من المتوقع أن تتراجع تدريجيًا وتيرة وحجم الاحتجاجات المستمرة في إيران التي أثارها مقتل الشابة "مهسا أميني"، نتيجة الاستخدام المتزايد للقوة من قبل السلطات الإيرانية، لكن طبيعة المظاهرات ستختلف مستقبلًا باختلاف المناطق، ما يعكس مظالم عرقية إضافية شمال غرب إيران، إذ من المرجّح ألا تقدم السلطات الإيرانية إصلاحات اجتماعية كافية لتهدئة موجة الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد.
ومن المرجح أيضًا أن تستمر أجهزة الدولة، خصوصًا الأمنية منها، في استخدام القوة ضد المظاهرات في طهران وغيرها من المدن للحفاظ على مواقعها في السلطة، ما سيكون له نتائج متباينة في أجزاء مختلفة من البلاد؛ ففي طهران والمدن الكبرى الأخرى شرق وجنوب البلاد يُتوقع أن تبدأ المظاهرات بعد فترة في التراجع تدريجيًا، تحت وطأة الضغط المتزايد من قبل الأجهزة الأمنية، خصوصًا الحرس الثوري. بالمقابل، يُرجّح أن تستمر الاحتجاجات بنفس الوتيرة في الشمال الغربي، وتحديدًا في المدن والبلدات ذات الكثافة السكانية الكردية.
وعلى المدى القصير، ستستمر الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران، وستكون الأكبر والأكثر تكرارًا في المحافظات الشمالية الغربية؛ ويرجع ذلك إلى وجود المظالم الاجتماعية في هذه المناطق فيما يتعلق بارتداء الحجاب وحقوق المرأة بشكل عام، وهي القضية الأساسية التي ولّدت الاحتجاجات، إضافةً إلى ما يُنظر إليه تاريخيًا على أنه معاملة سيئة للأكراد كأقلية عرقية. وإضافة إلى حقوق المرأة، فإن أصول حركة الاحتجاج الحالية متجذرة في الخطاب القومي الكردي؛ فقد نزل العديد من الأكراد في البداية إلى الشوارع لاعتقادهم أن اعتقال وقتل "مهسا أميني" مرتبط بجذورها الكردية، حيث سرعان ما تبنت الاحتجاجات شعارات قومية كردية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الاحتجاجات في محافظات غرب أذربيجان وكردستان وكرمانشاه وإيلام وطهران، والتي شهدت الأعداد الأكبر من المشاركين، تشكل مصدر قلق خاص للسلطات لأن هذه المناطق تمثل ما يقرب من 30% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبلاد.
بناءً على تلك المعطيات، فإن السيناريو المتوقع والأكثر ترجيحًا هو أن تتمسك الحكومة بموقفها المتشدد، وأن تستمر قوات الأمن في تفريق المظاهرات بالقوة في جميع أنحاء البلاد، لكن دون تصعيد كبير. وإن كان من المرجح أن المظاهرات ستستمر لفترة ما، إلا أنها ستبدأ في النهاية في التقلص تدريجيًا، وذلك لتزايد تدخل الحرس الثوري في قمع المتظاهرين، كما دلّت على ذلك التصريحات الأخيرة لقائد الجهاز في الـ29 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، التي حذر فيها المتظاهرين من مغبة الاستمرار في المظاهرات.
إضافةً إلى ذلك، فإن استمرار قطع الإنترنت أثناء الاحتجاجات سيجعل من الصعب على المتظاهرين تنسيق تحركاتهم أو تبادل المعلومات المتعلقة بقضيتهم، بينما يُتوقع أن تستمر الحكومات الغربية في دعم حركة الاحتجاج خطابيًا. وعلى صعيد العقوبات، يُرجح أن تقتصر على استهداف أفراد من النظام الحاكم، لكن فرض تلك العقوبات سيستوجب ردًا من طهران، ما يرجح تراجع احتمالات عودة الاتفاق النووي خلال هذا العام.
فيتش سوليوشنز