سيظل احتمال حدوث احتجاجات في الأردن أعلى مما كان عليه في السنوات الأخيرة؛ فبين كانون الأول/ ديسمبر 2022 وكانون الثاني/ يناير 2023 بدأ عمال النقل سلسلة من الإضرابات والاحتجاجات، على الأجور المنخفضة وزيادة أسعار الوقود، كما احتج المهندسون المتقاعدون مؤخرًا إثر تعليق نقابة المهندسين دفع البدلات لمدة ثلاثة أشهر. وجاءت هذه الأحداث متماشية مع وجهة النظر التي ترى أن ارتفاع تكلفة المعيشة بسبب التضخم، الذي بلغ 4.4% على أساس سنوي خلال عام 2022 مقابل 1.3% خلال الفترة من 2015-2019)، من شأنه أن يغذي الاستياء في منطقة شمال أفريقيا والمشرق العربي في الأشهر المقبلة.
ومن هنا، فمن المتوقع أن الظروف الاقتصادية الضعيفة في الأردن ستُبقِي مخاطر الاحتجاجات مرتفعة خلال الأشهر القادمة، في حين يُرجح أن تُزيد الحكومة الإنفاق على رواتب موظفي الخدمة المدنية، حيث ستظل الأجور الحقيقية في المنطقة السلبية لأن التضخم سيتراجع بشكل تدريجي بطيء. في الوقت نفسه، يُعتقد أن التحسن الأخير في سوق العمل سيكون قصير الأجل، وأن التداعيات المحتملة للاضطرابات بين الجيش "الإسرائيلي" والجماعات الفلسطينية داخل فلسطين، والتي تصاعدت بشكل كبير في الأشهر الثلاثة الماضية، ستُزيد من مخاطر الاحتجاجات بناءً على النسبة الكبيرة من السكان الفلسطينيين في الأردن.
ومن المتوقع أيضًا أن تظل التوترات بين الفصائل الفلسطينية والقوات "الإسرائيلية" متصاعدة في الأشهر القادمة، خاصةً في ظل وجود حكومة يمينية هي الأكثر تشددًا تجاه الفلسطينيين. ففي زيارة رسمية إلى البيت الأبيض في أوائل شباط/ فبراير الماضي، حذر العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من احتمال "انهيار القانون والنظام" في الضفة الغربية، وهو ما يعكس المخاوف من تداعيات التوترات المحتملة في الأردن؛ فربما يقوم الفلسطينيون بتنظيم احتجاجات في الشوارع لإظهار الدعم للتطورات في الضفة الغربية وقطاع غزة.
أخيرًا، ورغم أن التداعيات السياسية للاحتجاجات ستكون محدودة؛ حيث لا يزال الدعم للعائلة المالكة قويًا، فإن قضية الوصاية على المسجد الأقصى يمكن أن تؤدي لتوتر كبير؛ فلا يُرجح أن يتم تجاوز الوصاية على المدى المتوسط، تماشيًا مع بيان "بايدن" في أوائل شباط/ فبراير. ومع ذلك، فقد قامت الشرطة "الإسرائيلية" باعتراض السفير الأردني لدى "إسرائيل" أثناء سعيه لدخول المسجد الأقصى، منتصف كانون الثاني/ يناير الماضي، ما أعاد إلى السطح مخاوف الأردن من أن دفء العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية قد يُفقِد عمّان دورها لصالح الرياض. وإن كان قد تم احتواء القضية في الوقت الحالي، إلا أنها إذا عادت للظهور فمن المحتمل أن تندلع احتجاجات واسعة في المملكة، وأن تمارس المؤسسة الأردنية ضغطًا دبلوماسيًا من خلال واشنطن وعسكريًا (من خلال حركة "حماس") على "إسرائيل"، وهو ما ستكون له آثار سلبية على معنويات المستثمرين بشكل عام تجاه الدولة والمنطقة.
فيتش سوليوشنز