ما زالت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية تشير إلى أن خطر تصعيد العنف بين "إسرائيل" وبين الضفة الغربية وقطاع غزة سيظل مرتفعًا خلال الأشهر الـ12 القادمة، كما يتضح من الهجمات الأخيرة. وبالفعل تصاعدت التوترات والأعمال العدائية بين قوات الأمن "الإسرائيلية" والجماعات الفلسطينية المسلحة، ويرجع ذلك لظهور (والتنسيق بين) مجموعات فلسطينية مسلحة جديدة، ردًا على الغارات المتزايدة من قبل القوات "الإسرائيلية"، فضلًا عن الموقف الأكثر تشددًا للحكومة الائتلافية اليمينية الجديدة تجاه الفلسطينيين.
ومن المتوقع أن هذه العوامل، إلى جانب خطط "إسرائيل" لبناء مزيد من المستوطنات وبعض الحوادث مثل زيارة وزير الأمن القومي "الإسرائيلي"، إيتمار بن غفير، المثيرة للجدل إلى المسجد الأقصى، ستستمر في تأجيج التوترات وإثارة حلقات متفرقة من العنف.
ورغم كل هذه التوترات المتصاعدة، إلا أنه من المرجح أنها ستظل في نطاق محدود وأن يتم احتواء الصراع نسبيًا؛ حيث تستند هذه الرؤية إلى ثلاثة أسباب رئيسية:
أولًا: يُعتقد أن الحكومة "الإسرائيلية "، رغم تبنيها موقفًا أكثر تشددًا بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة، ستسعى لتجنب مواجهة عسكرية واسعة النطاق؛ وذلك لتفادي تعريض الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي الأمريكي للخطر، فضلًا عن التقدم في التطبيع مع الدول العربية الموقعة على"اتفاقات أبراهام" عام 2020. إضافةً لذلك، ستتجنب تل أبيب تأجيج التوترات العرقية الداخلية بين العرب واليهود "الإسرائيليين"، وهو ما يتوقع أن ينعكس في سياسات الحكومة من خلال تفضيل العمليات العسكرية على نطاق أصغر في الضفة الغربية وقطاع غزة للحد من الانتقام.
ثانيًا: تكثيف الولايات المتحدة جهود الوساطة يعكس ضعف الرغبة الدولية في التصعيد، كما سحبت السلطة الفلسطينية مؤخرًا مشروع القرار الذي قدمته للأمم المتحدة ضد النشاط الاستيطاني "الإسرائيلي"، وسط ضغوط من واشنطن التي قيل إنها عرضت مساعدات مالية وتعليقًا مؤقتًا للإعلانات بشأن المستوطنات "الإسرائيلية" الجديدة. وبالمثل، فلم تصدر ردود على أعمال العنف من الموقعين على "اتفاقات أبراهام" حتى الآن، ما يعكس على الأرجح الرغبة المحدودة في التصعيد أو التدهور في العلاقات مع "إسرائيل".
ثالثًا: يُعتقد أن قدرة الجماعات الفلسطينية المسلحة على التصعيد محدودة حالياً؛ إذ من غير المرجح أن تكون حركة "حماس" مستعدة لمواصلة مواجهة شاملة مع "إسرائيل". وبالتالي من المتوقع أن تستمر في النهج الحذر، نظرًا لأنها لم تتعاف تمامًا من حرب أيار/ مايو 2021، إضافةً للوضع الاقتصادي الصعب في قطاع غزة. أما "حركة الجهاد الإسلامي" فقدراتها العسكرية والسياسية محدودة، ورغم وجود مجموعة من الجماعات الفلسطينية المسلحة الناشئة، إلا أنها تفتقر للقدرات الكافية للدخول في صراع شامل.
لكن رغم كل ذلك، إذا أدى انتقام الجماعات الفلسطينية ضد القوات "الإسرائيلية" لوقوع إصابات تعتبرها الحكومة "الإسرائيلية" مفرطة، فلا يمكن استبعاد عملية عسكرية أكبر في الضفة الغربية وغزة، وإذا حدث ذلك فستقابله الفصائل الفلسطينية بالرد.
فيتش سوليوشنز