ينظر "بوتين" والكرملين إلى الحرب في أوكرانيا على أنها معركة وجودية لبقاء الدولة الروسية؛ بعبارة أخرى، لا يخشى "بوتين" وصمة عار على إرثه من الخسارة في أوكرانيا فحسب، بل إنه على الأرجح يعتبرها أيضًا انهيارًا لنظامه وللدولة الروسية إذا لم تحقق روسيا بعض الانتصارات. وبالتالي، بالنسبة لـ"بوتين" وكبار النخب الأمنية، فإن جميع أدوات الانتقام، بما فيها الأسلحة النووية، لها ما يبررها لتجنب هذه النتيجة.
لكن بالمقابل، هناك عوامل عديدة تحدّ من احتمال استخدام الأسلحة النووية، كما تشير الدعوة المتزامنة للتعبئة إلى توقع موسكو بأن الحرب لن تُحل بالأسلحة النووية، لكن بشكل تقليدي في ساحة المعركة على المدى الطويل. كما يعمل "بوتين" أيضًا على تصعيد الموقف في الحرب من خلال الدعوة إلى التعبئة الجزئية، لمعالجة المشكلة المستمرة المتمثلة في نقص القوى العاملة نتيجة المجهود الحربي الروسي منذ بداية الغزو في شباط/ فبراير، وهو أحد الأسباب الرئيسية للهزائم الروسية الأخيرة. ومن الواضح أن الكرملين تجنب هذا خلال الأشهر الستة الماضية في ضوء المخاطر السياسية الشديدة الملازمة لهذا القرار، ورغم ذلك، واعتقادًا بأن الأمة الروسية نفسها مهددة بفوز أوكرانيا بالحرب حاليًا، أصبحت هذه الخطوة لا مفر منها.
لقد أصبح مسار الحرب أكثر غموضًا، رغم أنه يمكن تحديدها في المستقبل القريب نسبيًا إذا حاول الغرب إجبار الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، على الانصياع لمطالب روسيا ووقف القتال في ضوء التهديد النووي. وإذا افترضنا استمرار الصراع وتجنب الحرب النووية، ستفشل التعبئة في تغيير التوازن الاستراتيجي للحرب على المدى القريب؛ حيث سيستغرق الأمر ثلاثة أشهر تقريبًا لنشر حوالي مائة ألف جندي من القوات الجديدة في ساحة المعركة، بينما سيتم نشر الباقي خلال الأشهر التالية.
فرونتير فيو