مرصد التنبؤات الغربية 20 فبراير 2023

الساعة : 15:06
20 فبراير 2023
مرصد التنبؤات الغربية 20 فبراير 2023
الدعم المالي الخليجي سيقيّد سياسة مصر الخارجية في بعض ملفات المنطقة مثل تركيا وليبيا وتونس

إن اعتماد مصر على دول مجلس التعاون الخليجي للحصول على دعمها المالي على الأغلب سيقيد سياستها الخارجية؛ ففي حين سيوفر صندوق النقد الدولي لمصر حوالي أربعة مليارات دولار في شكل تمويل مباشر، سيأتي حوالي 14 مليار دولار من دول الخليج في شكل قروض واستثمارات ثنائية ومتعددة الأطراف، حيث من المفترض أن يساعد ذلك في تخفيف الضغط على الجنيه المصري، الذي كان أحد أسوأ العملات أداءً خلال عام 2022 واستمر في الانخفاض حتى بداية عام 2023. لكن اعتماد مصر على الدعم الخارجي ستكون له عواقب وخيمة؛ فإذا كان الدعم المالي من صندوق النقد الدولي سيتطلب من مصر تنفيذ إجراءات مالية مؤلمة، فإن تمويل دول الخليج سيتطلب سحب الاستثمارات من الأصول المملوكة للدولة والجيش، ويفرض قيودًا كبيرة على السياسة الخارجية للبلاد.

فعلى الصعيد السياسي الإقليمي، من المرجح أن اعتماد مصر على رأس المال الخليجي سيدفعها لخفض التوترات مع تركيا، وتقليص مشاركتها في كل من ليبيا وتونس؛ حيث ستضغط دول مجلس التعاون على القاهرة لتحسين علاقاتها مع أنقرة التي ظلت أكثر من عشر سنوات في حالة توتر. وعلى مدار العامين الماضيين، قامت كل من الإمارات والسعودية بإصلاح العلاقات مع تركيا، تماشيًا مع اتجاه المصالحة الإقليمية، بينما تتمتع قطر، التي شهدت أيضًا تحسنًا في علاقاتها مع مصر جزئيًا بسبب حاجة القاهرة للتمويل، بعلاقات قوية مع أنقرة.

فمن وجهة نظر أبو ظبي والرياض، سيسمح خفض التوترات في المنطقة بشكل عام بجني الفوائد الاقتصادية والتجارية؛ حيث ستتحسن مشاعر المستثمرين تجاه المنطقة وتقل المخاطر المرتبطة بالاستثمار والعمل في مصر. على هذا النحو، وبينما ستستمر مصر في اعتبار سياسة تركيا الخارجية معادية لها، خاصةً شرق المتوسط، من المرجح أن تمارس دول الخليج بعض الضغوط على القاهرة للتوصل إلى نوع من الترتيبات التصالحية مع أنقرة، وهو ما قد يدفع مصر لنزع فتيل التوترات مع تركيا.

ومن المرجح أيضًا أن الضغط الذي ستمارسه دول الخليج، إلى جانب تحسين العلاقات مع تركيا، سيحدّان من انخراط مصر في ملفي ليبيا وتونس. كما يُتوقع أن يدفع ذلك مصر إلى تبني لهجة أكثر تصالحية تجاه فصائل غرب ليبيا. وفي تونس، يُعتقد أن قطر ستحثّ مصر على تقليص معارضتها السياسية لـ"حركة النهضة الإسلامية"، وهو ما قد يؤدي إلى تغطية إعلامية أقل سلبية للحركة، فضلًا عن انخفاض الدعم الاستخباراتي للرئيس "قيس سعيد".

