عودة العلاقات السعودية الإيرانية ستعزز نفوذ بكين في المنطقة ولكنها ستفيد واشنطن كذلك

عودة العلاقات السعودية الإيرانية ستعزز نفوذ بكين في المنطقة ولكنها ستفيد واشنطن كذلك
الساعة : 12:30
21 مارس 2023

سيكون للإعلان الأخير عن استعادة السعودية وإيران علاقاتهما تأثيراً إيجابياً واسع النطاق على الأمن الإقليمي؛ إذ يمكن أن تساهم عودة العلاقات في خفض التوترات في الشرق الأوسط، حيث يمثل الاتفاق خطوة مهمة نحو إعادة اندماج إيران في المنطقة. فقد أعلنت الرياض وطهران أنهما تخططان لإعادة تنفيذ الاتفاقية الأمنية لعام 2001، التي قادت الجانبين إلى التعاون في مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات وغسيل الأموال. كما دفع الاتفاق الطرفين إلى الالتفاف حول خلافاتهما والحد من المواجهات العسكرية رغم انعدام الثقة المتبادل؛ وعلى هذا النحو، يُعتقد أن عودة العلاقات ستبشر بخير عبر تقليل التوترات في اليمن وسوريا، وأن تأتي عكس التوقعات السياسية في لبنان والعراق.

من جهة أخرى، يشير الاتفاق الذي توسطت فيها الصين إلى الثقل الدبلوماسي المتزايد لبكين في المنطقة على مدى العقدين الماضيين، وهو اتجاه يُعتقد أن يستمر في السنوات القادمة؛ حيث تعتبر الصين أكبر مستورد للنفط السعودي والإيراني، وهو مورد مهم لمدخلات رأس المال لكلا البلدين. وعليه، فمن المتوقع أن تتعمق العلاقات الاقتصادية بين الصين وكل من السعودية وإيران في السنوات المقبلة، ويؤكد ذلك الصفقات الاستثمارية والتجارية الكبيرة التي جرى توقيعها مع كل من الرياض وطهران منذ عام 2021. وستواصل الصين الاستفادة من استثماراتها المتنامية والعلاقات التجارية مع الأسواق الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لزيادة نفوذها السياسي، وهو ما سيشكل رياحًا معاكسة للتأثير الجيوسياسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. رغم ذلك، ما زال الاعتقاد الأقوى هو أن واشنطن ستظل الحليف السياسي والعسكري الأول لدول مجلس التعاون الخليجي، خصوصًا السعودية والإمارات، ومعظم أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

بالمقابل، وفي الملعب الأمريكي، يُعتقد أن استعادة العلاقات السعودية الإيرانية ستظل تحقق مكاسب إيجابية للولايات المتحدة؛ فبينما يُنظر إلى دور الوساطة الصيني على أنه مناورة دبلوماسية أمريكية، تلقت واشنطن خبر استعادة العلاقات بشكل إيجابي، وذلك لأن انخفاض التوترات الجيوسياسية سيفيدها بطريقتين:

أولًا: في ظل عدم شراء الولايات المتحدة نفطًا من إيران وشرائها قليلًا نسبيًا من السعودية، فإن انخفاض التوترات الجيوسياسية بين الرياض وطهران يقلل من المخاطر على التدفق الحر للنفط في الخليج العربي، والذي يعتبر مصلحة استراتيجية رئيسية لواشنطن.

ثانيًا: قد يسمح انخفاض التوترات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج للولايات المتحدة بالاحتفاظ بتركيزها على الصراع الروسي الأوكراني، وأوروبا بشكل أوسع على المدى القصير، وعلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ على المدى المتوسط.

على هذا النحو، من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في تفضيل مصالحة أوسع بين اللاعبين في المنطقة، وسيشمل ذلك أيضًا دعم العلاقات الوثيقة بين السعودية و"إسرائيل"، والتي يُعتقد أنها لم تتأثر إلى حد كبير باستعادة العلاقات بين الرياض وطهران.

فيتش سوليوشنز