كثّفت تركيا خطابها الحازم بشكل متزايد ضد اليونان في الأسابيع الأخيرة، على خلفية النزاع الطويل حول سيادة اليونان على الجزر في شرق بحر إيجه، وقالت إن اليونان تقوم بعسكرة هذه الجزر. ولا يخفى في هذا السياق غضب تركيا من اتفاقيات الدفاع اليونانية مع الولايات المتحدة وفرنسا، واستبعادها من برنامج مقاتلات "F-35"، وعدم تحديث طائرات "F-16" بسبب مشترياتها لأنظمة الصواريخ الروسية، فيما قابلت الحكومة اليونانية تصريحات أنقرة بالسعي لإشراك حلفائها وشركائها، بما في ذلك "الناتو"، محذرةً من خطر اندلاع حرب كاملة.
من ناحية أخرى، قد يؤثر الصراع بين الخصمين على تماسك "الناتو" ويهدد بتصدع الحلف، في وقت يحتاج فيه إلى إظهار جبهة موحدة ضد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، كما يمكن أن تستغل روسيا ذلك التصدع في وحدة "الناتو" مع اقتراب فصل الشتاء.
ولن يؤدي عدم الاستقرار شرق المتوسط إلى زعزعة استقرار الجناح الجنوبي للتحالف فحسب، بل سيؤثر أيضًا على المصالح الأساسية للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمسائل الطاقة والهجرة ومكافحة الإرهاب والسيادة. وفي النهاية سيكون للصراع المسلح تداعيات سلبية جدًا على الاقتصادين اليوناني والتركي، اللذين يصارعان بالفعل جراء أزمات الطاقة والتضخم.
من جانبها، ستستمر تركيا في تأجيج التوترات مع اليونان لتحقيق مكاسب سياسية محلية ونفوذ دبلوماسي، سواءً من حيث توازن القوى شرق المتوسط أو خططها فيما يتعلق بالشمال السوري. أما اليونان فستعمل على ضبط رد فعلها لتجنب وقوع صدام، لكن التهديد بحدوث حدث عسكري لا ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد. وستتعرض الحكومة اليونانية لضغوط شديدة إذا أصر "أردوغان" على تهديداته أو قام بأي تحركات مهددة، بينما قد تؤدي زلة واحدة إلى اندلاع صراع عسكري.
إيكونوميست إنتيليجنس يونيت