بعد تشويه سمعة المهاجرين من جنوب الصحراء بأفريقيا من قبل الرئيس التونسي، قيس سعيد، أواخر شباط/ فبراير الماضي، أدى تصاعد العنف ضد المهاجرين غير الشرعيين إلى انتقادات دولية وإلى تآكل الدعم السياسي والاقتصادي لتونس. وعليه، فمن المتوقع أن يؤدي حكم "سعيد" الاستبدادي وغير المنتظم إلى الإضرار بقدرة تونس على تأمين التمويل الدولي المطلوب، وذلك بعد أن أضرّ بصورة حكومته الحالية بين المانحين والداعمين الغربيين.
يذكر أن "سعيد" أمر بشن حملة على المهاجرين غير الشرعيين وألقى باللوم عليهم في الجرائم في البلاد، إلى جانب أمور أخرى، حيث أدت اتهاماته تلك والإجراءات الخشنة من قبل قوات الأمن لأعمال عنف ضد المهاجرين من قبل مواطنين تونسيين. وقد يكون الهدف من تصريحات "سعيد" الشعبوية ضد المهاجرين هو صرف انتباه التونسيين عن الصعوبات الاقتصادية المتزايدة التي يواجهونها، أو تحويل التقارير المحلية والدولية بعيدًا عن حملة القمع السابقة ضد معارضيه من الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام.
وقد انعكس ذلك في التأخير المستمر في موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على برنامج 1.9 مليار دولار المتفق عليه مع الصندوق في أيلول/ سبتمبر الماضي، حيث كان متوقعًا الانتهاء من الصفقة في الربع الأول من هذا العام، لكن تدهور الوضع السياسي في البلاد زاد من تحفظ الداعمين متعددي الأطراف والثنائيين، الذين يرون "سعيد" شريكًا غير موثوق به (فعلى سبيل المثال: تعيد الولايات المتحدة تقييم مساعدتها العسكرية)، ما يقلل من احتمال التوصل لاتفاق قريبًا رغم إحراز بعض التقدم في الإصلاحات الاقتصادية.
بالمقابل، ورغم عدم التأكد من ذلك، فإن صفقة الصندوق ستمضي قدمًا في نهاية المطاف في وقت لاحق من هذا العام، والتي بدونها ستكافح تونس للوفاء بجميع التزاماتها المالية الخارجية. في غضون ذلك، ستظل حالة الضعف تخيم على الاقتصاد التونسي، رغم أن التخلف عن سداد الديون الخارجية على الأغلب لن يكون وشيكًا، لكن تراجع الدعم الغربي سيتطلب مزيدًا من التمويل من دول الخليج والصين، وهو أمر غير مضمون وإن حدث فسيكون بشروط خاصة.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت