مرصد التنبؤات الغربية 06 مارس 2023

الساعة : 12:10
6 مارس 2023
مرصد التنبؤات الغربية 06 مارس 2023
توقعات بأن يكون هذا العام أكثر دموية من العام الماضي نتيجة السياسات "الإسرائيلية" اليمينية المتطرفة

أصدر أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما فيهم الولايات المتحدة، تحذيرًا نادرًا تجاه القرار "الإسرائيلي" الذي صدر مؤخرًا ببناء عشرة آلاف وحدة استيطانية جديدة، وإضفاء الشرعية بأثر رجعي على تسع بؤر استيطانية غير مصرح بها. ومن المقرر أن تعلن الحكومة "الإسرائيلية"، دون رادع، عن آلاف الوحدات الاستيطانية الأخرى، حتى في منطقة E1 بالضفة الغربية التي حذر الاتحاد الأوروبي من أنها ستعرّض إمكان قيام دولة فلسطينية للخطر.

في هذا الإطار، يزداد الوضع تدهورًا بسرعة داخل الخط الأخضر، ما دفع مدير وكالة المخابرات المركزية "CIA" إلى التحذير من انتفاضة فلسطينية جديدة. ورغم أن العام الماضي كان الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين منذ نهاية الانتفاضة الثانية عام 2005، إلا أنه من المتوقع أن يكون هذا العام أشد منه دموية، في ظل مقتل أكثر من 50 فلسطينيًا حتى الآن على أيدي القوات "الإسرائيلية". كما يواجه الفلسطينيون هجمات متزايدة من قبل المستوطنين "الإسرائيليين"، الذين شجعهم الوزراء مستفيدين من حماية الجيش "الإسرائيلي".

كل هذا سيساعد في تسريع عودة ظهور الجماعات الفلسطينية المسلحة التي كانت نائمة سابقًا، والتي يعتبر بعضها على صلة بحركة "حماس" أو "الجهاد الإسلامي" أو حتى "فتح" نفسها. من جهة أخرى، فإن إعادة عسكرة أجزاء كبيرة من الضفة الغربية تسلط الضوء على ضعف الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وسلطته التي يتهمها العديد من الفلسطينيين بالتعاون مع "إسرائيل" لقمع المقاومة. ومع تضاؤل شرعيته الشعبية، في ظل غياب الانتخابات لما يقرب من عقدين من الزمن ووضع عملية السلام المحتضرة، يكافح "عباس" لإعادة تأكيد سيطرته، بينما ستؤدي الخطة الأمريكية لتعزيز القدرة الأمنية الفلسطينية لمحاربة الجماعات المسلحة إلى تفاقم التوترات داخل فلسطين.

يوروبيان كاونسل أون فورين ريليشنز

خطر التصعيد بين "إسرائيل" والفلسطينيين سيظل مرتفعًا خلال هذا العام دون الدخول في صراع شامل

ما زالت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية تشير إلى أن خطر تصعيد العنف بين "إسرائيل" وبين الضفة الغربية وقطاع غزة سيظل مرتفعًا خلال الأشهر الـ12 القادمة، كما يتضح من الهجمات الأخيرة. وبالفعل تصاعدت التوترات والأعمال العدائية بين قوات الأمن "الإسرائيلية" والجماعات الفلسطينية المسلحة، ويرجع ذلك لظهور (والتنسيق بين) مجموعات فلسطينية مسلحة جديدة، ردًا على الغارات المتزايدة من قبل القوات "الإسرائيلية"، فضلًا عن الموقف الأكثر تشددًا للحكومة الائتلافية اليمينية الجديدة تجاه الفلسطينيين.

ومن المتوقع أن هذه العوامل، إلى جانب خطط "إسرائيل" لبناء مزيد من المستوطنات وبعض الحوادث مثل زيارة وزير الأمن القومي "الإسرائيلي"، إيتمار بن غفير، المثيرة للجدل إلى المسجد الأقصى، ستستمر في تأجيج التوترات وإثارة حلقات متفرقة من العنف.

ورغم كل هذه التوترات المتصاعدة، إلا أنه من المرجح أنها ستظل في نطاق محدود وأن يتم احتواء الصراع نسبيًا؛ حيث تستند هذه الرؤية إلى ثلاثة أسباب رئيسية:

أولًا: يُعتقد أن الحكومة "الإسرائيلية "، رغم تبنيها موقفًا أكثر تشددًا بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة، ستسعى لتجنب مواجهة عسكرية واسعة النطاق؛ وذلك لتفادي تعريض الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي الأمريكي للخطر، فضلًا عن التقدم في التطبيع مع الدول العربية الموقعة على"اتفاقات أبراهام" عام 2020. إضافةً لذلك، ستتجنب تل أبيب تأجيج التوترات العرقية الداخلية بين العرب واليهود "الإسرائيليين"، وهو ما يتوقع أن ينعكس في سياسات الحكومة من خلال تفضيل العمليات العسكرية على نطاق أصغر في الضفة الغربية وقطاع غزة للحد من الانتقام.

ثانيًا: تكثيف الولايات المتحدة جهود الوساطة يعكس ضعف الرغبة الدولية في التصعيد، كما سحبت السلطة الفلسطينية مؤخرًا مشروع القرار الذي قدمته للأمم المتحدة ضد النشاط الاستيطاني "الإسرائيلي"، وسط ضغوط من واشنطن التي قيل إنها عرضت مساعدات مالية وتعليقًا مؤقتًا للإعلانات بشأن المستوطنات "الإسرائيلية" الجديدة. وبالمثل، فلم تصدر ردود على أعمال العنف من الموقعين على "اتفاقات أبراهام" حتى الآن، ما يعكس على الأرجح الرغبة المحدودة في التصعيد أو التدهور في العلاقات مع "إسرائيل".

ثالثًا: يُعتقد أن قدرة الجماعات الفلسطينية المسلحة على التصعيد محدودة حالياً؛ إذ من غير المرجح أن تكون حركة "حماس" مستعدة لمواصلة مواجهة شاملة مع "إسرائيل". وبالتالي من المتوقع أن تستمر في النهج الحذر، نظرًا لأنها لم تتعاف تمامًا من حرب أيار/ مايو 2021، إضافةً للوضع الاقتصادي الصعب في قطاع غزة. أما "حركة الجهاد الإسلامي" فقدراتها العسكرية والسياسية محدودة، ورغم وجود مجموعة من الجماعات الفلسطينية المسلحة الناشئة، إلا أنها تفتقر للقدرات الكافية للدخول في صراع شامل.

لكن رغم كل ذلك، إذا أدى انتقام الجماعات الفلسطينية ضد القوات "الإسرائيلية" لوقوع إصابات تعتبرها الحكومة "الإسرائيلية" مفرطة، فلا يمكن استبعاد عملية عسكرية أكبر في الضفة الغربية وغزة، وإذا حدث ذلك فستقابله الفصائل الفلسطينية بالرد.

فيتش سوليوشنز

علاقات الأردن مع سوريا ستتطور لدوافع أمنية واقتصادية لكن دمشق ستطلب تنازلات كبيرة من عمّان

زار وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، دمشق بعد أسبوع من وقوع الزلزال الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا في السادس من شباط/ فبراير الماضي، في زيارة لأرفع مسؤول أردني إلى سوريا منذ بداية الصراع الداخلي عام 2011. ومن المتوقع أن يكون لقاء "الصفدي" مع نظيره السوري ومع رئيس النظام، بشار الأسد، إيذانًا ببداية علاقات دبلوماسية أوثق بين البلدين، حيث يسعى الأردن للاستفادة من زيادة التعاون عبر الحدود في أعقاب الزلزال لتعزيز العلاقات مع الحكومة السورية، بعد أن قدم مساعدات إنسانية إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام.

إن هناك دوافع عديدة للأردن في سعيه لتوثيق العلاقات الاقتصادية والسياسية مع نظام "الأسد"، منها السماح للشركات الأردنية بالاستفادة من إعادة الإعمار في سوريا وإمكاناتها كسوق لصادرات البضائع الأردنية. كما إن الأردن طرف في اتفاقيات أوسع نطاقًا بشأن مشروعات لتزويد لبنان بالغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا في السنوات الأخيرة. وإن كانت التجارة بين الأردن وسوريا تراجعت تدريجيًا في الفترة من 2011-2015 وظلت هادئة في السنوات التالية، لكنها بدأت في الانتعاش مدفوعةً بصادرات الأردن، الذي يهدف بشكل رئيسي للحد من مخاطر انعدام الأمن على طول حدود البلدين، المتمثل في الخلايا المتشددة جنوب سوريا وتهريب "الكبتاغون" الذي يتوسع بسرعة في المنطقة، والحد من تدفق المخدرات إلى المملكة، والتي يدير كثير من هذه التجارة ويستفيد منها شركاء النظام السوري.

إن حجم تهريب الكبتاغون، الذي قُدّر بأكثر من 5.7 مليار دولار عام 2021، وقيمته كمصدر لعائدات التصدير غير المشروعة لسوريا، يجعل من غير المرجح أن تكون الحكومة السورية مستعدة للتعاون في القريب العاجل، دون تنازلات اقتصادية جدية من الأردن، مثل تكثيف تحويلات المساعدات والتعهدات الاستثمارية.

بناءً على ما سبق، من المتوقع أن تتعزز العلاقات الثنائية بين الجانبين خلال الفترة من 2023-2027، خاصة وأن الأردن يسعى لتشجيع التعاون الدبلوماسي مع سوريا من خلال تعهدات التجارة والمساعدات والاستثمار. ومع ذلك، ستبقى سوريا شريكًا صعبًا للأردن لأنها تتجنب تقليص تدفق الكبتاجون إلى المملكة، من أجل حماية سدنة النظام وإبقاء العلاقة متقلبة وعرضة للانكماش.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيت

سيطرة النظام السوري على تدفقات المساعدات الإنسانية ستعزز أوضاعه الاقتصادية والسياسية وتشكل ضغط على مناطق المعارضة

أظهر النظام السوري بوادر مبكرة لسعيه للاستفادة من الفرص الاقتصادية والسياسية، التي نشأت عن الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا. ومن المتوقع أن تؤدي سيطرة النظام على تدفق المساعدات إلى تعزيز موارده المالية، ودعم شبكات المحسوبية القائمة والتي تعتمد عليها الحكومة؛ حيث ستخلق المساعدات الواردة إلى سوريا فرصًا للشركات في مناطق سيطرة النظام. ورغم أن المناطق الأكثر تضررًا تقع خارج سيطرة حكومة "الأسد"، إلا أن الجزء الأكبر من المساعدات يتدفق إلى مناطق سيطرة النظام، بسبب مشاكل لوجستية على طول الحدود التركية.

في هذا الإطار، أدى تدفق المساعدات الإنسانية الأجنبية عقب الزلازل إلى زيادة المعروض من النقد الأجنبي في النظام المالي السوري، ما عزز يد السلطات النقدية. من جهة أخرى، فإن السيطرة على تدفقات المساعدات تمنح "الأسد" نفوذًا سياسيًا يمكن أن يتحول في النهاية إلى مكاسب على الأرض، وينطبق هذا بشكل خاص على إدلب، المحافظة الحدودية مع تركيا والتي تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام".

وفي ظل استمرار تدفق غالبية المساعدات إلى مناطق سيطرة النظام، فإن ذلك سيمثل فرصة للحكومة لخفض تدفقات المساعدات إلى مناطق سيطرة المعارضة، ما يزيد من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية ويحتمل أن يؤدي إلى اضطرابات محلية، في محاولة لتحدي سيطرة "هيئة تحرير الشام" على المنطقة. ومن هنا، يُتوقع أن تواصل الحكومة السورية فرض سيطرتها على المساعدات للضغط على إدلب. ومن المرجّح أيضًا أن يتبع ذلك استئناف الهجمات على طول خط المواجهة، لكن الجيش السوري سيظل أضعف من أن يستعيد السيطرة على المنطقة في الوقت الحالي.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيت

الرياض تعود تدريجياً لتقود المنطقة وستحافظ بكل قوة على المسار الدبلوماسي لمواجهة التهديد الإيراني

بذل القادة الأوروبيون جهودًا كبيرة لتعزيز مكانتهم في الخليج منذ عام 2021، لكن لتحقيق أقصى استفادة من هذه الجهود لا بد أن يدركوا تمامًا تلك التحولات الجيوسياسية التي حدثت في الخليج خلال الأشهر القليلة الماضية. وأحد هذه العوامل هو "عودة" السعودية قائدةً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلًا عن ابتعادها عن التقلبات التي شهدتها الفترة من 2015-2018. كما ينبغي على الأوروبيين التجاوب مع عزم الرياض الواضح على أن تصبح أول منفذ اتصال في المنطقة، للقادة الذين يرغبون في مناقشة الجغرافيا السياسية والاقتصادية.

في الواقع، ورغم الاختلافات في الوزن الجيوسياسي، فإن الإمارات هي اللاعب الوحيد الآن في المنطقة الذي لديه القدرة الاستراتيجية على التنافس مع السعودية، وربما يكون هذا هو السبب في الاضطرابات التي تعتري أحيانًا العلاقة الطويلة بين زعيمي الدولتين، بن سلمان وبن زايد، الذيْن يبدو أنهما في أقل مستوى الآن من التواصل والتنسيق، على خلاف السنوات القليلة الماضية.

لقد أدت "رؤية 2030" إلى تغييرات شاملة في المجتمع السعودي؛ حيث أصبحت البلاد أكثر ليبرالية على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، حتى أصبحت تُعرف الآن بأنها المركز الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد كان قرار صندوق الاستثمارات العامة السعودي عام 2022، بإنشاء ست قنوات تمويل يتم من خلالها توجيه 24 مليار دولار إلى كل من مصر وعُمان والعراق والأردن والسودان والبحرين، من أوضح المؤشرات على استراتيجية الرياض لتوسيع قوتها الناعمة في هذه الدول وخارجها. كما إن القادة السعوديين عازمون على محاربة الفساد وتحصيل عائد على استثماراتهم، من خلال ربط الأموال بالإصلاحات التي يقرها صندوق النقد الدولي، وهو ما يعني أن المقاربات السعودية والأوروبية للاستثمارات الإقليمية أصبحت الآن أكثر اتساقًا. وبالتالي، ينبغي على الأوروبيين أن يظلوا يقظين بشأن المدى الذي ستدفع به الرياض مصلحتها الذاتية السياسية الضيقة كجزء من شروط المساعدة.

رغم كل ذلك، لا يزال التهديد الأكبر للطموحات السعودية هو التصعيد المحتمل مع إيران، بينما يشير الحديث المتداول في الرياض إلى أن القادة السعوديين سيستميتون في الحفاظ على المسار الدبلوماسي مع طهران؛ أي الاستراتيجية المزدوجة للاحتواء من خلال الضغط الأقصى لعقوبات جديدة والمشاركة من خلال محادثات خفض التصعيد. وقد ترد إيران على تلك الضغوط بهجمات مماثلة لتلك التي حدثت عام 2019، لكن ليس من الواضح إذا كانت قنوات الاتصال الخلفية بين البلدين، أو القدرات الدفاعية السعودية المعززة حديثًا يمكن أن تمنع ذلك، لكن مع هذا لا تزال الرياض ترى أن التوصل لاتفاق شامل مع إيران يمثل نهاية لعبتها. في المحصلة، فإن نهج الاحتواء وخفض التصعيد يمثل تحولًا كبيرًا في الاستراتيجية الإقليمية للمملكة، ويستند إلى اعتقاد قادتها أنه لم يعد بإمكانهم الاعتماد على الولايات المتحدة لدعمهم.

يوروبيان كاونسل أون فورين ريليشنز

التكامل الدفاعي سيعيد صياغة التحالف بين أمريكا ودول الخليج ويحدد مدى قدرة الأخيرة على العمل الجماعي

تعمل الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي على دمج الأنظمة الدفاعية بينهما، وإن لم يوجد جدول زمني محدد إلا أن الاتجاه الاستراتيجي واضح، كما أكدته مجموعات العمل الدفاعية الأمريكية الخليجية التي اجتمعت في الرياض في الفترة من 13-16 شباط/ فبراير من هذا العام. وهذا يستلزم أن يكون الطرفان شركاء حقيقيين من خلال معالجة التهديدات الأمنية المشتركة معًا؛ فليس من قبيل الصدفة أن تكون الموضوعات الرئيسية التي نوقشت في الاجتماع، هي الدفاع الجوي الصاروخي والأمن البحري وإيران ومكافحة الإرهاب.

بالنسبة لدول الخليج، فإن التكامل الدفاعي يعني دعم السياسات الخارجية الموجهة نحو الاستقلال الذاتي والبقاء في طليعة الابتكارات التكنولوجية، دون التراجع عن الخيار متعدد الأقطاب في العلاقات الدولية. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن تعزيز التكامل الدفاعي يعتبر فرصة لتحقيق نوع من التوازن الاستراتيجي بين الانسحاب والتواجد في الشرق الأوسط، ما يقلل من مساحات الاختراق العسكري الصيني والروسي؛ فبدلًا من بناء قواعد عسكرية جديدة، يريد الأمريكيون بناء تحالفات قادرة على التعامل مع الأمن الإقليمي.

بالمقابل، ورغم وجود السياق الملائم، فإن الطريق نحو التكامل الدفاعي الفعال بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون لا يزال مليئًا بالعقبات؛ ويتمثل العامل الرئيسي في التعاون الحقيقي بين دول الخليج، هو في تبادل المعلومات الاستخباراتية ومعلومات الرادار للتصدي المشترك للتهديدات الأمنية. وقد كان الخلاف الخليجي مع قطر عام 2017 ذروة موسم طويل من المنافسة وانعدام الثقة بين دول المجلس، ولن تتحقق أهداف التكامل الدفاعي دون تغيير في طريقة التفكير هذه؛ حيث ما زالت المؤسسات الخليجية تفضّل العمل الثنائي بدلًا من العمل الجماعي مع الولايات المتحدة والشركاء الأجانب. لكن محاضر أحد الاجتماعات أكدت أن "دول مجلس التعاون الخليجي والدول الأعضاء ستبني بنية أكثر تشابكًا لتعزيز الدفاع الجماعي في الخليج"، وبالتالي فمع تبني سياسة تعدد الأطراف (العمل الجماعي المشترك)، قد تكون الشؤون الدفاعية المجال الأول لاختبار فعالية ذلك التعاون بين دول الخليج.

آي إس ﭘي آي

العراق سيواصل مشروعات الطاقة مع السعودية والإمارات رغم عداء الفصائل الشيعية لهما

وقّع العراق مذكرة تفاهم أمنية مع السعودية في الـ19 من شباط/ فبراير الماضي، هي الأولى من نوعها منذ 40 عامًا، كما وقّعت شركة نفط الهلال الإماراتية في الـ21 من الشهر نفسه ثلاثة عقود لتطوير حقول النفط والغاز في محافظتي البصرة وديالى. وتشير الزيارات المتبادلة التي قام بها مسؤولون عراقيون إلى كل من السعودية والإمارات إلى نية الحكومة مواصلة سياسة الانفتاح مع جيرانها الخليجيين، بهدف تنفيذ مشاريع الطاقة المتفق عليها في ظل الحكومة السابقة، بما فيها الربط الكهربائي وتسهيل استئناف المحادثات الإيرانية السعودية في بغداد، والتي ستُستأنف قريبًا وفقًا لبيان صدر عن رئيس الوزراء العراقي، محمد الشياع السوداني.