فيتش سوليوشنز

محاولة إصلاح الأزمات الاقتصادية في مصر والأردن وتونس تهدد بتفشي الاضطرابات المدنية

تكافح الاقتصادات المعتمدة على الاستيراد في جميع أنحاء المنطقة، خصوصًا في مصر والأردن وتونس، لتبقى قادرة على الوفاء بديونها مع استمرارها في مواجهة تكلفة صدمة أسعار السلع الأساسية التي أصابتها العام الماضي، واستمرار هروب رؤوس الأموال. رغم ذلك، لا يُتوقع عجز تلك الدول عن سداد الديون السيادية؛ إذ من المقرر أن يُبقي كل من البترودولار الخليجي ومساعدات صندوق النقد الدولي أضعف تلك الاقتصادات واقفة على قدميها، لكن الحكومات ستحتاج مع ذلك إلى كبح الإنفاق للوفاء بشروط الصندوق. وستؤدي تلك التخفيضات إلى زيادة التدهور في العقد الاجتماعي المتهالك أصلًا في جميع أنحاء المنطقة، ما يهدد بتفشي الاضطرابات المدنية، التي ستدفع الشركات المتواجدة في البلدان المتضررة إلى الخروج من الأسواق.

في هذه الأجواء، تواجه مصر بالفعل رياحًا معاكسة مع انتقالها إلى سعر صرف مرن، كجزء من حزمة الإصلاحات التي يفرضها صندوق النقد الدولي. ورغم أن مرونة أسعار الصرف قد تخفف من تراكم الواردات في موانئ مصر وتجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، إلا أن المعاناة الآنية هي انخفاض قيمة العملة والارتفاع المؤلم في تكلفة المعيشة، والذي سيؤدي لتدهور أداء مصر على ركيزة التضخم في مؤشر الاقتصاد الكلي الديناميكي.

فيريسك أناليتيكس

توقعات بانخراط إدارة بايدن في قضايا الشرق الأوسط بشكل متزايد وأن تعطي أولوية لعلاقتها مع إسرائيل

تعليقًا على توجهات الكونجرس تجاه المنطقة خلال الفترة القادمة، تقول "فيكتوريا كوتس"، محللة الأمن والسياسة الخارجية في "مؤسسة التراث"، وهي أيضًا عضو سابق في مجلس الأمن القومي في فريق "ترامب" الرئاسي: "أتوقع أن يهتم الكونجرس بالمنطقة بأكملها حيث يبدأ الجميع في التطلع إلى عام 2024". وتضيف "كوتس" أن "الكونجرس قد يسعى لإعطاء أولوية أقوى من أي وقت مضى للعلاقة مع "إسرائيل"، والالتزام بكل من التعاون الأمني والطاقة مع الخليج، والوضوح الشديد بشأن شكل المشاركة التجارية مع الصين إذا أعطت هذه الدول الأولوية للحفاظ على التعاون المذكور". ومن هنا فإن سياسات الكونجرس والانتخابات قد يدفعان الرئيس "بايدن" إلى اتخاذ إجراءات أكثر جرأة، مثل اتخاذ موقف أكثر تشددًا ضد إيران.

وعلى الصعيد الإقليمي، ففي حين تبذل حركة "حماس" التي تحكم قطاع غزة قصارى جهدها لتحل محل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، فإن الاقتصاد الفلسطيني يمكن أن ينهار، في حين لا يزال لبنان هشًا بشكل لا يصدق، وبالتالي قد يجبر عدم الاستقرار الدراماتيكي هذا الولايات المتحدة على المشاركة بشكل مباشر أكثر مما ترغب.

وفيما يتعلق بالمشروع النووي الإيراني، ترى "كوتس" أنه "إذا بدأ المرشد الأعلى يشعر بالتهديد الجاد بسبب الاضطرابات المستمرة ومشاكله الاقتصادية الشاملة، فيمكن أن يقرر إيقاف المشروع النووي لفترة مؤقتة لتحقيق وضع يشبه كوريا الشمالية". لكن موت المرشد "علي خامنئي" قد يدفع لاتخاذ قرار بأن تصبح لدى إيران قوة نووية معلنة، وهذا قد يجبر الولايات المتحدة على التوصل إلى خطة بديلة لاستئناف الاتفاق الإيراني.

جيوبوليتيكال إنتيليجنس سيرفيس

توقعات بأن تشهد منطقة الخليج سلسلة هجمات على البنى التحتية للطاقة خلال الفترة القادمة

لقد تطلع مستوردو النفط والغاز إلى الشرق الأوسط العام الماضي على أمل زيادة الإمدادات لخفض أسعار الطاقة، ورغم خطط كل من السعودية والإمارات وقطر لتعزيز الطاقة الإنتاجية، فلن تقدم المنطقة أي حلول سريعة لأزمة الطاقة العالمية خلال عام 2023، وستكون المنافسة على العرض شرسة بينما الأمر الأكثر إلحاحًا هو أن خطر الاضطراب آخذ في الارتفاع.

فمع توقف المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران فعليًا واستمرارها شكليًا، من المتوقع أن تتكثف الهجمات ضد البنى التحتية للشحن والطاقة في الخليج العربي وحوله. وقد كان من الممكن السيطرة على الهجمات التي شنتها الجماعات المدعومة من إيران في المنطقة خلال ذروتها عام 2019، لكن أسواق الطاقة أصبحت أضيق الآن، وستشهد موجة مماثلة من الهجمات بقوة أكبر، وبالتوازي من المقرر أن تزداد أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب، خاصةً إذا اتجهت إيران نحو عمليات أكثر ضررًا.

فيريسك أناليتيكس

الأردن سيضع تطوير العلاقات الدبلوماسية مع حكومة نتنياهو على رأس أولوياته

قام رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، بنيامين نتنياهو، بزيارة مفاجئة إلى الأردن في الـ24 من كانون الثاني/ يناير الماضي، والتقى العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، لمناقشة القضايا الإقليمية إلى جانب التعاون الاقتصادي والأمني. ومن المتوقع أن تظل العلاقات الثنائية إيجابية على المدى المتوسط، لكنها قد تواجه ضغوطًا متزايدة مع تصاعد العنف "الإسرائيلي" ضد الفلسطينيين. فقد تطورت العلاقات الثنائية بين الطرفين بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة رغم العداء العام في الأردن.

 من جهة أخرى، من المتوقع أن تنمو عمليات نقل المياه "الإسرائيلية" لتشكل ما يقرب من 25% من الاستخدام السنوي للأردن، حيث تسعى المملكة لمعالجة ضغوط الإمداد المتزايدة؛ بعد أن أصبحت تعتمد بشكل متزايد على "إسرائيل" في نقل المياه لمواجهة نقصها المتفاقم.

بالمقابل، لا يزال الشعب الأردني يرقب تصاعد العنف في الأراضي الفلسطينية، لا سيما في ظل الوصاية الأردنية على جميع المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وأي انتهاك لهذا الوضع، بما في ذلك منع وصول السفير الأردني لدى "إسرائيل" إلى الموقع في وقت سابق من كانون الثاني/ يناير الماضي، قد يثير اضطرابات داخلية في الأردن. ففي السابق، ساهم الضغط على الحكومة لإنهاء التعاون مع "إسرائيل" في تأجيل المشاريع الرئيسية، بما فيها مخطط نقل مياه بقيمة عشرة مليارات دولار يربط الأردن و"إسرائيل" وفلسطين، والذي سيوفر في النهاية للأردن 800 مليون متر مكعب سنويًا.

في ظل هذه المعطيات، يُتوقع أن يكون للأردن الأولوية في الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل"، حفاظًا على اتفاقيات نقل المياه واحتمال توثيق العلاقات الاقتصادية. لكن رغم ذلك، من المرجح أن يؤدي اشتداد العنف في "إسرائيل" والضفة الغربية، والمضي قدمًا في السياسات التي تعتبر معادية للفلسطينيين، إلى تأخير تنفيذ المشاريع الحالية والمستقبلية في الفترة من 2023 إلى 2027.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيت

الانتخابات التركية القادمة ستتأثر بشكل كبير بمدى نجاح الحكومة في ترميم آثار الزلزال

تعتبر الولايات التركية العشر التي ضربها الزلزال الأخير موطنًا لحوالي 13.5 مليون نسمة، أي ما يقرب من سدس سكان تركيا، وتمثل حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي. ورغم أنه من السابق لأوانه تقييم مدى الضرر الذي أصابها، إلا أنه يبدو أن الخسائر البشرية والأضرار التي لحقت بالطرق والمباني والبنى التحتية ستكون ضخمة. من جهته، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حالة الطوارئ التي ستمكّنه من إصدار مراسيم بقوانين، بشرط تقديمها إلى البرلمان للمصادقة عليها، ورغم وجود أسباب عملية جوهرية تبرّر إعلان حالة الطوارئ، إلا أن أحزاب المعارضة الرئيسية تتخوف من أن يستخدمها الرئيس لعرقلة جهود الإغاثة من قبل البلديات والمنظمات القريبة من المعارضة، أو لإسكات الانتقادات الموجهة لإدارة الحكومة للكارثة. من جهته، وضع "أردوغان" نفسه بقوة على رأس جهود الإغاثة، وقد يأمل في أن تدفع الأزمة مؤيديه والناخبين "العائمين" (غير المسيّسين) إلى الالتفاف حوله قبل الانتخابات.

بالمقابل، فإن الجودة المنخفضة للعديد من المباني، إضافةً إلى الفساد الذي دفع بعض المقاولين لتجاهل اللوائح المصَمّمة لزيادة مقاومة الزلازل على مدى العقدين الماضيين عندما كان "أردوغان" في السلطة، كل هذا قد يضر بمحاولة إعادة انتخابه. وقد حذر خبراء من هذه المشكلة منذ سنوات، لذلك قد يكون هناك بعض الإضرار بسمعة الرئيس، وإذا لم تتصدر جهود الإنقاذ وإعادة الإعمار فإن فرصه في الفوز بالانتخابات ستنخفض بشكل كبير.

من جهة أخرى، فإن الناخبين، خصوصًا في المناطق المتضررة، سيذهبون إلى صناديق الاقتراع في مزاج كئيب؛ فقد كانت هناك بالفعل انتقادات كثيرة لحالة استعداد تركيا للزلزال وقلة جهود الإنقاذ والإغاثة في أعقابه مباشرة، ومع ذلك فقد بدأت تحقيقات مع اثنين من الصحفيين لانتقادهما استجابة الدولة للزلزال. وإذا كان "أردوغان" يخشى الهزيمة في الانتخابات، فمن المحتمل أن يمدّد حالة الطوارئ وأن يستخدمها لتأجيل الانتخابات، أما إذا تم بالفعل رفع حالة الطوارئ بعد ثلاثة أشهر، فسوف تنتهي قبل فترة وجيزة من الانتخابات.

في النهاية، من المتوقع أن يستفيد "حزب العدالة والتنمية" الحاكم ورئيسه "أردوغان" من تجمع الأتراك حول علم بلادهم، خاصةً وأن "أردوغان" يسيطر على وسائل الإعلام. ورغم أن تغطية تعامل الحكومة مع الكارثة من المرجّح أن تكون إيجابية، إلا أن حالة عدم اليقين ازدادت وقد يتحول الرأي العام ضد "أردوغان" إذا لم تكن الاستجابة للزلزال سريعة.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيت

كل محاولات سعيد لن تفلح في إرساء دعائم حكمه لتونس في ظل عداوة الشعب لمشروعه

أجرت تونس في الـ29 من كانون الثاني/ يناير الماضي الجولة الثانية من انتخاباتها النيابية، وسط نسبة مشاركة بلغت فقط 11.3% من عدد الناخبين، وهي نسبة مماثلة لنسبة المشاركة في الجولة الأولى، ما زاد من إضعاف شرعية الرئيس "قيس سعيد"،

من المتوقع أن تتصاعد المواجهة السياسية وعدم الاستقرار الاجتماعي مع تزايد معارضة حكم الرئيس التونسي "قيس سعيد "، إذ إن نسبة المشاركة المنخفضة للناخبين في الانتخابات الأخيرة تدل على مدى الخلاف بين مشروع "سعيد" السياسي وقطاع متزايد من المجتمع التونسي؛ فرغم أن الرئيس حاول بالقوة تحويل نظام الحكم إلى نظام رئاسي قوي، إلا أن عدم قدرته على التعامل مع التحديات الاقتصادية المتنامية قد قوّضت دعمه بسرعة بين التونسيين، الذين يواجهون تضخمًا متزايدًا وندرة في المواد الغذائية وصعوبات اقتصادية.

وقد حاول "سعيد" تصوير ضعف المشاركة الانتخابية كدليل على أن التونسيين فقدوا الثقة في البرلمان كهيكل تشريعي، كما عين أحد رجال الجيش، العميد عبد المنعم بلاتي، وزيرًا للزراعة، في خطوة تشير إلى محاولاته المتزايدة لترسيخ الولاءات داخل القوات المسلحة. ومن المتوقع أيضًا أن يُجري تغييرات إضافية في مجلس الوزراء، لكن ليس من المحتمل أن يؤدي كل هذا لتحسين فعالية المؤسسات أو تعزيز دعمه الشعبي خلال الأشهر المقبلة.

إن كل هذه المحاولات من قبل "سعيد" لن تمنحه فترة راحة من رد الفعل الاجتماعي وتصاعد المواجهة السياسية؛ فرغم أن أحزاب المعارضة وجماعات المجتمع المدني و"الاتحاد العام التونسي للشغل" (النقابة العمالية الرئيسية القوية)، لا يزالون على خلاف حول كيفية مواجهة حكم "سعيد"، إلا أنه يُتوقع أن تشجع نتائج الاستطلاع الأخيرة على تقوية التنسيق بينهم. كما إن التصعيد السياسي سيزداد بعد إلقاء القبض مؤخرًا على مسؤول "الاتحاد العام التونسي للشغل"، أنيس الكعبي، بسبب إضراب عمال أكشاك الطرق السريعة، خصوصًا في ظل التوقع بأن تقْدِم السلطات على احتجاز شخصيات معارضة أخرى أو نشطاء عماليين يروجون للإضرابات.

من جهة أخرى، من المرجح أن تؤدي إجراءات التقشف المرتبطة باتفاقية القرض مع صندوق النقد الدولي، الذي تبلغ قيمته 1.9 مليار دولار، إلى تسريع شلل أجزاء كبيرة من الاقتصاد بسبب الاضطرابات الاجتماعية والعمالية. وبالتالي، فإن احتمالات الاستقرار السياسي ضئيلة على المدى القصير، ويبدو أن جهود الرئيس لتوطيد النظام قد فشلت، لكن قوى المعارضة لم تطرح بعد خيارًا موثوقًا أو خريطة طريق لتحل محله. ورغم أنه من المتوقع حاليًا بقاء "سعيد" في السلطة، إلا أن الاضطراب المتزايد سيقلص من شعبيته بشكل متزايد؛ وقد تعمل قوى المعارضة على الإطاحة به من خلال ضغط الشارع على مدى الأشهر المقبلة، أو شن حملة ذات مصداقية للإطاحة به في الانتخابات الرئاسية عام 2024.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيت

الجزائر ستستخدم استقرارها الداخلي المتوقع على المدى القريب في تقوية نفوذها الإقليمي خاصةً في مواجهة إسرائيل

من المرجّح أن تشهد الجزائر استقرارًا سياسيًا على المدى القريب، وهو ما سيعطي الحكومة مساحة أكبر للتركيز على السياسة الخارجية. فقد انتعش الاقتصاد الجزائري من خلال ارتفاع عائدات الطاقة خلال عام 2022، فيما يزداد الطلب الأوروبي على الغاز الجزائري بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. كما إن ميزانية الجزائر لعام 2023 هي أكبر ميزانية في تاريخ البلاد على الإطلاق، ما يسلّط الضوء على مقدار الاستفادة من ارتفاع عائدات الطاقة عام 2022، ما سيسمح للحكومة بتحويل الإيرادات إلى السكان على شكل توسيع نطاق الفوائد والإعانات، وهو ما سيحدّ بدوره من مخاطر الاحتجاجات ذات الدوافع الاقتصادية.

على الصعيد السياسي، تتمتع الجزائر بالاستقرار وتوازن القوة الدقيق للحكومة بين الجيش القوي والرئاسة والقلة التي تؤثر في المشهد من وراء الكواليس، وبالتالي لا تظهر أي بوادر للقلاقل في المستقبل القريب. وستستخدم الدولة بعضًا من مكاسبها الاقتصادية غير المتوقعة للارتقاء بمظهرها الإقليمي وحماية أمنها القومي؛ حيث تجري الجزائر العاصمة حاليًا محادثات بشأن زيادة صادراتها من الغاز والكهرباء إلى تونس وليبيا بأسعار مخفضة، في الوقت الذي تكافح فيه الجارتان لتوفير الطاقة بينما تريد الأولى تحقيق الاستقرار في جارتيها لمنع امتداد عدم الاستقرار إلى أراضيها.

على صعيد إقليمي أبعد، تخطط الجزائر لمواصلة استضافة الفصائل الفلسطينية المتناحرة، "حماس" و"فتح" وغيرهما، للتوسط في اتفاق للخروج من مأزق الانقسام وبناء مواجهة أقوى ضد "إسرائيل". وهذا سيساعد في تحقيق حاجة جزائرية أساسية لدعم حركة عدم الانحياز، (جهود ما بعد الاستعمار ترفض الحاجة المتصورة إلى التوافق مع أي من القوى العالمية)، ومواجهة الحكومة "الإسرائيلية" في المنطقة. كما سيجعل ذلك الجزائر صوتًا إقليميًا قويًا إلى جانب دول البحر الأبيض المتوسط الأخرى مثل مصر وتركيا. ويمكن للجزائر أن تحاول كذلك استخدام بعض المساعدات الاقتصادية للتأثير على الدول الأفريقية والإقليمية الأخرى، التي لم تحذُ حذو الموقّعين على "اتفاقيات أبراهام" وتطبيع العلاقات مع "إسرائيل" لأسباب داخلية.

ستراتفور

الاقتصاد العراقي سيشهد تحسنًا لكن الاضطرابات السياسية ستظل تمثل خطرًا خلال هذا العام

بعد الاضطرابات التي خاضها خلال عام 2022، دخل العراق العام الجديد بنظرة أكثر تفاؤلًا، لكن لا تزال هناك مخاطر مختلفة؛ فقد واصل الدينار العراقي تراجعه مقابل الدولار الذي يتم تداوله بحوالي 1700 دينار في السوق السوداء، حيث إن تقلب العملة يمثل تحديًا لميزانية العراق لعام 2023 التي لم يتم الإعلان عنها بعد. وبعد أن تحصلت الدولة على أكثر من 115 مليار دولار من عائدات تصدير النفط العام الماضي، يُتوقع أن تكون ميزانية 2023 هي الأكبر حتى الآن، خصوصًا مع ارتفاع أسعار النفط التي تعزز الموارد المالية للبلاد. لكن رغم إجراءات السلطات لتثبيت سعر الصرف، مثل استبدال محافظ البنك المركزي، فسيستمر الدينار العراقي في التراجع أمام الدولار على المدى القصير، وسط تصاعد ضغوط العملات الأجنبية بسبب انخفاض سعر السوق.

بناءً على ما سبق، سيزداد احتمال تجدد الاحتجاجات، لأن المزيد من خفض قيمة العملة سيؤجج استياء الرأي العام. ورغم أن الموافقة على ميزانية 2023 ستؤدي لدفع عجلة الاقتصاد بعد عام من النمو الضعيف، إلا أن المناكفات السياسية وتوسيع القطاع العام المتضخم بالفعل يشكلان خطرًا على الإصلاح الاقتصادي. إلى جانب ذلك، فقد عاد "مقتدى الصدر" إلى المشهد السياسي بعد شهور من الصمت، في وقت يواصل فيه "الإطار التنسيقي" تقوية نفوذه في السياسة العراقية؛ وعلى هذا النحو، ستظل الاضطرابات المدنية والتوترات السياسية المتزايدة تشكل خطرًا خلال عام 2023.

فرونتير فيو