أعلنت منظمة "أوبك+" وحلفاؤها خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا، وتمديد اتفاقية التعاون بين دول "أوبك" الأساسية وروسيا ومنتجين آخرين حتى عام 2023. ورغم أنهم أوضحوا أن القرار يأتي في ضوء إدارة تكنوقراطية للسوق، إلا أن الخفض أثار حفيظة البيت الأبيض بشدة وفسره كثيرون بأنه تحرك لدعم روسيا؛ حيث يستعد صناع السياسة الغربيون لفرض جولة أخرى من العقوبات على منتج النفط الرئيسي.
من وجهة النظر الغربية والأمريكية، سيتم اعتبار القرار السعودي تحديًا للولايات المتحدة، بسبب الضغط المكثف من البيت الأبيض للحفاظ على (أو زيادة) الإنتاج، والذي بدأ بزيارة الرئيس "بايدن" إلى المملكة في تموز/ يوليو الماضي، وأنه استمرار للتحالف مع روسيا كذلك، كما إنه سيؤثر على السياسة الأمريكية في ظل ارتفاع أسعار الغاز قبل انتخابات التجديد النصفي، و"بايدن" يرفض ذلك علنًا.
من جانبهم، يرسل السعوديون إشارة بأنهم لا يريدون شراكة وثيقة مع الولايات المتحدة في قضايا الطاقة والاقتصاد، ويريدون عدم الانحياز في الأمور الجيوسياسية لأن هذه الخطوة تساعد روسيا، لكنهم في الوقت نفسه يريدون شراكة وثيقة مع الولايات المتحدة في قضايا الأمن الإقليمي خصوصًا ضد إيران. لكن من الصعب "الانتقاء والاختيار" بهذه الطريقة، وعليه فمن المتوقع أن تقلل الولايات المتحدة من تعاونها مع المملكة في الملفات ذات الاهتمام المشترك في المستقبل. كما ينبغي أخذ موقف الكونغرس الذي لطالما انتقد المملكة في الاعتبار؛ فقد تم تقديم تشريع لسحب القوات الأمريكية وأنظمة الدفاع الصاروخي من السعودية والإمارات، كما يعيد أعضاء في الكونجرس مرة أخرى فكرة السعي لتقويض "أوبك".
إلى ذلك، ستعمل التخفيضات التي قامت بها كل من السعودية والإمارات والكويت والعراق على تعزيز أساسيات السوق في المدى القريب، وسترسل إشارة إلى المشاركين الآخرين في السوق، بأن المجموعة ستواصل التدخل لوضع حد أدنى لأسعار النفط خلال العام المقبل.
وبناءً على ذلك، ستزيد التوترات بين "أوبك+" والغرب؛ إذ تشير التكهنات إلى أن واشنطن قد تسعى إلى زيادة الضغط على المجموعة، بما في ذلك من خلال إحياء مشروع قانون "نوبك" (الذي يسمح بمقاضاة المنتجين في المحاكم الأمريكية على أسس مكافحة الاحتكار)، والقيود المحتملة على المساعدات العسكرية.
ورغم ذلك، فشل مشروع قانون "NOPEC" مرارًا وتكرارًا في الماضي، ولا يزال يواجه عوائق كبيرة أمام تمريره فضلًا عن التنفيذ، في حين أن القيود المفروضة على المساعدات العسكرية ستكون بمثابة رد فعل عنيف، وربما تضر بالمصالح الاستراتيجية الأوسع للولايات المتحدة في المنطقة. بدلًا من ذلك، يُرجّح أن يركز "بايدن" جهوده على تشجيع زيادة إنتاج النفط المحلي وتمديد إصدارات التخزين، وإن كان ذلك سيعود بأثر ضئيل على الأسعار.
سي إس آي إس + فيتش سوليوشنز