ورغم العداء العلني لكل من السعودية والإمارات من قبل بعض الفصائل الشيعية المسلحة المنضوية في "الإطار التنسيقي"، ورغم التهديد الأخير الذي وجهه زعيم "حزب الكتائب"، أبو علي العسكري، للسعودية في الـ18 من شباط/ فبراير الماضي بـ"نقل المعركة إلى الفناء الخلفي لآل سعود"، إلا أنه من غير المرجح إثناء الحكومة العراقية عن متابعة المشاريع مع المملكة والإمارات، وذلك لتلبية حاجتها المتزايدة من الكهرباء ولموازنة الضغط الأمريكي على الحكومة لتقليل اعتمادها على إيران.

ولا يُرجّح أيضًا أن يتم استهداف المشاريع والأصول الخليجية داخل العراق خلال فترة ولاية "السوداني"، نظرًا لعدم رغبة معظم الفصائل في تقويض حكومة ترتبط بها ارتباطًا وثيقًا، ونظرًا للمصلحة المحتملة في تأمين طموحاتهم السياسية الخاصة.

آي إتش إس ماركت

من غير المرجح أن تسرّع مسقط العلاقات الثنائية مع تل أبيب للحفاظ على توازن علاقتها مع طهران

أعلنت هيئة الطيران المدني العمانية في الـ23 من شباط/ فبراير الماضي أن مجالها الجوي مفتوح أمام جميع شركات الطيران، (بما فيها ضمنًا الشركات الإسرائيلية)، ما جعل عمان تتماشى مع بند عدم التمييز الوارد في اتفاقية شيكاغو لعام 1944، رغم أنها كانت قد حظرت سابقًا تحليق شركات الطيران "الإسرائيلية". ومع ذلك، من غير المرجح أن تسرّع مسقط العلاقات الثنائية مع تل أبيب، لكن المبادرة ستتيح المزيد من التعاون الجوي والبحري "الإسرائيلي" في المنطقة، وتوحيد سياسة عمان مع سياسة دول الخليج الأخرى، بما فيها السعودية التي فتحت أيضًا مجالها الجوي لجميع الرحلات الجوية في تموز/ يوليو 2022 بموجب اتفاقية شيكاغو نفسها.

لقد توقعت الحكومات الغربية أن تحذو عُمان حذو الإمارات بعد أن فعلت ذلك كل من البحرين والمغرب والسودان وقامت بتطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، لكن الحكومة العمانية لطالما قاومت مثل هذه المبادرات؛ وقد ظهر ذلك جليًا في تصويت المجلس التشريعي العماني في الرابع من كانون الثاني/ يناير الماضي، بتجريم العلاقات مع "إسرائيل"، الموصوفة بالكيان الصهيوني، والذي وسع نطاق المقاطعة الموجودة مسبقًا من خلال تضمين تجريم التعامل مع "الإسرائيليين" شخصيًا أو عبر الإنترنت. ومن المحتمل أن تكون هذه المقاطعة الموسعة نابعة من رغبة الحكومة في تبني سياسة الموازنة بين التنازلات لصالح "إسرائيل"، وبين السياسات التي ترضي إيران وتحافظ على بقائها كوسيط بين طهران وجماعة الحوثي باليمن ودول الخليج الأخرى.

آي إتش إس ماركت

تعامل العراق مع الصين بعملتها "الرينمينبي" سيخفف الضغط الأمريكي على بغداد سياسيًا واقتصاديًا

أعلن البنك المركزي العراقي عن خطط للسماح بدفع الواردات من الصين بالرنمينبي (العملة الرسمية للصين)، ما يشير إلى الابتعاد عن الاستخدام الحصري للدولار الأمريكي لشراء الواردات الصينية. ومن المتوقع أن يخفف هذا القرار من نقص الدولار المزعزع للاستقرار على المدى القصير، رغم أن هذا يعتمد على مدى توافر الرنمينبي في النظام المصرفي العراقي، والذي لا يُرجح أن يكون مرتفعًا.

على المستوى السياسي، يدعم هذا الموقف "الإطار التنسيقي" الذي يسيطر عليه الشيعة والمدعوم من إيران، والذي يُعتبر القاعدة البرلمانية لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وحكومته التي تنظر إلى الصين على أنها وسيلة للحد من النفوذ السياسي والاقتصادي الأمريكي في العراق. ومن هنا، فمن المتوقع أن تظل العلاقات الاقتصادية العراقية الصينية في تطور مستمر خلال الفترة من 2023-2027؛ حيث ستنفذ الصين مبادرة الحزام والطريق، والتي يُرجح أن تعزز الاستثمار في البنية التحتية. بالمقابل، لا يُتوقع أن تكون حيازة العراق الحالية من الرنمينبي كافية لتخفيف النقص في الدولار على المدى القصير، لكن يُرجح أيضًا أن يحصل سوق الدولار على دفعة قوية مع تزايد اعتماد العراق على الواردات الصينية.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيت

الزلزال الأخير واحتمالية تأثيره على نتائج الانتخابات التركية قد يدفع أنقرة إلى ترك الحياد بشأن الحرب الروسية الأوكرانية

منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، برزت تركيا كأحد اللاعبين الرئيسيين في الصراع، وهذه ليست مفاجأة؛ فأنقرة قوة رائدة في البحر الأسود وتسيطر على المضائق التي تربطها بالبحر المتوسط. وعلى مدى العقود الماضية، طورت تركيا علاقات مكثفة ومعقدة مع روسيا، وإن كانت العلاقة غير متكافئة؛ وفي الوقت نفسه، اقتربت أنقرة بشكل متزايد من كييف، فيما يُنظر إلى تعاونها الدفاعي والسياسي القوي على أنه وسيلة لاحتواء النفوذ الروسي في منطقة البحر الأسود.

رغم ذلك، وعلى عكس دول مثل الهند أو جنوب أفريقيا، فإن اندماج تركيا مع الكيانات السياسية والاقتصادية والأمنية الغربية أعمق بكثير، وهو ما يجعل الضغط الغربي على أنقرة أقوى وربما أكثر فعالية؛ فعلى سبيل المثال، رضخت البنوك التركية لضغوط الولايات المتحدة في أيلول/ سبتمبر الماضي، وتوقفت عن العمل مع نظام الدفع الروسي "مير". ووفقًا لمحلل مالي، فإن التهديد بالاستهداف بالعقوبات الثانوية وحدها، مثل حظر استخدام الدولار الأمريكي، قد يكون له عواقب وخيمة على البنوك التركية التي تعتمد على اقتراض الدولار من مقرضين دوليين.

من جهة أخرى، فإن زلزال شباط/ فبراير الذي أسفر عن أكثر من 40 ألف ضحية جنوب شرق تركيا وشمال سوريا، يمكن أن يعرّض بقاء نظام "أردوغان" للخطر. وإن كان من السابق لأوانه التنبؤ بالعواقب السياسية لهذه المأساة، إلا أن المطّلع على السياسة التركية سيتذكر تداعيات زلزال إزميت عام 1999، والأزمة الاقتصادية عام 2001 على النخب السياسية الحاكمة حينئذٍ التي تم التصويت ضدها عام 2002. ومع الضغط الغربي بتصعيد تطبيق العقوبات، ووسط احتمال هشاشة النظام التركي الذي اعتمد على المساعدة الدولية بعد الزلزال، خصوصًا الغربية، فإن استمرار موقف تركيا المحايد بشأن أوكرانيا غير مؤكد.

إن المخاطرة عالية بالنسبة لأنقرة، وهو ما يفسر تعاطيها مع طرفي الصراع؛ فبينما تدين الغزو الروسي وتُظهر التضامن مع أوكرانيا، إلا أنها حافظت على موقف محايد يسمح لها بجني بعض الفوائد من هذا الوضع، لكن يبدو أن هذا الموقف لن يستمر طويلًا.

آي إس ﭘي آي