيادة فلسطينية في غزة بعد انتهاء الصراع.
كما ظهرت مؤشرات أخرى على أن "إسرائيل" تستعد لاحتلال غزة رسميًا؛ ففي نهاية نيسان/ أبريل الماضي أعلن الجيش "الإسرائيلي" أنه سيصدر أوامر تجنيد لعشرات الآلاف من جنود الاحتياط. ووفقًا لوسائل إعلام "إسرائيلية"، سيتم نشر بعض جنود الاحتياط في عمليات في لبنان وسوريا والضفة الغربية، وسيحل هؤلاء محل الوحدات النظامية التي ستُنقل جنوبًا إلى غزة. كما أعلنت "إسرائيل" هذا الشهر عن خطط لوضع آلية جديدة تُشرف على تدفق المساعدات إلى غزة، ما يشير إلى تولي "إسرائيل"، جزئيًا على الأقل، زمام إدارة القطاع.
العملية نهاية الشهر وتهديد الحوثي سيظل مرتفعًا
من المرجح أن تجدد "إسرائيل" هجومها على غزة بنهاية الشهر؛ فرغم استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لتوسيع نطاق عملياتها في غزة، فإن مثل هذه التحركات تستغرق عادةً عدة أسابيع، ولم نشهد بعد حشدًا كبيرًا للقوات على حدود غزة. كما نقلت العديد من وسائل الإعلام الموثوقة عن مسؤولين "إسرائيليين" قولهم، إن أي عملية ستبدأ على الأرجح بعد زيارة الرئيس الأمريكي الحالية للمنطقة، والتي من المقرر أن تنتهي في الـ16 من أيار/ مايو. وبالتالي، ونظرًا لعدم وجود خطة لإدارة غزة بعد انتهاء الصراع، فإن سيناريو احتلال غزة رسميًا ولأمد طويل أصبح محتملًا في الأشهر القليلة المقبلة.
إلى ذلك، من المرجح جدًا أن يظل تهديد الحوثيين بشن هجمات ضد "إسرائيل" مرتفعًا؛ فقد أظهرت هجماتهم الصاروخية بوضوح أن وقف إطلاق النار المتفق عليه مؤخرًا مع الولايات المتحدة لوقف الهجمات في البحر الأحمر، لا يمنعهم من مهاجمة "إسرائيل"، وإن كانت غالبية صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة يتم اعتراضها، باستثناء صاروخ باليستي انفجر بالقرب من مطار بن غوريون في الرابع من أيار/ مايو الجاري. على أي حال، من المتوقع أن تواصل "إسرائيل"، إن لم توسع، ضرباتها العسكرية شبه الشهرية ضد مواقع الحوثيين؛ حيث كان الجيش "الإسرائيلي" قد أصدر أوامر إخلاء لثلاثة موانئ يمنية في الـ14 من الشهر الجاري.
تداعيات توسيع العمليات في غزة
من المؤكد أن إقدام "إسرائيل" على أي هجوم بري مجددًا في غزة سيفشل في إطلاق سراح الأسرى الباقين، وسيؤدي إلى استمرار وتيرة الاحتجاجات المناهضة للحكومة بشكل شبه يومي في "إسرائيل". ومن المرجح أن تكون الاحتجاجات المناهضة للحرب الكبيرة والمزعجة في "إسرائيل" في عطلات نهاية الأسبوع؛ حيث يتم تنظيم معظم هذه الاحتجاجات من قبل عائلات الأسرى، والذين يطالبون الحكومة ببذل مزيد من الجهود لتأمين إطلاق سراحهم.
أما في الدول العربية، فمن المتوقع خروج احتجاجات شبه أسبوعية في المدن الكبرى تأييدًا لفلسطين، مدفوعةً بالتطورات الحاصلة في غزة خصوصًا بعد صلاة الجمعة. فعلى مدار العام الماضي، اندلعت احتجاجات في كل من الجزائر وعمّان وبيروت والقاهرة وإسطنبول والرباط وتونس. وعادةً ما تُنظّم هذه الاحتجاجات أمام المساجد الكبيرة ومقرات النقابات وفي الساحات العامة، كما يُتوقع استمرار تصاعد المشاعر المعادية للغرب في حال استمرار احتلال غزة لفترة طويلة.
بموازاة ذلك، من شبه المؤكد أيضًا أن استمرار الوجود العسكري "الإسرائيلي" في غزة سيُبقي على مستوى التهديد الأمني الخطير في المدن "الإسرائيلية" الكبرى والضفة الغربية؛ حيث ينبع هذا التهديد في الغالب من الجماعات الفلسطينية المسلحة في الضفة ومن العمليات الفردية. لكن العمليات الأمنية الفعالة والقيود المفروضة على حركة الفلسطينيين من الضفة إلى "إسرائيل"، ستجعل من الصعب تنفيذ هجمات معقدة؛ فقد كانت معظم الهجمات في "إسرائيل" خلال العام الماضي عبارة عن عمليات طعن وإطلاق نار ودهس بالسيارات من قِبل أشخاص منفردين.
وعلى مستوى المنطقة، من المتوقع أيضًا أن يظل التهديد مرتفعًا هذا العام نتيجة العمليات "الإسرائيلية" في غزة؛ فقد استغلت الجماعات الجهادية الأحداث في غزة مرارًا لتحفيز المتعاطفين معها على تنفيذ هجمات ضد أشخاص ومصالح "مسيحيين ويهود وغربيين". ففي عام 2024، قُتل ثلاثة سياح يهود في حادثي إطلاق نار منفصلين في مصر، ووردت عدة تقارير عن تعرض معابد يهودية لهجمات في تونس. وبحسب ما ورد، فإن هذه الحوادث نفّذها أشخاص غير تابعين لأي جماعات جهادية، ما يُسلّط الضوء على التهديد الذي يُشكّله الأفراد.